مجلة إيكونوميست تؤكد بأن السعودية تبحث عن طريق للخروج من حرب اليمن
صوت عدن / خاص :
نشرت مجلة "إيكونوميست" البريطانية اليوم تقريرا اعتبرت فيه أن السعودية تواصل البحث عن طريق للخروج من مستنقع الحرب في اليمن رغم إعلانها "الانتصار" قبل 6 سنوات، بعد أسابيع قليلة على إطلاقها عملية "عاصفة الحزم".
وسلطت المجلة في تقريرها، الذي ترجمته "عربي21"، الضوء على عرض المملكة، في 22 مارس، وقف إطلاق النار مع الحوثيين.
ودعا الاقتراح السعودي إلى هدنة على مستوى البلاد وتخفيف الحصار البحري والجوي.
وقال الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية: "نريد أن تصمت البنادق تماما".
ولم يعر الحوثيون العرض أي اهتمام. وقال محمد عبدالسلام كبير المفاوضين الحوثيين، إن الاقتراح السعودي لا يحتوي على أي شيء "جدي أو جديد".
وبحسب "إكونوميست"، فقد كان "عبدالسلام" نصف محق؛ إذ إن العرض جاد حقا، ولكنه كان أيضا نسخة محسنة من خطة فشلت في تحقيق اتفاق خلال عام من المفاوضات.
ولتأكيدهم الرفض اللفظي، أرسل الحوثيون طائرة مسيرة عبر الحدود لمهاجمة مطار أبها في جنوب السعودية.
وبذلك، وفق التقرير، لا تزال المملكة عالقة في معضلة مستعصية: كيف يمكنك أن تقنع عدوك بإنهاء حرب ينتصرون فيها؟
وأصبحت هذه المسألة أكثر إلحاحا حيث أصبح الصراع أكثر كارثية؛ فقد قتل أكثر من 112 ألف يمني منذ استيلاء الحوثيين على العاصمة صنعاء، ونزح الملايين، وانهار الاقتصاد، حيث يعتمد 80 بالمئة من السكان على المساعدات للبقاء على قيد الحياة.
وبدلا من زعزعة الحوثيين، دفعتهم الحرب إلى الاقتراب من إيران، التي ترسل بسعادة دعما عسكريا لاستنزاف منافستها السعودية.
وبسبب هذا الفشل الاستراتيجي، كما وصفته المجلة؛ أنفق السعوديون عشرات المليارات من الدولارات، وتحملوا موجة من الهجمات الصاروخية والطائرات بدون طيار، وألحقوا الضرر بمكانتهم مع شركائهم في الغرب.
وكان مصير المحاولات السابقة لوقف إطلاق النار بما في ذلك هدنة سعودية أحادية الجانب العام الماضي الفشل.
ويقول الجانبان إنهما منفتحان على اتفاق وقضيا العام الماضي في مفاوضات تدعمها الأمم المتحدة، لكن التفاصيل تبعدهما عن طاولة التفاوض، فالحوثيون، على سبيل المثال، يريدون من التحالف الذي تقوده السعودية رفع الحصار عن مطار صنعاء وميناء الحديدة على البحر الأحمر، لكن السعوديين مترددون في منح الحوثيين حركة غير مقيدة للأشخاص والبضائع - والإيرادات التي تأتي معها.
وترضى الرياض بتقديم رحلات محدودة إلى صنعاء والسماح لناقلات النفط بالرسو في الحديدة فقط إذا تم إيداع الضرائب والعائدات الجمركية في حساب خاص بالبنك المركزي.
والاقتراح السعودي الأخير لا يتعامل مع هذه الخلافات لكن عرضه كان بحد ذاته حيلة تفاوضية، فمن خلال القيام بذلك علنا، أجبر السعوديون الحوثيين على رفضه علنا.
ووفق تحليل المجلة، فقد كانت تلك محاولة للضغط على الحوثيين من خلال دفعة متجددة للدبلوماسية، فقد عين الرئيس الأمريكي، جو بايدن، مؤخرا مبعوثا خاصا للمساعدة على التفاوض.
وتحدث أنتوني بلينكين، وزير خارجية بايدن، مع الأمير فيصل في اليوم الذي أعلن فيه الأخير عن العرض.
لكن الحوثيين ليسوا مستعدين لتقديم ما يرون أنها تنازلات؛ فبعد ست سنوات من الحرب ضد عدو أقوى وأكثر ثراء، لا زالوا يسيطرون على العاصمة والأراضي التي تضم معظم السكان، وهم الآن في حالة هجوم للاستيلاء على مأرب، وهي أكبر مدينة تسيطر عليها حكومة عبدربه منصور هادي، رئيس اليمن الإسمي الذي يحكم من المنفى في السعودية وفق تعبير الإيكونوميست.
ومأرب أيضا، بحسب المجلة موطن لأكبر احتياطيات النفط والغاز في البلاد وتحتل موقعا استراتيجيا على الطريق الذي يربط المناطق النائية الشرقية والحدود السعودية. وكانت طوال الحرب واحة استقرار نسبي، مما جعل أكثر من مليوني شخص ينزحون إليها بسبب القتال في أماكن أخرى.
وتتعرض المدينة لقصف عشوائي للصواريخ وقذائف الهاون منذ أكثر من عام. وفي فبراير، شن الحوثيون إحدى هجماتهم البرية الدورية للسيطرة عليها. واستطاع التحالف أن يوقفهم حتى الآن وتكبد الحوثيون خسائر فادحة، ومع ذلك، لا يبدو أن الجماعة تهتم بالخسائر، لأنها تعيد تزويد قواتها باستمرار، حتى من الأطفال.
وينقل التقرير عن سلطان العرادة، محافظ مأرب، قوله: "كلما تحدث الحوثيون عن السلام مع المجتمع الدولي، فإنهم يصعدون هجماتهم".
ويستخدم الحوثيون الحرب كشكل خاص من التفاوض، فالضغط للسيطرة على مأرب يمنح الحوثيين قوة ضغط. وإذا أمكن إقناعهم بالتخلي عنها، فسوف يتوقعون شيئا في المقابل.
وبحسب المجلة سيستمر الطرفان في الحديث، حتى أثناء القتال. لكن هذه المحادثات ستكون محفوفة بالمخاطر فقد صعد الحوثيون هجماتهم بالصواريخ والطائرات المسيرة منذ بداية العام وقليل منها يسبب أضرارا جسيمة، لكن هجوما يسفر عن خسائر بشرية كبيرة يمكن أن يغير الرأي العام السعودي إزاء وقف إطلاق النار.
وقد يشجع سقوط مأرب الحوثيين على الضغط من أجل المزيد من الأراضي، وسيظل ملايين اليمنيين عالقين في الوسط ويكافحون لمجرد البقاء على قيد الحياة.