عدن ومجلس القيادة ؟!
لم اجد شيئا جديد يبهر في تشكيلة مجلس القيادة الرئاسي .
هو صورة نمطية لطبيعة الصراع , وبصمات الإقليم في إدارة ذلك الصراع .
هو تخريجه سمجة لسيناريو التحالف العربي , الذي تدخل لاستعادة الشرعية , وانتهى بتقطيع أوصالها , وإفساد كيانها ,و دعم كيانات ترفض التعامل معها .
اليوم يسدل المخرج الستار , على نهاية ما تبقى من شرعية ثورية , وسلم عجلة القيادة , لتوليفة من قادة مليشيات , وقوى تناحر , نحرت الثورة , وتوزع دمها على قوى العنف في الداخل , جمعهم العداء للتغيير والتحول المنشود .
على ماذا الرهان , والشعب منهك , وكافر بمن حوله , يردد سلام الله على ...
يبقى هذا الرهان مرتبط بما يقدمه المجلس , لشعب فاقد الثقة , ينتظر من ينتشله من الجوع والمجاعة , ويحميه من المخافة , ويطهره من الكراهية والنعرات , والجهل والعصبية .
هذه التوليفة لمجلس متعدد الولاءات , تجمعهم المصالح , وعندما تنتهي المصالح , تبدأ الاحقاد والضغائن , وينفجر شظايا تصيب الجميع دون رحمة .
في المشهد العام على المسرح , حضر العنف وقواه , وغابت القوى الناعمة وعدن , وهي اليوم تحت الخطر , خطر بين العاصمة المؤقتة , والعاصمة الأبدية , وفي كل الحالتين , تتلطخ عدن بالدماء , وتفقد خصوصيتها الاقتصادية والثقافية , وايقونتها الرائعة , و جمال الفسيفساء الاجتماعية , كم عانت عدن بعد 67م , ولم تنعم بالسلام والوئام , ظلت مسرحا لتصفية الخصوم , ومعارك الرفاق , ثم خندق للرفاق , وغزو الشمال , المدينة التي طردت شرعيتها , وحلت عليها لعنة شرعية الغاب ,ومعارك أمراء الحرب , ولوبي بسط الأراضي والمتنفسات , وفساد الإيرادات والمؤسسات الحيوية والمرتكزات الاقتصادية , لعنة نقاط الجبايات , والبحث في الجينات , وقذارة المناطقية والطائفية , مدينة يرتعب منها الراس المال الجبان , طاردة للاستثمار , مدينة الاغتيالات فيها يسرحون ويمرحون القتلة والمجرمين , في سلطة لا يعنيها النظام والقانون , وغير معنية بالحساب والعقاب , والعدالة اخر اهتماماتها .
اه يا عدن , واهات , تخندق فيك الجهل والعصبية , و ذقتي مرارة القهر وبلادة العسكر , كنتي اعظم ميناء في العالم , ونقطة وصل لأهم طرق التجارة , وحضن استوعب الشرق والغرب والشمال والجنوب , وهبك الله بمقومات النعمة , و اردوا لكي النقمة , عطلوا مقوماتك , لصالح منافسيك في المنطق ,يا جوهرة بيد فحام.
لو صدقت نوايا الإصلاح , لكانت عدن الرهان , بكل مقوماتها وثقافتها المدنية , وكوادرها المؤهلة , فلا دولة نظام وقانون دون ثقافة مدنية , ولا نظام محترم بأدوات غير محترمة , فأزمة عدن في محيط قبلي يصدر إليها النعرات والكراهية والعصبية والقروية , ولم يستوعب دورها وريادتها , وأهميتها الاستراتيجية .
وفي كل الأحوال نبحث في اطار المجلس عن عدن فلا نجدها , كيف سنجدها وهي مغيبة في كل مشاورات وتسويات التقاسم , لا إقليم يريد عدن ولا محيط تفهم أهمية عدن , وكلا يستثمر قناعات بعض , ليصب غضبه على عدن .
لن ينجح مجلس ولا تسوية بدون عدن , عدن الرائدة في المنطقة , التي ساهمت منذ القدم في نهضة وتطوير كل من حولها , في التعليم والثقافة , في الصحة والتراث , في السياسة والاقتصاد , وإنارة صحاري وبراري وجزر وجبال الجنوب واليمن بنورها من العلم والثقافة والحضارة , فهل يتعقل المحيط الجغرافي والإقليمي , و يترك عدن لأبنائها , يديرونها بعلمهم وثقافتهم وكفاءاتهم , هم أعلم بما تستحقه عدن , ويستحقه الوطن .