ليتٓ أمسَ غداً
لَيتَ أمسَ غداً
أمسُ في دمنا حيٌّ
وليسَ كُُـنَّاهُ
ملاعبُ الصًِبا
وباذخُ العَيشِ
شبابُ اليومِ
تمَنَّاهُ
من لهٍوٍ ..
ومن ترفٍ
من مأكلٍ ومشربٍ
ومباهجَ دنيا
عيشاً رفهناهُ
...
ثُمَّ دُسناهُ!
*
أمسَ القريب ..
ألـ يسحَبُ اذيالَهُ
لِيَومِ الناسِ هذا
ليسَ ما نعني
وليتَ أنَّا ما عرفناهُ!
فما بيتٍ __لا امرأةٍ ثكلتْ
ولا ايتامٍ يُتِّمَتْ
ولا طفلةٍ ذُبحت
ولا أسَرٍ من الجوع
قد هلكت
إلا لـعَنَّـاهُ
ولا كان أبو جهلٍ
قد جاءَ يحكمنا
وحيث كُنَّا نسيناه
« فيؤخذُ بالنواصي والأقدام »
كما يُكسرُ الحطب
وقد تبَّت يداهُ
*
عنَيتُ الذي
في هوى القلبِ
ما زِلنا
نحياهُ
أمسَ الذي ما زال مِرآةً
بأعيُننا ..
ٱذا نظر الأعمى
فينا إلى الحبِّ
يراهُ
ولقمة عيشٍ بالوَلايَةِِ "¹"
سمِنَت
وأغنيةً
حروفها كلها اجتمعت
عِـند ..
*« أهواهُ »*
🟢
لا عيبَ إن قلتُ انجِليزٌ
بنا ما طمِعتْ
فما وجَدَت غيرَ
« ربعَ خالٍ »
سيان رمالَ بحرٍ
كل مواضينا فيه
قد غرقت
والشاهدُ اللهُ
فمن أين يأتي الأسى اليومَ؟
أمسِِ القريبِ _ البعيد
وفيه
نهضت لنا سفنٌ
أن قدَّر اللهُ ..
عُزوةَ نبي
« يأتي على أمَّتي زمنُ ... »
فقَيَّض لها
عَماراً وإبحاراً
( فاستُعمرت )
عدنُ
وغيرُها مدُن
لجهالةٍ حلَّت بنا ..
يا عرَبُ
فما كان ما ادواهُ "²"
إلا بعضَ معناهُ
ما كُـنَّا بُـناتُهـا
ما كُنَّا صُنَّاعاً لِمَدائنَ عصرٍ
لم نكن بعدُ ..
قد ولِجناهُ
أو حتى عرفناهُ
أما لو كانوا جاؤوها
عامرةً
بلِصٍّ يسرِقُ البحر
ينهبُ التربَ
بتَقمَّصُ الدينَ ..
والبغي مبغاه
وذاك ما نشهدُ اليوم
ما كُنٌَا تركناهُ!
*
تسألُ اليومَ _
ذلكَ الأمسَ ..
ونتَوَقَّفُ هُنَيهَةً
عند ابنِ علوانَ للصليحي
يُذكيهِ بفَتواهُ :
« لكَ *قصورٌ* لا عِدادَ لها
وللرعية دورٌ كلها *دِمَنُ*
أشِدْ لمُلكٍ يقول الناظرونَ له
نِعْمَ المليكِ ..
ونِِعْمَ البلدةِ اليمَنُ »
أفَنُطلقُ سراحها
الـآهُ؟
هكذا حالُ عامَّةِ العربِ
هكذا ابتدت عدنُ! "³"
وتسألُ ذلك الأمسَ :
هذي مبانٍ نراها اليومَ
كلها حجَرُ
وتلك مراكبٌ
« ألم ترى أن الفلكَ
تجري في البحر »
سفنٌ شراعية
والشيئَُ ما قدَّر الله ُ
تعملقت
فغدَتْ
( السفنٌ العملاقةُ )
بها كبُرت
وتنفست وتوسعت
عدنُ
وكالجنة من تحتها الأنهر
تجري
تجلب الثراءَ
والنبتَ
فغدا ( التعدينُ )
مأواهُ
إذ كانَ قبلُ مثواهُ
وازدهرت بها ..
من حولها مُدُنُ
فغَدَونا بقول الحق
نرعاهُ
وهذا ما نراهُ :
دُوراً كلُّها سكَنُ
ومنشآتٍ خدميَّةِ الحاجات
كالشرفِ "⁴"
في عُرفِها وطَنُ
بيوتَ حُكومةٍ شيَّدها
ذلك المُلكُ
حيث ما زِلتَ إلى يَومِنا
ذا تـراهُ
لم يُشَيَّدُ غيرُها وقتَها
أو بعدَها
بعد أن رحلوا
فما عابهم زمنُ!
وكلها رغدُ من بطنه
ذلك الفُلكُ
بحرٌ غنيٌّ :
أكانَ قد التهم كيَومِنا السمكَ؟
وأخفاهُ
أبدا فما كُنًَا ..
شكَوناهُ!
بساتينَ تحُفُّ بنا
وتجتذبُ المطرَ الذي
فقدناهُ
وقد اجتُثت
فتصحرت بذا عدنُ
وأرصفةٌ تجري عليها
مراكبٌ برِّيَّةُ عِوَضها
كانت الهُجُنُ
فماضٍ ذاكَ
ما كُنا بدُنياهُ
*
فيا حرَّ قلبٍاه
ممن قلبه شجِنُ
أين تلكم المراجيح
وكيف انطفأ بها
وجهُ الزمنْ!
أنوارُ ليلٍ كأني بها الشمسُ
تُضاءُ
وتيارٌ يُـضَخُّ
ليلاً نهاراً
برد به الهواء
فما كانت تحُكُّ جِلدَها
من حَرٍّ
ومن جَلْدٍ "⁵"
*عدَنْ*
تلك ..
رِكازُها كلها الفُلْكُ
فمَن غيرَ نوحٍ
قد بنـاهُ !
فليتَ ..
ليتَ أمسَ
*غداً* ..!
________________
”¹" ألوَلايَة : القرابة ، يقال القَومُ عليه وَلايَةٌ : يدٌ واحدة يجتمعون في الخير والشر .
"²" أدوى :
أ - أمرضَ . وأيضا عالجَ .
پ- أدوى الطعام : كثُرَ .
"³" ابتدت : ذهبت إلى البادية ، أوكان بَدؤها بعد حضارةٍ أفلت .
"⁴" الشرف : لا بناله إلا من خدمَ أمته خدمةً عظيمة .. فما بالك إن كانت غير أمَّتِه !؟
"⁵" جلْد : الصبر على تحمُّل المكاره والمصائب .
🔳🔳