صوت عدن/ متابعات اخبارية: 

نشرت الباحثة اليمنية في منظمة هيومن رايتس واتس أفراح ناصر تقريرا موسعا في مجلة داون حول أزمة الإعتقالات التعسفية والإختفاء القسري في جميع أنحاء اليمن دون اجراءات قانونية سليمة .. فيما يلي نص التقرير: 

تخيل أن يتم أخذك قسراً من منزلك أو مكتبك أو الشارع وتختفي دون أي أثر. عائلتك ليس لديها فكرة عن مكان وجودك. هذا هو الواقع المرير للآلاف في اليمن اليوم الذين تم اعتقالهم تعسفياً دون أي إجراءات قانونية سليمة. وعلى الرغم من عدم وجود إحصائيات رسمية وحديثة حول عدد المعتقلين فإن الطبيعة المنهجية لحالات الاختفاء القسري هذه تشير إلى أن آلاف الأشخاص محتجزون بمعزل عن العالم الخارجي في جميع أنحاء اليمن.
وكان الحوثيون الذين سيطروا على العاصمة اليمنية صنعاء منذ عام 2014 قد اعتقلوا وأخفوا قسرا مؤخرا العشرات من العاملين في المجتمع المدني وما لا يقل عن 13 موظفا في الأمم المتحدة وفقا لمنظمة هيومن رايتس ووتش ومن بين العاملين في المنظمات غير الحكومية الذين ورد أنهم احتجزوا امرأة وزوجها وطفلاهما الصغيران : طفل يبلغ من العمر 3 سنوات وطفل يبلغ من العمر 9 أشهر . "إننا نشعر بقلق بالغ إزاء احتجاز سلطات الأمر الواقع الحوثية مؤخراً لـ 17 عضواً في منظماتنا والعديد من الآخرين المرتبطين بمنظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية وغيرها من المنظمات الداعمة للأنشطة الإنسانية" مديرو العديد من منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية. 
وقالت المنظمات غير الحكومية العاملة في اليمن في بيان مشترك في وقت سابق من هذا الشهر. "هذه الاعتقالات غير مسبوقة - ليس فقط في اليمن ولكن على مستوى العالم - وتعيق بشكل مباشر قدرتنا على الوصول إلى الأشخاص الأكثر ضعفاً في اليمن بما في ذلك 18.2 مليون شخص يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية والحماية".
أخبرني أحد الأشخاص المطلعين في صنعاء أن العدد الفعلي للأشخاص الذين اعتقلتهم قوات الأمن الحوثية قد يصل إلى 60 شخصًا ومع ذلك فإن بعض عائلاتهم يفضلون عدم التحدث علنًا عن الاعتقالات خوفًا من الانتقام على أمل أن يتم ذلك .. إن التزام الصمت والسعي للتدخل أو التفاوض مع الحوثيين من قبل قادة المجتمع المحترمين قد يؤدي إلى إطلاق سراحهم.
وقال نيكو جافرنيا الباحث في شؤون البحرين واليمن في هيومن رايتس ووتش: "يستخدم الحوثيون الاعتقالات التعسفية والاختفاء القسري كأداة سياسية في وقت يفتقر فيه الأشخاص الذين يعيشون في أراضيهم حتى إلى أبسط الاحتياجات الأساسية". يجب على الحوثيين إطلاق سراح جميع هؤلاء الأشخاص فوراً حيث قضى العديد منهم حياتهم المهنية في العمل على تحسين بلادهم".
ومع استمرار الصراع في اليمن أصبحت حالات الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري شائعة بشكل مثير للقلق وليس فقط في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.
تصاعد الصراع المدني في اليمن بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء في عام 2014 والتدخل العسكري اللاحق في عام 2015 من قبل تحالف تقوده المملكة العربية السعودية بهدف إعادة الرئيس عبدربه منصور هادي الذي فرت حكومته إلى عدن في جنوب اليمن. ومع احتدام النزاع أصبحت عمليات الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري شائعة بشكل مثير للقلق وليس فقط في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون. قامت فصائل مختلفة بالإضافة إلى الحوثيين بما في ذلك الحكومة اليمنية والقوات المدعومة من الإمارات العربية المتحدة باحتجاز أشخاص قسرا لقمع المعارضة والقضاء على المعارضة وبث الخوف بين السكان. وكثيراً ما يشمل الضحايا المعارضين السياسيين والصحفيين والمواطنين الصحفيين وأصحاب الأعمال والناشطين والأكاديميين والقضاة والمواطنين العاديين الذين يُنظر إليهم على أنهم تهديدات.
منذ عدة سنوات وثقت تقارير موسعة من منظمات محلية ودولية بما في ذلك هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية وفريق خبراء الأمم المتحدة ومجموعة الخبراء البارزين في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بشأن اليمن الانتهاكات المنهجية التي ارتكبتها جميع الأطراف المشاركة في حرب اليمن. وتوضح هذه التقارير كيف يتم احتجاز المعتقلين في كثير من الأحيان دون تهمة وتعرضهم للتعذيب وتلقيهم رعاية طبية غير كافية وحرمانهم من الاتصال بالعالم الخارجي حتى أن بعض المعتقلين ماتوا تحت التعذيب.
إن هذه الانتهاكات لا تنتهك القانون اليمني فحسب بل وتخرق أيضاً الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي وقعت عليها اليمن. 
كما أن الاعتقالات التعسفية والاختفاء القسري تنتهك الحقوق الدستورية حيث تضمن المادة 48 من الدستور اليمني الحرية الشخصية والأمن. 
كما أن اليمن طرف في العديد من المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية  الذي ينص على حماية الأفراد من الاعتقال والاحتجاز التعسفي.
وقد أدت الانتهاكات المتفشية لهذه الحقوق إلى خلق بيئة من الخوف والإفلات من العقاب حيث أصبح الناس خائفين للغاية من التحدث أو المشاركة في السياسة في بلد مزقته سنوات عديدة من الحرب مما أدى فقط إلى تفاقم الأزمة الإنسانية المذهلة في اليمن.
ومع تفكك اليمن نفسه كدولة فإن "اليمن الجديدة" الناشئة هي جيوب من القمع والبؤس حيث تطغى صراعات السلطة على حقوق الناس الأساسية.