لم يتحدث "الأستاذ " يوماً عن نفسه كمايفعل كثير من السياسيين المهوسين بحب الذات ، كان مهموماً بقضايا اكبر ، الوطن والإنسان والمستقبل ، كان يحمل هم وطن في جزء منه تحت الاحتلال البريطاني منذ اكثر من قرن ، وفي جزئه الآخر تحت حكم الائمة السلالي ، وفي أغلب أجزائه الأخرى يخضع للإستعمار الأجنبي ، او الاستيطان الصهيوني كما هو حال فلسطين السليبة، المسمار الذي غرسه الاستعمار الغربي والصهيونية العالمية في قلب الوطن العربي . لم يسأل ابداً عن همومه الخاصة بقدر ماكان مشدوداً إلى اشواق وتطلعات شعب وأمة همها التخلص من نير الاستعمار وظلم الطبقات المستغلة( بكسر الغين ) والسعي من اجل التطور ،لهذا كرس قلمه وكفاحه للقضايا الكبرى، وابتعد عن سفاسف الأمور والخصومات الشخصية. وعلى الصعيد الشخصي عاش حياة الزهد و بمنطق التقشف ،والمتسامح
 الذي لايسعى إلى الانتقام من خصومه الذين كثيراً ماأساءوا إليه ، وناله منهم الأذى،، ليس ذلك فحسب ، بل كان يملك رؤيا مستقبلية تجعله قادرا ليس فقط على نسيان الإساءة بل التحالف مع من يرى أنهم يتفقون معه في القضايا الإستراتيجية ، بعكس أعداء شعبه الذين كان يعتبرهم اعداءه الحقيقيين،، ولم يكن يتصالح ابداً مع هؤلاء، وايضا لم يكن يهادن ابداً في القضايا المصيرية والمبدئية ، وربما كان هذا الخط الأحمر الوحيد في حياة الأستاذ عبدالله باذيب. ولهذا أراح نفسه من الاهتمام بصغائر الأمور، او الدخول في خصومات شخصية مع الذين يسلكون غير مسلكه .
                        2
 لم أكد انشر مقالي: " الأستاذ" ... في شقتي، في (صوت عدن) الثلاثاء الماضي لصاحبتها ورئيس التحرير الإعلامية السيدة الفاضلة ضياء سروري ، حتى توالت ردود الأفعال غير المفاجئة بالنسبة لي ، فرجل بكل ذلك الألق والحضور والتاريخ ، وبمواقفه الفكرية والسياسية ، وبروحه وإنسانيته وتواضعه الجم
،وانجازاته السياسيةوالفكرية والتربوية والثقافية في هذا العمر القصير، لابد وأن يترك أثراً طيباًفي حياة الناس، حتى وإن غيبه الموت عن الحياة ،لكنه يظل حاضراً في المشهد السياسي ،وفي وجدان وقلوب الناس وفي التاريخ ، فأمثاله يصعب نسيانهم، نفتقدهم ،نحتاج لحكمتهم، وشجاعتهم ،الإصغاء إليهم في كل وقت، وخاصة في الزمن الصعب، وإستحضار مواقفهم، وإستلهام نضالهم ، والتأسي بهم،ليس بالضرورة تكرار نفس أفعالهم،وكلماتهم لأن الزمن يتغيرباستمرار
، وتلك صيرورة الحياة، بل استنباط واستلهام أفضل ما تركوه لنا من إرث سياسي وثقافي وإنساني . 

                        3
  
   بين هلالين ، هلال الولادة سنة1931
وهلال الموت سنة 1976صنع الأستاذ عبدالله باذيب في هذا العمر القصير
ماينفع الناس ويمكث في الأرض ويذكرونه به إلى الأبد ..
                       4
   حين أعلن عن موته المُفاجيء ذلك اليوم لبست عدن الحداد ، شاركت في جنازته مع الآلاف من ابناء الشعب الطيبين ، التي انطلقت من مسجد العسقلاني حيث صلي على جثمانه الطاهر ، ووري الثرى في مقبرة العيدروس ، بلانشيد وطني ، ولاملفوفاً بعلم الجمهورية والوطن الذي افنى عمره في سبيل حريته وتطوره .. لم يمت بالسكتة القلبية فقط، فقد كانت احد اسباب الموت ، بل قتلته خيانة رفاقه ، الذين لم يكن جلهم يفهمون مايقوله ، وجلهم من الريفيين ، شجاعتهم في نيران اسلحتهم فقط، ويعتبرون كل من لم يطلق الرصاص ليس ثائراً . تمنيت لو كان حياً ليرى ماذا فعل السلاح بثورتهم ووطنهم ، وبهم في آخر المطاف !!
ماكنت لتطيق ايها القائد الفذ ذلك الرعب الذي اجتاح البلاد وقتل العباد وفتك بالتجربة التي كنت احد أعظم صناعها
..ماكنت لتطيق ذلك ...
                       5
  وعودة إلى ردود الأفعال التى اثارها مقالي السابق عن الأستاذ أورد هنا بعض الذي وصلني منها ، اما مالم يصلني فهو أكثر بكثير بالتأكيد . دولة الرئيس حيدر العطاس قال "ذكريات رائعة مع شخصية نادرة " ، محمد عبدالقوي كتب يقول :
"مقال بديع وهادف في مدلوله ومحتواه عن شخصية فريدة في نضالها الوطني ووعيها وثقافتها وفكرها وتعاملها الشخصي والإنساني،، فقد عايشته ما يقارب خمس سنوات وتسعة أشهر في وزارة الثقافة والسياحة منذ تعين وزيراً للثقافة والسياحة في نوفمبر 1971 وتعييني وكيلا للوزارة في ديسمبر 1971 حتى وفاته المؤسفة والمفاجئة في أغسطس 1976" . الشاعر د . مبارك سالمين علق قائلا: تذكر رائع  لفترة هي من أزهى فترات عدن المدينةوالانسان...."
والقاص والروائي سالم العبد علق : "الله يرحم باذيب ويجعل مثواه الجنة.....نعم شعرنا نحن خاصة بأثر فقده الكبير..."
وعبدالباري طاهر الكاتب ونقيب الصحفيين اليمنيين السابق كتب يقول :" تحية عظيمة لعظيم من عظماء الثقافة والصحافة والوطنية.. المنح التي اشرتم إليها عمت بركاتها اليمن كلها لك التحية والاعزاز"، والكاتب عبدالحليم سيف علق:
"ذكريات جميلة ومؤثرة...طيب الله الخالد المفكر ورجل التنوير الأستاذ عبد الله باذيب". بينما ان السياسي ابن عدن ياسين مكاوي ركز على الجانب الإنساني من حياة الأستاذ قائلا:" عبدالله باذيب،، ذلك الإنسان الذي نطرب لسماع لمساته الإنسانية".
                          6
  لم أكن في حاجة لأن اذكرهم به ،، حتما كان يسكن سويداء قلوبهم ، فبعض الأفراد يستمرون في الحياة في قلوب وعقول من احبهم واحبوه..تظل روحهم ترفرف حولنا نرى من شرفاتها الحدائق والجنة التي بشرونا بها حتى وإن اعترت الصعاب دونها إلى زمن قد يطول حتى لتبدو إنها مستحيلة!!
  وهذه بعض الآراء الأخرى :
 □رجل دولة نادر ،، الله يرحمه ويسكنه فسيح جناته..بصمة...انسانية..عالمية        رائعةوخالدةفي تاريخ -جمهورية اليمن الديمقراطيةالشعبية-منذ الخمسينات إلى ما قبل الثمانينات من القرن الماضي ، انها
سرد بسيط وواقعي عن حياة المناضل الشاب والمفكر باذيب.المقارع لأكبردولة استعماريةفي العالم انذاك بمقاله" الثائر
..المسيح الذي. يتكلم الانجليزية."وبسببه
حوكم من قبل بريطانياالدولةالاستعمارية

..التي لاتغيب عنها الشمس....وادخل للسجن..هذا المناضل والمفكرالعالمي
تعرض كثيراً لأصناف عديدةمن الظلم والتعذيب والقهرالجائرمن بعض ساسة وحكام اليمن الجنوبي ولكنه ظل إنسانا مناضلاوطنيااميناوصادقافي احلك الظروف المحيطة به من كل جانب في بناء وطنه ورعايةشعبه ،فأسس حزبه الوطني الكبير اتحاد الشعب الديمقراطي الذي انظم إليه خيرة الشباب والعقلاء
الوطنيين.. ومن خيرة اعماله إرسال الكثيروالكثيرمن ابناء اليمن شمالاًوجنوباً
للتعلم والدراسةوالاطلاع بمهنيةصادقة على حياةالشعوب الجديرة بالمعرفةمن مختلف النواحي العلميةوالثقافية
والمعرفة الوطنيةلبناءقدرات الشعوب.
كما اغنى الحياة الثقافيةلبلاده بمختلف الثقافات ..هذاهوالمناضل الوطني الحقيقي الغيور على وطنه ،وساعد شعبه وشبابه على التعلم واكتساب المعرفة
العلميةالحقيقية ...وعلى احياءالثرات الثقافي والفني الجميل لبلاده....بكل الطرق الانسانيةوالمحبةالصادقة
والتواضع الانساني الكبيرالذي قلما نجده في انسان اليوم ....انه الخالدفي قلوبنا وحواسنا الادراكية المناضل الوطني. العالمي... عبدالله عبد الرزاق باذيب."
[  ] "حديث في قمة الإبداع ...عن رجل هو الإبداع بعينه في كل تاريخه النضالي والثقافي والسياسي، ما أشد حاجتنا لأولئك الرجال، هل الأرض ولادة وستنجب من يتحلى ببعض صفاتهم وعطائهم لوطنهم وأهله بلاحدود، في زمن غاب فيه رجال الفكر السياسي المخلصين." ؟!!
                         □ □
  ليس هذا كل ماقيل ... ثم الكثير الذي غفلت عن ذكره لكثرته ،، فليعذرني من لم اذكر اسمه ، او ماقاله عن الأستاذ عبدالله باذيب ..امثاله لاينسون، بل هم صعبون على النسيان !!
  لروحه السلام ...