لقد كانت عدن ولا زالت محط أنظار كثير من الدول الطامعة في إرساء قواعد لها على البحر الأحمر والخليج العربي ومن ثَمَّ السيطرة على المحيط الهندي، والحصول على السيطرة الاقتصادية والسياسية في تلك المنطقة، فتوالت على عدن الكثير من القوات و الدول المستعمرة .
وكان من أهم تلك الدول (بريطانيا)، حيث قامت ببعض المقدمات لاحتلال عدن فأرسلت في بداية الأمر الكابتن هينز أحد ضباط البحرية إلى منطقة خليج عدن في عام 1835م وذلك لمعرفة مدى صلاحية المنطقة لتكون قاعدة بحرية ومستودعا للسفن البريطانية وقد أشار هينز في تقريره إلى ضرورة احتلال عدن لأهميتها الاستراتيجية .
وبدأ يحيك مؤامراته لتبرير احتلال عدن، من خلال عقد صفقة مع بعض سلاطين لحج، و وجد من بينهم من تصدى لتلك الصفقة، فجعلوا من حادثة السفينة ( داريا دولت) التي تحطمت بالقرب من ساحل عدن في 4 يناير 1837م عذرهم بما اقترفوه عن نهب واهانة ركابها، مع ان كثير من المؤرخين يكذبون هذه الحادثة، قررت بريطانيا غزو عدن .
في عام 1839م نفسه أعدت حكومة الهند البريطانية عدة إجراءات للاستيلاء على عدن، ففي 16 يناير دفع القبطان «هينس» بعدد من السفن الحربية بهدف احتلال ميناء صيرة فقاوم اليمنيون بشراسة مستميتة الأمر الذي أجبر السفن البريطانية بالتراجع والانسحاب، ولعل هذه الخطوة من قبل البريطانيين كانت بمثابة بالون اختبار لمدى إمكانات المقاومين اليمنيين والذين بالطبع كانوا يمتلكون أسلحة بدائية ومنها عدد قليل من المدافع التقليدية الرابضة فوق قلعة صيرة المطلة على ميناء عدن القديم.
وبعد ثلاثة أيام في 19 يناير 1839م قصفت مدفعية الأسطول البريطاني مدينة عدن ولم يستطع الأهالي الصمود أمام النيران الكثيفة وسقطت عدن في أيدي الإنجليز بعد معركة غير متكافئة بين أسطول وقوات الإمبراطورية البريطانية من جانب وقوات قبيلة العبدلي من جانب آخر.
ورغم طرد المستعمر والقضا على مشروعه في ان تكون عدن بؤرته الاستخبارية  تدير مؤامراته على المنطقة العربية، بعد ان فقد مشروع الجنوب العربي الذي كان يخطط له، ورفضته عدن، واقدم الفدائي البطل ابن عدن خليفة عبدالله خليفة برمي قنبلة المطار، التي اعاقت سفر الوفد المعني بالتوقيع على العقد المبرم بين بريطانيا والمحميات الغربية، واقتل نائب المندوب السامي وجرح المندوب السامي وبعض السلاطين.
وما زالت بريطانيا تحرك ادواتها لتعيد احتلالها لعدن، بواسطة ادوات اقليمية ومرتزقة محليين، هم انفسهم من خذلوا عدن منذ يوم الاحتلال وتامروا عليها حتى يومنا هذا، ارخص مرتزقة بالعالم، صهاينة العرب.
مهما كانت حجم المؤامرة ستنتصر عدن بفضل الشرفاء والمناضلين، الصامدون اليوم ضد المؤامرة، وكما لعن التاريخ مرتزقة الاحتلال الاول سيلعن مرتزقة من يسعى لتمكين عدن وجزرها ومرتكزاتها الاقتصادية للمستعمر المتدثر بالدول التي صنعتها بريطانيا لتؤدي وظيفة الاستعمار، وما نحن فيه اليوم هو استعمار قذر وحقير بقذارة وحقارة ادواته وممارساتها على الارض من فساد وانتهاكات.