عدن .. بلا زبادي !
كان ياما كان .. كان هناك مصنع ألبان في عدن .. ففي ستينيات القرن الماضي أنشأ أحد المستثمرين المحليين في جزيرة العبيد مصنعا صغيرا لإنتاج الألبان المعلبة وهي خليط من الحليب المجفف ونسبة معينة من الحليب الطازج الذي كان يأتي من حظائر الأبقار في كريتر والشيخ عثمان . كان المصنع ينتج الحليب في علبته المثلثة والقطيب (الزبادي) والحقين لكن بكميات محدودة .
بعد تأميم المصنع ضمن سلسة تأميم ممتلكات القطاع الخاص آلت إدارته وتشغيله لوزارة الصناعة ، تعاقب على إدارة المصنع عدد من الاشخاص ، كان أبرزهم الأستاذ أحمد فضل اليماني وهو شخصية قيادية وإدارية معروفة .
عمل اليماني ــ قبل أن ينتقل إلى طيران اليمدا مديراً لمكتبها في دمشق ــ على تطوير المصنع حيث تم إنشاء مبنى جديد وكبير في منطقة السيفيو بخورمكسر وجهّز بآلات وتكنولوجيا وخبرات إيطالية استطاع أن يغطي احتياجات السوق المحلية .
كان الحليب الطازج يأتي من مزارع الأبقار التي أنشأتها في ذلك الوقت وزارة الزراعة في كُلٍ من عدن ولحج بعد تأميم حظائر الابقار أو كما كانت تسمى زرائب البقر وإخراجها من وسط مدينة عدن إلى منطقة أبو حربة في الحسوة .
الساعة الخامسة فجراً من كل يوم كانت تصل سيارات نقل الحليب الطازج إلى المصنع وبعد تنقيته من الشوائب وقبل خلطه ومعالجته تتم تعبئة خمس دبب سعة عشرة لتر وترسل فورا إلى منازل قادة الدولة .. الرئيس .. الأمين العام .. نائب الرئيس .. رئيس الوزراء .. ووزير الصناعة ، باقي الكمية تدخل في خطوط الإنتاج من ثم يتم تسويقها .
للأمانة كانت منتوجات المصنع عالية الجودة وطعمها لذيذ ومستحبة من كل الفئات العمرية للمواطنين .. عمري ما سمعت أن مواطن قد اشتكى أو تسمم من منتوجات ذلك المصنع .
بعد الوحدة صاب المصنع ما أصيبت به كافة المصانع من تهميش وعدم دفع الرواتب للعمال و توقف فيها العمل وانتهت المزارع الضخمة لتربية الابقار وتحولت أراضيها إلى مساكن عشوائية ومقابر كما هو الحال في ابو منطقة حربة الآن .. وبيعت بعض المصانع برخص التراب ، فيما أغرقت الأسواق في عدن والمحافظات الجنوبية بمنتوجات المصانع الشمالية الأقل جودة والأكثر أعلاناً وترويجاً ، والتي كانت تعتمد أساسا على الحليب المجفف والنكهات الصناعية والمواد الحافظة .
متى سيصلح أمرنا ونستعيد سيادة الوطن وتتحقق هيبة النظام والقانون لينعم الجميع بخيرات البلاد .. متى ؟