21 فبراير.. يوم المسند اليمني
صوت عدن| إعداد/ سوزان غيلان:
خط المُسنَد أو الخط الحميري هو أحد سفراء حضارتنا اليمنية الشامخة.. يسمّيه المستشرقون خط النصُب التذكارية وهو نظام كتابة قديم تطور في اليمن جنوب الجزيرة العربية، قرابة القرن التاسع - العاشر قبل الميلاد ، وهو أحد ضروب الكتابة العربية الجنوبية، وكان نظام الكتابة المستعمل في شبه الجزيرة العربية لوقت طويل حتى اشتق منه خط الجزم الذي اشتقت منه الأبجدية العربية.
والمسند لغةً: هو التوثيق والدعم ومنه جاءت كلمة مستند. وتعني النقوش الوثائقية ذات الطابع التذكاري. واصطلاحاً : تعني خط الأبجدية
يتألف الخط المسند من 29 حرفاً من الصوامت، ويطابق في أصواته وعدد حروفه خطّ العربية، ويزيد عليه حرفاً (سامخ) يسمّيه الباحثون السين الثالثة
، ويُكتب المسند من اليمين إلى اليسار إلا في نقوش المرحلة المبكرة حيث يُكتب فيها بطريقة خط المحراث؛ فيكون اتجاه الكتابة في الأسطر الوترية من اليمين إلى اليسار وفي الأسطر الشفعيّة من اليسار إلى اليمين مما يؤدي إلى قلب اتجاه بعض الحروف؛ ليوافق اتجاه الكتابة.
يعتقد الباحثون أن الخط المسند هو أول أبجدية ومنه اشتقت الأبجديات الأخرى وفي هذا يقول الكاتب «يذهب علماء الإفرنج ومنهم المستشرق مورتينز الألماني إلى أن أصل الكتابة بالحروف الهيروغليفية كان في اليمن، وهو يعتقد أن اليمانيين هم الذين اخترعوا الكتابة وليس الفينيقيون هم الذين اخترعوها كما هو الرأي المشهور، وهو يستدل على رأيه هذا ويقول أن الفينيقيين إنما بنوا كتابتهم على الكتابة العربية اليمانية، ثم إن اليونانيين أخذوا الكتابة عن الفينيقيين، وعنهم أخذ الرومانيون، فيكون العرب هم الذين أوجدوا الكتابة في هذا العالم، وبهذا الاعتبار هم الذين أوجدوا المدنية».
نشأ من هذا الخط أربعة فروع كُتبتْ بها نقوش اللهجات العربية الشمالية، وهي اللحيانية - الديدانيّة في شمال شبه الجزيرة العربية، والثموديّة والصفويّة في الشام وشمال شبه الجزيرة العربية ، والأحسائيّة في شرق شبه الجزيرة العربية، وكتابات «الفاو» في وادي الدواسر إلى الشمال الشرقي من نجران، وتشمل هذه المجموعات الخمس -على خلافٍ بين الباحثين في تصنيف لغتها وخطوطها وتأريخها - زمناً يمتدّ من القرن الخامس ق.م إلى القرن الرابع الميلادي.
وقد حمل اليمانيون المهاجرون إلى الحبشة قبل الميلاد هذا الخط معهم، فأخذته أقدم اللغات الساميّة هناك، وهي الجعزيّة، ثم طوّره الأحباش، فحذفوا منه أحرف الثاء والذال والظاء والغين؛ لأنّ هذه الأصوات لا وجود لها في لغتهم، وأضافوا إليه علامات للحركات بطريقة الإلصاق، فصار لكل حرف سبع صيغٍ، وعكسوا اتجاه الكتابة، فأصبح من اليسار إلى اليمين.
ثم أخذته الأمهريّة التي أصبحت لغة الدولة في الحبشة في القرن 13 الميلادي، فزادت عليه حروفاً للأصوات غير المعروفة في الساميّة وعدّلت فيه بعض التعديل،
اليوم، تعد إثيوبيا الدولة الوحيدة التي تستخدم أبجدية متطورة مباشرة عن هذا القلم.
كان من خط المسند نوع يكتب الحروف الصغيرة سمي خط الزبور. كما اكتُشف في بلاد الرافدين وشرقي الجزيرة العربية شكل آخر من أشكال هذا الخط، وقد سمّى بعض الباحثين نقوشه العويصة المُبهمة المكتوبة على الأختام والأحجار الكريمة التي يرجع أحدها - فيما يبدو- إلى القرن السادس ق.م «العربية الأولى»، في حين سمّاها آخرون «الكلدانيّة». تراجعت أهمية الخط بعد اعتناق الحميريين للمسيحية وهيمنة الأبجدية السريانية على أجزاء واسعة من شبة الجزيرة العربية أواسط القرن الميلادي الرابع
وقد ساهم في نشر الثقافة اليمنية من خلال المراكز التي أقامها اليمنيون لحماية القوافل التجارية وما زال الباحثون مختلفين حول أصل الكتابة العربية هل هو الخط المسند أم سواه؟ ومهما يكن يبقى المسند هو أحد سفراء حضارتنا اليمنية الشامخة.
خصائص خط المسند:
- يمكن الكتابة به من اليمين إلى اليسار والعكس. عند الانعكاس يمكن قلب الحرف أيضاً بشكل المرآة ويكتب بأحرف منفصلة وغير متصلة.
- يفصل بين الكلمات بخط عمودي |.
- لا يتمّ الربط بين الحروف في وسط الكلمة مثل الخط العربي بل تفصل الحروف.
- يضاعف الحرف عند الدلالة على التشديد.
- لايحتوي علی حركات أو تنقيط.