بدأ الصباح هذا اليوم، على لعلعة الرصاص،  في تلك الثكنة البعيدة من المعسكر،
 وبدأ تقاطر الجنود مع أسلحتهم، واشتد أوار القتال على الجبهة،
كانت ساحةالمعسكر مليئة بخودات الجنود المحطمة، وعلى مقربة من البوابة الرئيسة تكدست المتاريس،
 ولم يتوقف إطلاق النار بعد، وكانت الحرب قد خلفت دمارا واسعا، وشوهدت مدرجات ملعب كرة القدم محطمة، وماتزال النيران مشتعلة في أماكن عدة من الجبهات.
 وماهي الا لحظات حتى انهارت لائحة المعسكر على الأرض، وهب نفر من المسلحين على سحبها إلى خارج السور ، واشتدت الريح في هذه الأثناء، وحملت روائح الموتى والبارود، وكانت الاخبار تفد من الجبهات الأخرى بتجدد اشتباكات القصف.
 وبدأ لياسر أن ينزل اسفل الوادي، ليتفقد الطريق.
 كان ياسر مايزال يعاني من تلك الشظايا في ساقه، لذا كان يسير بحذر، متذكرا خطيبته تقوى، وحفل زواجهما الذي لم يتم بعد بسبب الحرب، ويقول في سره: أن كل شيء جميل انتهى، لقد قضت الحرب على كل ماهو حسن ،ولم يعد يخيم على حياتنا الا الخواء ،وهاهي الهدنة تنتهي ليستأنف القتال مرة اخرى، فأين نفر؟ وأنت ياتقوى لك الخيار بالبقاء معي، أو الانسحاب من حياتي، وهذه الشظايا تفسد عيشي.
وبمحاذاة دبابة معطبة أسند ظهره وجلس، وازيز الرصاص يصم أذنيه، وتساءل مالحرب؟
 ماذا تريد منا ؟لقد منحناها كل نفيس نملكه، ألا تكف عجلاتها عن الدوران؟ خذي القبح ايتها الحرب واعطينا الجمال، خذي الخسارة واعطينا السلام.
وكاد يغفو على حديد الدبابة البارد. وينسج أسئلته لكائن  يراه ولا يراه.
 وإذ ذاك أخذ يصعد الطريق، والحرب قد اشتعلت في الجبهات، تاركا المعسكر خلفه، والسلاح والحب.
 ويتمتم: تبا لك أيتها ألحرب..
 وفي مساء تلك الليلة لم ينم، ورأى النجوم لأول مرة في حياته، ورأى طيورا ، تعبر الافق، إلى البعيد.