الأربعاء الماضي 2 سبتمبر ، مرت أربعون سنة على رحيل ذلك العبقري الذي اسمه احمد محمد ناجي دون أن يتذكره إلا القليل !
 ولماذا نتذكره؟ ونحن نعيش زمن الجحود والنسيان ؟..
 ولماذا نتذكره وقد مات ، ولم نعترف به وبعبقريته في حياته كما ينبغي، ويليق بموهبته الفذة ؟
 ربما أن الجيل الحالي لم يسمع بالناجي، كما "يدلعه" أصحابه،  وبالتالي لم يسمع ألحانه والأغنيات والأعمال التي قام بتلحينها، أو لم يعرف انه ملحنها. فهو معذور !!
 والعديد من الفنانين والموسيقيين الذين عاصروه منهم من انتقل مثله إلى العالم الآخر، ومنهم من أقعده المرض ، ومنهم من ينافح من أجل لقمة العيش في هذا الزمن الرديء ... وكل هؤلاء نلتمس لهم العذر ...!
 لكن ماعذر وزارة الثقافة، ومكتب الثقافة في عدن، ونقابة الفنانين، ونقابة المسرحيين ؟ماعذر كل هؤلاءالمسؤولين ؟  لانظن انهم لم يسمعوا بالناجي؟ ومن هو أحمد محمد ناجي ؟ حتى لا يحتفوا بالرجل ، وبارثه الموسيقي من الالحان  والمسرح الغنائي ومسرح العرائس؟..والموشح !ويعيدوا إليه بعض  الإعتبار الذي لم يحظ به في حياته القصيرة والثرية في آن ( 1945-1985).
 المرة الأولى التي سمعت فيها عن أحمد ناجي كان من الأديب والشاعر صديقي أديب قاسم في منزله . كان يتحدث عنه في كل مرة ، ويسمعني بعض ألحانه التي لحنها له وسواه، خاصة تلك التي لحنها للأطفال. وكان يشيد بموهبته ومقدرته الفذة في التلحين . ومنذ ذلك لم انس أحمد محمد ناجي ، وبعد كل هذه السنوات مازلت اذكره، ونتذاكره انا وصديقي الحميم أديب قاسم. وهذه السنة تذكرناه، واحسسنا غيابه المؤلم،عن ساحة التلحين والفن الغنائي الذي رحل اغلب رواده وفنانيه الكبار. وكانت المناسبة، أننا واديب كنا نبحث عن ملحن لنصه ولوحته الغنائية الرائعة(مركب البحر ) فكان اول من خطر على بالنا الاثنين في نفس التوقيت كما هي عادتنا كتوأمي روح ، ومعه تذكرنا غيابه ورحيله عن الدنيا قبل أربعين سنة .
لكن لم يعدم الوفاء في تلاميذه الذين
يحتفظون له بذكرى وذاكرة وذكريات لايمكن أن تنسى أبداً. ومن هؤلاء الفنان عصام خليدي ،الذي أنصفه في المقال الضافي الذي كتبه عنه في الذكرى الثانية والعشرين لغيابه في صحيفة ( 14 اكتوبر ) في عددها الصادر (١٤ مارس ٢٠٠٧م.) إذ أشاد بموهبته الفذة، ومقدرته الاستثنائية في التلحين ، واكتشاف العديد من المواهب الذين أصبحوا فنانين مشهورين . يصف عصام  مشوار الفنان المتميز أحمد محمد ناجي بالحافل بعطاءات غنائية موسيقية جميلة رائعة تنم عن ذائقة وحنكة استندت الى مرجعية موسيقية ممنهجة علمياً وثقافياً، مكنته من الطواف والتحليق بفنه وبموهبته الفذة إلى فضاءات إبداعية رحبة ساهمت بفاعلية في خدمة الغناء اليمني في الداخل والخارج. فهو العازف المتمكن على مختلف الآلات الموسيقية (والملحن الشامل ) الذي استطاع بنجاح لافت غير معهود التعاطي مع كل قوالب وأشكال الغناء والموسيقى المتداولين في الاطار المحلي والعربي .منها على سبيل المثال : المسرح الغنائي ، الغناء العاطفي ،الاوبريتات والأغاني الجماعية الوطنية والعاطفية، فن الديالوج و الغناء الفردي بكل أشكاله وألوانه، أغاني الأطفال بالاضافة إلى تقديمه وتلحينه مجموعة من (الموشحات اليمنية ) التي اتسمت بفرادتها وخصوصيتها شكلاً ومضموناً، بل وتُعد تجربته في تلحين الموشح اليمني من أهم التجارب في هذا النمط الموسيقي الغنائي في سياق الغناء اليمني المعاصر بشكل عام " بحسب عصام خليدي.
  لا نعرف الكثير عن طفولته، سوى انه مولود سنة ١٩٤٥م، ومنذ نعومة اظفاره عاش وتربى وترعرع وسط أسرة فقيرة محافظة، أين تعلم وإلى أي مستوى ؟ لاشيء عن ذلك في سيرته التي أوردها نزار القيسي تحت عنوان ( الملحن الناجي : فلتة من فلتات الزمن الذي لن يتكرر أبداً) قبل ثمانية اعوام في الذكرى الثانية والثلاثين لرحيل الأستاذ والتربوي والملحن الفنان/ أحمد محمد ناجي: "في بداية مشواره الفني عمل مع مجموعة من الشباب على تنمية مواهبهم، وشكلوا معاً فرقة فنية بعد أن تم استيعابهم في فرقة الشرطة مطلع الستينات من القرن الماضي والتي ضمت الفنانين: سعيدالشعوي،أحمدعمر العوذلي،سالم عبدالله سالم،أحمد عبدالرب تكرير ، مدهش صالح،  سلطان سيف،محمد بن محمد القحطاني، حسن كريدي. وكانت الفرقة تؤدي بروفاتها في معسكر ( armu police ). سيواصل الناجي عمله الإبداعي كعازف محترف للقانون مع "الفرقة العربية" للموسيقى والتي كان مقرها بدايةً في القاهرة بمدينة الشيخ عثمان وصنفت كفرقة أهلية. بتكليف من الرئيس سالم ربيع علي، شكل الناجي  في مطلع سبعينيات القرن الماضي فرقة موسيقية لمدرسة الزحف الأحمر ،والتي تخرج منها العديد من الشباب الذين أصبحوا اليوم من كبار الموسيقيين منهم: سالم الحطاب والذي كان قائدا للفرقة،عبدالعزيز مكرد، أنيس درهم ،عركل صالح، محمد حسين و آخرين. غنى من ألحان الناجي عدد من الفنانين المشاهير أمثال: حسن كريدي، سعيد احمد بن أحمد،أبوبكر سكاريب،/هاشم هرهرة، عبادالحسيني، فيصل الصلاحي،عصام خليدي،محمد علي محسن، أمل كعدل،وفاء أحمد سعيد.
شكل الناجي ثنائيآ مع المؤلف والمخرج المسرحي ورائد مسرح الطفل والعرائس الراحل الاستاذ أبوبكر القيسي وقدما العديد من الأعمال المسرحية التربوية الهادفة من خلال المسرح المدرسي. والحقيقة انهم كانوا (ثلاثياً وهو ماسأشير إليه لاحقاً).وفي التلفزيون كان أشهر عمل قدماه المسلسل الرمضاني المشهور( بشبوش وابوالريش) .
يعتبر أحمد محمد ناجي رائداً من رواد  التلحين، وكان صاحب مدرسة لحنية بشهادة كبار الفنانين والملحنين حينها". 
 يعد الناجي من قلة نادرة من الفنانين الذين لحنوا للأطفال. وتبدت مقدرته اللحنية التي خاضها باقتدار لافت،في مسرح العرائس، وهي التجربة التي يتحدث عنها وعنه باعتزاز شديد الضلع الأول في هذه التجربة الكاتب والشاعر أديب قاسم حيث يقول :كنا نحن الثلاثة المؤسسون لمسرح العرائس الذي أقيم في إحدى سرادقات معسكر عبدالقوي  "الليوي" سابقاً  في مدينة الشيخ عثمان .
 أديب قاسم مؤلفاً لأعمال هذا المسرح بمسرحيات: الأسد والفأر، الثعلب المكار،
 و"اوبريت" الأرنب والسلحفاة الحكيمة
التي دُشِّن بها افتتاح مسرح العرائس  عام 1983م ، وافتتحه الرئيس علي ناصر محمد. والفنان أحمد محمد ناجي ملحناً لكل تلك الأعمال ، وغيرها من أعمال الأديب والقاص الأستاذعبدالمجيد القاضي والأستاذ عبده البعيصي.  والمخرج أبوبكر القيسي الذي قام بالتمثيل مع بقية طاقم التمثيل إلى جانب الإخراج.
  ويضيف الأستاذ أديب قاسم :ولتخريج طاقم هذا المسرح عملت محاضرا لمادة أدب الأطفال بعرض نماذج لمسرحيات لافونتين ومن ضمنها مسرحية الأسد والفأر التي اشتريتها منه كأنموذج لكيفية كتابة نص مسرحي للأطفال. وكنت أحاضر من كتب بالإنجليزية عن مسرح الأطفال بعد قيامي بترجمتها إلى العربية". 
  هذا هو الناجي ، أو أحمد محمد ناجي الذي مرت الذكرى الأربعون لوفاته يوم الأربعاء الماضي 2 سبتمبر ولم نتذكره، أو تعودنا ألا نتذكره، أو ربما نسيناه ولم يذكرنا به أحد....!