حديث الزنداني عن حل الدولتين... موقف الدولة فوق الاصطفاف
في حواره المنشور بصحيفة اخبار الخليج يوم السبت 1 نوفمبر 2025، قدم وزير الخارجية والمغتربين الدكتور شائع محسن الزنداني واحدة من انضج المقاربات السياسية في المشهد اليمني الراهن.
جاء حديثه محكما في مضمونه، واقعيا في طرحه، ومرتبا في اولوياته، عاكسا ادراكا دبلوماسيا رفيعا لطبيعة التحديات التي تواجه اليمن والمنطقة.
وفي معرض حديثه عن مستقبل الدولة اليمنية وما يُسمّى بـ"حل الدولتين"، نفى الوزير بشكل قاطع وجود اي طرح رسمي او مبادرة حكومية على هذا الأساس، مؤكدا تمسك الحكومة بوحدة البلاد وسعيها الى بناء شراكات وطنية حقيقية تضمن العدالة والتوازن بين مختلف المكوّنات.
واوضح أن الاولوية اليوم ليست لتقسيم البلاد، بل لإعادة بناء مؤسساتها واستعادة سيادتها وتوحيد الجهود في مواجهة الانقلاب ومصادر التهديد التي تعيق السلام والتنمية.
كان موقفه واضحا، لكنّه فُسِّر من قبل المجلس الانتقالي الجنوبي على نحو مغاير، اقرب الى سوء الفهم السياسي منه الى الاختلاف الموضوعي.
إذ اعتبر الانتقالي أن رفض حل الدولتين هو انتقاص من حق الجنوب في تقرير مصيره، بينما كان الوزير يتحدث بصفته ممثلا للدولة اليمنية ومؤسساتها، لا لطرف من اطراف الصراع. والمجلس الانتقالي نفسه احد المكونات الرئيسة الممثلة في المجلس الرئاسي والحكومة.
لقد اراد الزنداني أن يضع النقاش في اطاره الواقعي: فلا يمكن بناء سلام دائم في بلد منقسم على نفسه، ولا يمكن معالجة المظالم خارج مؤسسات الدولة، لأن اي مشروع لا يبدأ من وحدة الدولة سينتهي عند فشلها.
بينما الهجوم على الوزير قد تجاهل البعد الوطني والدبلوماسي في حديثه، فهو لم يُنكر عدالة القضية الجنوبية، بل شدد على أن الحل لا يكون بتقسيم الكيان الوطني، وإنما ببناء شراكة عادلة تضمن تمثيلاً متوازنا في السلطة والثروة، ضمن دولة تتّسع للجميع.
في الواقع، ان الزنداني تحدث بلغة الدولة لا بلغة الصراع، وبعقلية رجل دولة يدرك أن اليمن لا يُبنى بالشعارات ولا يُحكم بالتجاذبات، بل بوحدة مؤسساته وارادة مكوّناته.
ومن هنا، فإن الدفاع عن موقفه ليس دفاعا عن شخص او طرف، بل عن فكرة الدولة اليمنية ذاتها التي ينبغي أن تبقى فوق الجميع.