صوت عدن / فؤاد قائد: 
 
أدت سنوات من الصراع في اليمن إلى موجات نزوح كبيرة ، ترك على إثرها الأطفال النازحون الكثير ورائهم: منازلهم وممتلكاتهم  وأصدقائهم ومدارسهم. تعمل المنظمة الدولية للهجرة مع مركز الملك سلمان للإغاثة  والأعمال الإنسانية على بناء مدرسة ابتدائية في مدينة مأرب لدعم وصول الأطفال النازحين إلى التعليم .

تأثرت العديد من البُنى التحتية في اليمن جراء الصراع الدائر، وأصبح ثلثي المدارس فقط صالح للدراسة في الوقت الحالي.. ويقدر أن هناك أكثر من 2 مليون طفل خارج المدارس في حين يبقى الملايين غيرهم معرضين لخطر التسرب من الدراسة، والفتيات في خطر من التسرب أكثر من الفتيان.. وغالباً، ما يعاني الأطفال النازحون من محدودية الوصول لخدمات التعليم، لاسيما في المواقع ذات النزوح السكاني الكثيف مثل محافظة مأرب، والتي يقدر فيها تواجد ما يقارب من 1.65 مليون طفل نازح بحاجة لمساعدات في التعليم.

قالت سميرة وهي أم نازحة من الحديدة ومستقرة في مأرب :"تعليم أطفالي هو شغلي الشاغل وهو مصدر قلق وتوتر لي.

"و إذا فشلنا في ضمان حصولهم على التعليم ، فهذا معناه أن كل المشقة و التعب الذي مرت به عائلتنا خلال النزوح كان بدون أي فائدة أو جدوى. تركنا منازلنا ليس فقط لأسباب أمنية بل لنضمن حصول أطفالنا على حياة جيدة ومستقبل أكثر إشراقاً." أضافت سميرة.

تعيش سميرة مع أطفالها الأربعة منذ خمسة أشهر في مخيم الجفينة أكبر موقع للنزوح في اليمن ، وجميعهم في سن الدراسة ومع ذلك لم يتمكن أي منهم من الالتحاق بالمدرسة.

وأضافت سميرة " لم  يتمكن أطفالي من الإلتحاق بالمدارس منذ نزوحنا الأول من الحديدة إلى صنعاء، بعد ذلك توجهنا إلى الجوف ومن ثم إلى مأرب ، والتي، منذ وصولنا إليها، و نحن ننتقل داخلها في دائرة من مخيم إلى آخر بحثاً عن الاستقرار  وعن المدارس لأطفالي".

ستحتوي المدرسة التي يتم بناؤها في مأرب ضمن هذا المشروع الخاص بالمنظمة الدولية للهجرة ومركز الملك سلمان للإغاثة والإعمال الإنسانية، على 18فصلاً دراسياً وملاعب رياضية متنوعة . 

وتعتبر هذه المدرسة فرصة لتغيير حياة ما يزيد عن 800 من الأطفال النازحين  والمجتمع المستضيف الساكنين في الجزء الغربي من مدينة مأرب بالإضافة لعدد 140 معلماً  وموظفاً من العاملين في المدرسة. سيتم العمل في المدرسة بنظام دراسة الفترة الواحدة للطلاب في اليوم في البداية، إلا أنه من المرجح ان يتم العمل بنظام الفترتين (الصباحية  والمسائية) بمجرد توفر القوى العاملة من المعلمين  والعاملين فيها، وهو ما سيؤدي إلى مضاعفة عدد الطلاب الذين سيتمكنوا من الدراسة في المدرسة.

وأوضح فراس بُديري، منسق برامج أول في برنامج الانتقال والتعافي في المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، قائلاً "سيُساعد بناء هذه المدرسة على سد الفجوة الكبيرة في التعليم في مدينة مأرب التي حدثت بسبب عدم توفر فصول كافية لاستيعاب العدد المتزايد من الطلاب".

" إن معظم المدارس في المنطقة غير قادرة على استيعاب أي من الطلاب الجدد ، ويُضطر  الأطفال النازحين، والذين يصرون على عدم التوقف عن التعليم، لقطع مسافة  1.5 كيلومتر أو أكثر للوصول إلى أقرب مدرسة يمكنهم فيها التسجيل والدراسة. كما أدت المنافسة على الفصول الدراسية إلى إيجاد بعض التوتر  بين المجتمع المستضيف  والنازحين الجدد" أضاف فراس.

في حين صرح رئيس وحدة المشاريع و التطوير في وزارة التربية و التعليم عبدالله شداد موضحا الحاجة الماسة إلى المدرسة بقولة " يوجد في مخيم الجفينة خمس مدارس، لكنها جميعا مدارس مؤقتة تتكون من بُنى جاهزة أو خيام "

هذه المدرسة واحدة من عدة مدارس تعمل المنظمة الدولية للهجرة على إنشائها  بالشراكة مع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في ثلاث محافظات مختلفة ، وهو ما سيساعد الألآف من الأطفال على الوصول إلى خدمات التعليم والدراسة في فصول دراسية مجهزة تجهيزا كاملاً .

 ويسعى المشروع في مجملة إلى المساهمة في استمرارية وتحسين خدمات التعليم للمجتمعات المتضررة من الأزمات والنزوح.

" التعليم هو ما يضمن لنا الحياة الكريمة التي لا نحتاج فيها إلى أحد، حياة نتغلب فيها على الفقر والمشقة. التعليم هو ضمان تحقيقنا للسلام والأمن".