قم للمعلم
كثيرون هذه الايام من يتطاول على المعلم ومهنته ويسخر من مخرجاته .
في الوقت الذي تتردد كثيرا الاسطوانة المملة معلم زمان وتربية زمان حتى بعضهم وصل الى ان يتغنى بالضرب زمان ( العقاب الجسدي) !.
احدهم يقول شاهدوا كم انا (مفحوس) لانني اتربيت بالضرب من اهلي ومن اساتذتي ! لا اعرف ماذا يعني (بمفحوس) عموما شر البلية مايضحك !!
الهروب من الواقع كما تخبرنا الدراسات عجز في التفكير وفشل في التدبير !
رمي العجز كاملا بهذه الصيغة استسلام للواقع والتشبث بالعجز شئنا ام ابينا !.
يستهجن الكثير اضراب المعلمين ويسئ للمعلم ويسفه مطالبه الامر لا يعدو جزء من الجهل الذي انتجه الواقع المتوعك، والمظلومية التي طحنت الجميع لذا نرى البعض يصب غضبه تجاه المعلم باسلوب اقرب الى التفريغ النفسي عن الظلم الذي جاثم عليه ، كل شي يغرس سهمه في هذا الصدر المتعب ويضيف عبئ اخر على هذا الجسد المنهك !.
وحينما يقرأ كل طرف الامر من زاويته الضيقة ومنطلقا من مصلحته الاضيق ، يحدث ذلك ، تختفي الحقيقة ويستمر الظلم !
احدهم يشير بالقول : على المعلم المطالبة بحقوقه ونحن معه ولكن ليس بالاضراب وتعطيل المدارس ، يُسأل كيف يمكن ان يحدث ذلك ؟!يتلعثم ثم يصمت !
للاسف لم يترك القائمون على الامر طريق آخر لانهم مشغولون بتقسيم الثروة ، كلا لديه حساب بنكي تورد له المليارات ! ينهب المال العام ويسخر لشراء الذمم وتجييش مراكز القوى ويبقى المعلم وحيدا في الميدان عليه ان يتحمل مسئولية التربية والتعليم حافيا جائعا !
لا احد يسره الاضراب بالتاكيد هذا راي الجميع ولكنه الورقة الوحيدة الباقية امام المعلم وهو يرى المليارات من عوائد البلاد تذهب رواتب بالعملة الصعبة او تذهب اينما الفساد قد صنع له قانون ، وحق ، وقوة ، ويبقى الامر يومئذ لله ..
اطمئنوا يا آمال البلاد .. هذا البلد ليس فقيرا ولا شحيح الموارد حتى يطلب من المعلم ان يربط على بطنه ويتنازل عن حقوقه وقوت ابناءه !
لذا هذه صرخة لكل من يخشى على مصلحة الجيل واستمرار العملية التربوية والتعليمية، قولوا لهم ، المعلم منهك جسديا ونفسيا ، راتبه يساوي قطمة رز وعلبة زيت ! وعليه بعد ذلك ان يموت الف مرة امام ابناءه واسرته ، تخنقه الحاجة ويذبحه القهر !
لا قلب بعد ذلك يستطيع ان يتحمل هذا الظلم ولا عقل يقبل بهذا الاجحاف !!
وامام تلامذته عليه ان يردد هذه البلاد ضعوها في حدقات اعينكم واحفظوها في شغاف قلوبكم وعندما يتذكر بانه لا يملك اجرة مواصلاته ولا غذاء ابناءه يلعن في قلبه الوطن الف مرة ويردد انني على استعداد استبداله بفردة حذاء !! ثم يعود الى البيت ذاويا مهموما ومنكسر...
بالطبع سيخرج من بين الخراب من يردد شامتا (ولكن اليس لديه راتب فغيره بلا راتب ) !! لن تفي اشارات التعجب من هذا القول ولن تكفي الف دهشة على هذا الانبطاح !
في العام الماضي كان اضراب وكانت الوعود الذي لم يتحقق منها شي ، الفارق هذه المرة لم نرى متشدقين يعرضون مساعدتهم للتدريس بدلا من المعلمين .. ربما شعروا ان النفاق لم يعد مجد وان الظلم لا يطاق .
المعلم لا يطالب الا بجزء من حقوقه الضائعة هذه كل الحكاية ومربط الفرس .
بح الصوت وتشققت الحناجر من المطالبة والصبر والتسويف !
الاشخاص الذين يعيشون رغد العيش من نهب الوظيفة العامة وبالعملة الصعبة رجاءا تنحوا جانبا ، فانتم جزء من المشكلة وجانب متعفن !
قم للمعلم ...لا يجدي البيت الماثور الان هنا ، فقد اقيم سرداقا لموته باليوم الف مرة بسبب الفقر والحاجة والمرض والاهمال واضفتم الان الاساءة لمهنته والتقليل من شانه ..
لا راتب يذكر ولا تامين صحي ولا حوافز ! وعليه ان يبقى صامدا ! لكنه يسقط من المرض فلا يجد قيمة المواصلات للمستشفى فما بالكم بتكاليف العلاج .
يطلب احد ابناءه صباحا قيمه مصروف مدرسته فترد دموعه لان الكلمات تتحول الى غصّة في القلب ..!
ثم لا يلبث يجر الخطى جرا متمتما ساخطا وباكيا ..
رجاءا قولوا له كيف يستطيع أن يعيش بعد ذلك وبالحد الادنى !
رجاءا قولوا له كيف يستطيع ياكل وطنية ويشرب ولاء وسيتنازل عن كامل حقوقه المشروعة المسلوبة !
تهالكت اعمارنا ونحن نبحث عن حياة !
قم للمعلم .... ستقوم قيامتهم لا محالة يا شموع البلاد .