رسم المطر لوحةجميلة على المدرجات الخضراء وارتدت عيوني لون الطبيعة الخارق . برغم الألم حلقت في آفاق أخرى وعوالم غيرعالمي القديم.فوق رأسي ألتفت ُسحب الرذاذ الذي كان يسقط على زجاج السيارة. لم استطع الإقلاع عن التطلع أبداً، فقد كنت لحظة إثر لحظة أحلق واتصور نفسي إمرأة المطر، التي أجلت موعد وصولها ، ولكن المهم انها جاءت والفرح بعد طول غياب..!
 رائحة المطر مُثيرة وشهية تشعرني بالانتعاش طوال الطريق . أضواء القرى على مدى المنحدرات ، فسيفساء مشعة، تعلن عن نفسها، وتستقر في داخلي أنا القادمة من آخر الدنيا، تضج أعيني بفرح طفولي، يومض قلبي ، وتتخذ نفسي شفافية الحياة. لااستطيع الكف عن  ذكريات طفولتي ،يزداد شوقي لأمي ، وجاءني صوتها على مسافة مقنعة من حنان وعاطفة.
 بعد قليل لاحت بيوت قرية زوجي، كان المطرينشر بساطه للترحيب بنا.كمن رأى نهراً بعد رحلةتوهان في رمال متحركة، هكذا رأيتها. كأن النهر غيّر مجراه فجأة وشق له مجرا في قلبي ، ونهر آخر أحمر تدفق أسفلي .
 -لايزال أمامناطريق مضن غير معبد علينا أن نجتازه حتى نصل إلى البيت.. 
  هكذا قال رياض زوجي
 -مازلت أستطيع الصبر،مقاومة الألم واحتمال التعب..
رياض زوجي يشجعني بابتسامته وعجلة القيادة تهتز والسيارة، ومعها جسدي ،وبطني المكورة.الألم يهجم بعنف أشد من السابق، كتمت صوتي الخارج من روحي ، وغطى صوت مقتحم على صرختي ..
 رياض بعد أن سمع الصرخة البكائية فرمل السيارة ووثب إلى المقعد الخلفي ، وأخذ يتأمل المخلوق الجديد محاولاً التعرف على جنسه،ومالبث أن هتف : 
 - بنت ..!
 ولم أدر إذّا كان قالها بفرح ، اوبخيبة أمل.لكنه سرعان ماتدارك الأمر وقال :
 - أمل.. سنسميها أمل ..
 شعرت براحةوبدفء. عدت بظهري إلى الوراء وانا احاول ان استريح، وفرح الدنيا كله يتزاحم في قلبي .تذكرت عندما ولد أخي سيف ، كان الحدث درامياً وانسانيا إلى حد بعيد، آثار الضجة في البيت كله، لعلع الرصاص ورددت صداه الجبال. وذبحت خراف كثيرة وجاء ناس كثر أكلوا بشهية، خزنوا القات، ولوثوا هواء البيت بالدخان والثرثرة،وانصرفوا كما جاءوا..ميلادي واختي باعتبارنا بناتاً مربهدوء ولم يكن له نفس الضجيج. لاأدري لماذا ملأني شعور عميق بالخوف على طفلتي التي خانتهاحاسةالإهتداء، فولدت في الطريق  ، وكان وجهها الأحمر الصغيريرتجف
 فطوقتها بحنان وضممتها وألقمتها صدري ..كانت جميلة وتشبهني كثيراً كماتمنيتها،،
حين وصلنا أمام البيت كان المطر قد كف عن الهطول ورصاص كثيف ينطلق من كل مكان، للحظةظننته ترحيباً بوصولنا، لم يتغير شيء،،، قبيلتان كانتا تقتتلان على جربة قات ،وبحق الجنون الذي منحوه لأنفسهم، اخترقت رصاصة مجنونة من تلك الرصاصات أحشاء أمل حياتي ،، كانت قريبة مني لكنها اختارت أن تسرق مني كل حياتي !