صوت عدن/صحيفة العرب : 

يتواصل في العاصمة السعودية الرياض استكمال هيكلة مجلس حضرموت الوطني على مهل وبمعزل عن الظروف الداخلية للمحافظة الواقعة بشرق اليمن وذات الأهمية الكبيرة لجهة المساحة والموقع والثراء بالموارد الطبيعية.
ووافقت هيئة رئاسة مجلس حضرموت في وقت سابق هذا الأسبوع خلال اجتماعات استضافتها الرياض على تشكيل أمانته العامة وتمّ بموجب ذلك تعيين عصام الكثيري أمينا عاما ورفعت باصريح مساعدا له لشؤون الساحل والهضبة وجمعان بن سعد مساعدا لشؤون الوادي والصحراء.
كما تم تعيين عبدالله بن عجاج رئيسا لهيئة الحكماء واختيار أحد عشر شخصا آخرين لرئاسة الإدارات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمالية.
وروعي في إقرار منصب نائبي الأمين العام تغطية مختلف مناطق المحافظة بما في ذلك منطقة الساحل الواقعة ضمن نطاق نفوذ المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب باستعادة دولة الجنوب المستقلة والتي تُعتَبر حضرموت جزءا لا يتجزّأ من نطاقها الجغرافي.
ويحيل ذلك على إحدى أهمّ الرسائل السياسية الموجّهة إلى الانتقالي الجنوبي من خلال تشكيل مجلس حضرموت الوطني والمتمثّلة في الإبقاء على حضرموت مركزا أساسيا للسلطة الشرعية اليمنية وجزءا من الجمهورية اليمنية بعد أي تسويات للملف اليمني قد تحدث بعد النهاية المفترضة للصراع الدائر حاليا.
ولا ينفصل ذلك عن رغبة سعودية قوية في الإبقاء على حضرموت المنفتحة على بحر العرب فالمحيط الهندي من ناحية، والتي تجمعها بها حدود برية طويلة من ناحية ثانية، ضمن نطاق نفوذها.
رسالة إلى الانتقالي الجنوبي بتعيين أمين عام مساعد لشؤون الساحل ضمن المناصب القيادية لمجلس حضرموت الوطني.
واستغرق استكمال تشكيل قيادة لمجلس حضرموت الوطني أكثر من عام بعد الإعلان عن تأسيسه في السعودية في مظهر على التأني الشديد وعدم الاستعجال كون المجلس مرتبط بأهداف مستقبلية بعيدة المدى تمتّد إلى مرحلة ما بعد التسوية السلمية للصراع اليمني والجاري العمل عليها من قبل المملكة وبالتعاون مع الأمم المتحدة وسط صعوبات كبيرة في إطلاق مسار سلمي ماتزال جماعة الحوثي إلى حدّ الآن تماطل في فتح الطريق إليه.
وعلى هذه الخلفية تسير هيكلة وتنظيم مجلس حضرموت الوطني بمعزل عن الظروف القائمة في المحافظة وما تتمّيز به من صراعات محتدمة ومن توتّر شديد بلغ مداه خلال الفترة الأخيرة مع تصعيد قبائل المحافظة لحراكها الاحتجاجي ضدّ السلطة الشرعية اليمنية بقيادة رشاد العليمي وصولا إلى تهديدها باستخدام القوة والسيطرة على منابع النفط ومنع استغلاله وتسويقه قبل إقرار السلطة بتوجيه عائداته لتحسين الأوضاع الاجتماعية والخدمية للسكان المحليين.
وكانت مجموعة من الشخصيات الحضرمية قد أعلنت في يونيو 2023 إنشاء المجلس وذلك من خلال “وثيقة سياسية وحقوقية” تمخضت عن مشاورات تواصلت في الرياض.
وأشارت الوثيقة بوضوح إلى دور السعودية في تأسيس المجلس الذي جاء استجابة لدعوة حكومة المملكة “ومساعيها المخلصة في دعم مجلس القيادة الرئاسي والحكومة والشعب اليمني لتوحيد الصف وتغليب نهج الحوار لحل الخلافات، والتفرّغ للإصلاحات الاقتصادية والخدمية، وحشد الجهود لاستعادة مؤسسات الدولة وإنهاء انقلاب الميليشيات الحوثية المدعومة من النظام الإيراني”.
العديد من الشخصيات وقادة الرأي اليمنيين ينظرون إلى مجلس حضرموت باعتباره مجرّد صدى للصراعات الإقليمية في اليمن.
وذكرت الوثيقة أيضا أن تشكيل مجلس حضرموت الوطني ترجم “حرص القوى والمكونات الحضرمية على النأي بحضرموت عن أي توترات أو خلافات بينيّة .. إذ تُدرك (تلك القوى) جيدا خطورة تحويل حضرموت إلى مسرح للصراع وتداعيات ذلك على السكينة العامة والسّلم الاجتماعي”.
كما وضعت ذات الوثيقة ضمن مهام المجلس الوليد العمل على رفع “المظالم الجسيمة التي لحقت بالشّعب في حضرموت” والدفاع عن حق المجتمعات المحلية في تقرير وإدارة شؤونها وتحقيق نموّها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي”.
ولا تختلف تلك الأهداف عما تعلنه مكونات حضرمية أخرى تعلن بدورها تمثيل أبناء المحافظة والدفاع عن مصالحهم، الأمر الذي يجعل من مجلس حضرموت الوطني جزءا من الصراع ذاته الذي قال في وثيقته التأسيسية إنّه يعمل على النأي بالمحافظة عنه.
وتعتبر قوى جنوبية أن خطوة تأسيس الهيكل الجديد موجهّة أساسا لعرقلة جهود استعادة دولة الجنوب التي كانت قائمة قبل الوحدة المعلنة مطلع تسعينيات القرن الماضي، وأنّ قوى شمالية يمنية على رأسها جماعة الإخوان المسلمين ممثلة بحزب التجمّع اليمني للإصلاح هي من تقف وراء مجلس حضرموت وتتبوّأ أهم مناصبه القيادية.
وفي مقابل ذلك ما يزال العديد من الشخصيات وقادة الرأي اليمنيين ينظرون إلى مجلس حضرموت الوطني باعتباره مجرّد صدى للصراعات الإقليمية في اليمن.
وقارن الكاتب اليمني صلاح السقلدي بين الوضع في حضرموت التي تعمل السعودية على الحفاظ على نفوذها داخلها والوضع في محافظة المهرة المجاورة والخاضعة بقوة لتأثيرات النفوذ العماني.
وكتب عبر حسابه في منصة إكس معلقا على تشكيل قيادة لمجلس حضرموت الوطني قائلا إنّ المجلس “يمضي قدما في ترسيخ وجوده بتشكيل أحد أهم هيئاته التنظيمية”، متسائلا “هل تلحق حضرموت بالمهرة وتدار بإدارة سعودية بمعزل عن باقي محافظات الجنوب”.