) اشياء لا تنسى ) !.. (إني أتذكر:-لاأحدٌ يستطيعُ التنيؤ بما سيحدث، لكن شيئاً ما.....!!).
وجوهُ الناس، االشوارع، الزغاطيط البيوت ، رائحة الأمكنة، الزقاق الذي تمشي فيه ، حتى طَعم القهوة،الشاي المهيل الملبن الذي تشربه..كل شيء ..كأنك كنت هنا قبل ذلك. عشت هذه الحياة..او انها تعيش في روحك اوستعيشها !
احيانا، تستدعيك الصدفة،إلى مكان ما، دون ان تعرف السبب ..تحس بجاذبية تستقطبك بقوة آلية وتلقي بك في ذلك المكان..ربما هوقَدَرُك المكتوب دون ان تدري!!
إلهية صغيرة تتلقاها من مكان ما،وعليك ان تلتقطها في الوقت المناسب:
******************
ابن عمتي لزيارة خاله ، ودعاني ان اذهب معه لقضاء بعض الوقت حيث يعمل في كريتر . قبل ذلك جاء القاضي السيد محمد داؤد البطاح المولود في زبيد عام 1890م إلى عدن عام 1920وسكن في الدار الكائنة في" شارع المعري "وعمل قاضيا،ولعدله سُميّ الشارع باسمه ( حافة القاضي )!
يعمل ابن عمتي، وهنا ساسكن معه إلى حين!!
(شيئٌ ما سيحدث) :
******************
(2)
تذهب للصلاة في مسجد جوهر ،تحس بأنك صليتَ هنا آلاف المرات، وليست مَرّتك الأولى ،خلف( ابوالبهاءجوهر بن عبد الله العدني ) قطعت كل هذه المسافة لتسمع شِّعره الصوفي ، وهذا اكيد ، فقد كان شعره بالغ الرِقّة في الصبر والتواضع . ولعل هذا من اسباب تعلقك بمسجده .
توفي سنة 1228م ودفن في المسجد الذي سُميّ باسمه!، و يعود عمره إلى نحو 800 سنة ويُعدُّ من أقدم مواطن الاِستئيطان والنشاط السكاني في المدينة.!
##يملأكَ إحساس عميق،انك كنت هنا..
عشت هنا عندماكان البناؤون يبنون المسجدفي عهد الدولة الأيوبية، عملت معهم مدة قصيرة ، حتى قبل ان يستقر الشيخ جوهر في عدن ويقيم في المسجدإقامتة الدائمة!@هل يُعقَل انك كنت هنا ! عشت كل هذا العمر ..هل يعقل ؟ هل تعتقد انهم على علم بذلك ؟
مَن تقصد ؟ مَن ؟!!
تمد بصرك نحو المقبرة: ترى رفات علماء وقضاة ومشايخ ، دفنوا في ثراها، منهم آل شكيل وآل بامخرمة ،خلال قرون ماضية كان لعدن دورها في الفكر الإسلامي والتعليم الديني !!
#تبحث عن رفاتك بينهم ، فلا تجده ،
تحمد الله انك لازلت حياً تُرزَق !
( 3 )
وحيداً ، بين بيت الكتبي ، وبيت السيد ابوبكر محمداحمد السقاف ،وبيت الحريري، وبيت مكاوي،وبيت الحداد وبيت البار ، وعلى بعد عشرخطوات من باب مسجد جوهر يقع (قبر المظلوم ) بلون طلائه الاخضر الفاقع مستسلماًلسكينة الموت اللامتناهية ، مسافراً في اللانهائي داخل الأحشاء العجيبة لذرات التراب .ففي كل ذرة أُقيمتُ عمارات ، كتل اسمنتية ، طُرُق اسفلتية، لاعلاقة لها بالزمن الذي عاش فيه، ولابعدن القديمة ، لكن قبره مازال صامداً هناك يثيرإهتمام كل من يمر به !!
# بتُّ كثير التردد عليه ،للإستدلال على صاحبه ، كلما ذهبت للصلاة في مسجد جوهر ، تمر بقبره وتسأله :
لماذا سُميتَ المظلوم ؟
-لايجيب ..
مَن ظلمك ؟
ايضاً لايرد .
لماذا لم تنضم إلى بقية الأموات في المقبرة ؟!!
لماذا انت هنا وحيداً..ام هربت من المجنة1 )،واخترتَ هذا المكان لتثبتَ مظلوميتك لكل مَن يمر بقبرك ،دون ان تقول لهم مَن ظلمك؟ وماهي مظلوميتك ؟
## هل تعرفُ يامظلوم ؟
لعلك تجسيد لمظلومية عدن وابناء عدن ..
هذه المدينة التي ظلمت وابناؤها اكثر من اي مدينة واي شعب !!
لعلك النُّصب التذكاري لكل المظلومين ..!
لماذا لاتُجيب ؟!
كلنامظلومون بدرجة ما!!
@ليس مِنّا من لم ينلهُ ظلم دون ان ينتقم من ظالمه..
انت وحدك تصرخ بصمت حتى وانت ميت ! حتى إن كنا لانعرف الظلم الذي لحق بك..
وستظل هكذا إلى يوم يبعثون ..
حينهاتقف امام الرَبّ وتمسك بناصية ظالمك وتقول :
هذا هو ياربي ..هذا مَن ظلمني ، فخذ لي بحقي منه .
حينها عند مَن لايُظلَم عنده احد ، سيأخذ لك بحقك ،وتنال الإنصاف الذي لم تنلهُ في الدنيا..وينال هوجزاءه المستحَق!!
@@ ماالسائل اعلم من المسؤول !
اختلطتْ على السائل كثرة مَن يحملون اسم المظلوم ..فقبره في حافة القاضي
ليس الوحيد ..هناك ضريح سيدي عبد الله المظلوم في مدينة سَّلا بالمغرب ، بالقرب من ساحة باباالمريسة .تُعرَف سلا بانهابلادالخلوة ومكان الصالحين!
#اغلبهم وفدوا من الأندلس وبوادي وحواضر
المغرب ..لعلك تعرفه..سمعتَ به .!
لاجواب !
- حسناً لاتعرف هذا المظلوم ..لكن حتماً تعرفُ ضريح المظلوم في قرية مُحِب في دمياط بمصر ، والذي اعدمه محمد علي باشا ؟
لماذا انت صامت ولاتجيب بشيء ..
لعلك اذن تعرف ضريح ،اوقبر علي باشا المظلوم في القاهرة ؟
-حتى هذا لاتعرفه !
يقال ان السلطان رجب باشا والي مصر ذبحه ذبح الشاة بأمر من السلطان العثماني ،جزوارأسه وسلخوهاوحملوها للوالي العثماني .
تولى علي باشاولاية مصرثلاث سنوات ،
ووشىٰ به الوشاة إلى السلطان بأنه يسعى للانفراد بحكم مصر عن الاستانة ، فامر بقتله على ذلك النحو !
ايضالاتعرفه !!،ولم تسمع به!!
#اي مظلوم انت ؟حتى انك لاتعرف احداً من أقربائك .
لايهم ! سيُبعثُ كل منا فردا ..
## الحصول منه على جواب صعب ، تبذل محاولة اخيرة :تسأله إن كان يعرف حارة المظلوم ، إحدى حارات جدة الأربعة التاريخية ، يظل صامتاً كما كان !!
تمتد هذه الليلة طويلاً حتى الصباح دون ان تحظىٰ منه بشيء :لاعن اسمه ، ولامظلوميته ..ولامَن ظلمه؟! !
على ضوء الصباح المنسلخ من ظلام الليل ، تعود ادراجكَ إلى الدكان دون ان تكسر الصمت !
تشعر بخطوات ، لعله المظلوم يلحق بك ، ليقول لك شيئاً فلاتجرؤ على الالتفات إلى الخلف!!
(لكن شيئاًما.....)
******************
##حافة القاضي ، وماأدراك ماحافة القاضي هي الأكبر من حوافي عدن : العيدروس ، القطيع ، حسين ، الطويلة ، الخساف ،اليهود ، البهرة ، البنيان ، الاكشوش ..وغيرها من حارات المدينة العتيقة .
تبدأ ، مع نهايةحافة العجائز ،وتدخل إليها عبر شارع الشريف،وتنتهي بطلعة العيدروس من جهة ،ومدرسة بازرعة من جهةثانية ،ومن جهة ثالثة شارع الزعفران : وهكذا إلى
حافة الشيخ عبدالله .
ولحافة القاضي نزلتان : نزلة من السوق المركزي " سوق البلدية " ، ونزلة كوم الحشيش ، عند بيت الجيزاني ، وبيت شطارة .
( 4 )
##السكن في مكان عريق ، كحافةالقاضي ، يمنحك فرصـة نادرة للتعرف على العائلات والأُسَر العدنية الأصيلة ، هنا تكتشف طيبتهم ، نبلهم ، بساطتهم ، قبولهم للآخر ، بل تكسب منهم اصدقاء يدعونك إلى بيوتهم رغم صغرها ،ويعرفونك إلى أُسرهم ، يشعرونك بالألفة ويعتبرونك واحداً من اهل البيت .
ليست كل المدن تعطيك هذه الخاصية!!
#جزء كبير من تاريخ عدن السياسي والاجتماعي والثقافي ،والفني صنع هنا ، في كريتر ، في حوافيهاوحاراتها العتيقة، وجزء كبير من هذاالتاريخ صقلتهُ حافة القاضي !!
@الأمرلايتعلق بما نسميه بخاصية المكان ..المكان لايصنع فكراً اوإبداعاً مالم يقترن بعبقرية الإنسان التي تعطي للمكان خاصيته " العبقرية " .
واجمل مافي حافة القاضي ، ان بعضاً من اعرق العائلات العدنية تسكنها:ومنها عائلة علي زيد ( زيدان ) جَدّ زوجتي اسماء ، ووالدها محمد كان مدير سوق البلدية في كريتر ، وعمها سالم اول واشهرمَن لعب الهوكي في عدن .
عندما شرعتُ في كتابة هذه الحلقة طلبتُ منها ان تعينني في تذكر اهم العائلات العدنية التي تسكن حافةالقاضي
اِستجمعتْ مشهد طفولتها ،حياتها فيها ، اصدقاء وزميلات الطفولة ، والجيران ، وزودتني بموجز لأهم العائلات التي جالتْ في ذاكرتها تلك اللحظة: بيوت عدنية معروفة لايمكن ذكر حافة القاضي دون ان يكونوا في صدارة الأسماء ، ومن هؤلاء: بيت النعمي ، باسودان ، الكوكني ، العلبي ، الزوقري ، انور علي نور ، باحكيم ، بحصو ، الحبشي ، عوض بن عوض ، مدي ، البطاح ، الشيخ طاهر ، الموشجي ، المنيباري ، صالح عبده شيباني ، دحمان ، هداش ، بن شحنة ، معتوق عبد اللاه ، البيضاني ، الحكيمي ، عبده صالح ، حسن فضل عبد اللاه ، ابوبكر مسرج ، المقطري ، محمد صالح منصر ، محمود زخيري ، منقوش ، الشيخ كامل صلاح . كتبي ، مكاوي ، البار ، الجيزاني ، شطارة ، السيد حسن محمد احمد ، القعر ..
قالت لي ، ان ماذكرته تبسيط للعائلات العدنية في حافة القاضي ، فهم اكثر من ذلك بكثير !!
#إذا سكنتَ حافة القاضي ، فستسمعُ كثيراً هذه الاسماء وغيرها مقرونة ببيت ،وعادة في عدن ، إذا سألت :
- فين بيت فلان ؟
فسيدلك عليه اطرفُ مَن تسأله إذا كان مِن سكان الحافة ،
والسكان يعرفون بعضهم البعض جيداً، الرجال والنساء والأطفال ..وإذا سكنتَ في حافتهم اعتبروكَ من تلك اللحظة واحداً منهم .حينها لايساورك اي شك بأنك تحب هذه المدينة حتى النخاع ، ولايمكن ان تكرهها او تكره اهلها المعجونين من اديم الحب ، وجنة عدن !!
(5)
# قالت (المُراسِلة2) وهي تبكي :
- معروف حداد مات !
تلقى صديقه الصحفي نجيب صديق الخبر بصدمة ونقله إلى رئيس مجلس الادارة إبراهيم الكاف .
صمتَ برهة ليستوعبَ الخبر ، ثم سقطَ رأسه على الطاولة منفصلاً عن جسمه !!
ذهب نجيب إلى بيت معروف حداد ليتأكد إذا ماكان الخبر صحيحا .. وجد الباب مغلقاً .. لامظهر يدل على موت .
.لابكاء ، ولاحركة ، كل شي ء طبيعي ..
بعد قليل فوجئ بظهور معروف من مكان ما في الحافة . طارَ من الفرح
وقال له والغصة تكاد تخنقه :
مازلت تعيش ..قالوا انك مُتَّ ، وجئنا لندفنك ..
ضحك معروف حداد وعرعر ..وقال بسخرية معهودة فيه، وبلهجته العدنية :
- انا لما اموت بامشي إلى المجنة لوحدي !
ضحكا سوياً ، وعاد نجيب إلى الصحيفة ومعه معروف حداد ..دخلا على ابراهيم الكاف ، انفصل راسه من جسده وسقط على الطاولة مثل اول مرة من هول المفاجأة!!
## عندما كانت بلادي تخوض حرب التحرير لطرد الانجليز المحتلين ، كانت بيوت العدنيين تخفي الفدائيين والسلاح . ومن هذه البيوت بيت عبد الله الحداد "الصياد" في حافة القاضي الذي كان يخفي الفدائي سالم ربيع علي " سالمين "..
بعد مضي سنة ونصف على الاستقلال،
الفدائي اصبح رئيس البلاد واختار آسيا حداد إبنة الرجل الذي كان يخفيه سكرتيرة له، #اماانافقد تعرفتُ على الأب والإبن محمد وصرنااصدقاء!
#معتوق حسين تاجرالموبيليا المشهور ، من سكان حافة القاضي،ومعرضه في شارع الزعفران ،وابنه امير اصبح صديقاً لي،وقد عقد قرانه على الشاعرة إيمان جيزاني صديقة زوجتي لكن فسخا عقدهما وتزوجتْ من رجل اخر رحمها الله. غير انني لما تزوجتُ اخترت اثاث بيتي ( غرفة النوم وصالون الاستقبال ) من سجن المنصورة!
#لا ادري ماذا كانت تهمة أولئك الذين صنعوا تلك الموبيليا ، لكنها كانت قوية ومتينة وجميلة. صُنعتْ بايدٍ ماهرة !!
كان المسجونون في سجن المنصورة يتعلمون مِهَناً مختلفةخلال فترة محكوميتهم ، وحين ينهونها ، يخرجون وفي يدهم مهنة يترزقون منها ويندمجون في المجتمع مواطنين صالحين ،وكان السجن مدرسة، لامكاناً للعقاب ،وكان المساجين يقضون إجازة الخميس والجمعة في بيوتهم ، مع زوجاتهم واولادهم!!احد المساجين جاء الاول على مستوى الجمهورية في الثانوية العامة ، وكرم في عيد العلم !
الناس لايعرفون محمد عبد الرزاق باذيب ، لكنهم حتماً يعرفون عبد الله وعلي وابوبكر ، اشقاءه . عرفتهم جميعاً في فترات مختلفة ، بعدان انتقلوا للسكن إلى احياء أخرى لكن اخاهم الاكبر محمد،ظل في حافة القاضي ، واشتغل عامل صف يدوي في الصحافة العدنية ، وعملنا معا في صحيفة 14 اكتوبر . عرفني إلى أُسرته الكريمة ، زوجته الفاضلة السيدة زينب ، واولادهما شهاب ، فوزي ، عفيف ، كرم ، كروان ، تغريد ، وعبير .
##لعدن ، كريتر بالذات مذاقها الخاص دوناً عن بقية المدن والأحياء التي تتكون منها المدينة الأشهر . إذا قيل عدن فالمقصود المدينة العتيقة - كريتر - فهي القلب التجاري ومركز التجارة والتُّجاروالأسواق
والمصارف . مدينة الثقافة والشعراء والفنانين والصحافة والكُتاب والأحزاب والسياسيين . والمساجد ورجال الدين . والكنائس والمعابد التي لاتزال قائمة للطوائف التي سكنتْ عدن او ذابتْ في نسيجها الاجتماعي !!
هنا في هذه المدينة العريقة التي يعود تاريخ بنائها إلى القرن السادس قبل الميلاد على الاقل ، امكن وضعُ معزوفة عدن الكبرى المتاجنسة والمنسجمة ، لشتى الديانات والطوائف ، والأعراق ، في سيمفونية واحدة ..فيها كل التنوع والتلاقي التي تعمق فكرة ان الانسانية واحدة .
(لكن شيئاًما سيحدث:
(6)
#وحارة القاضي او(حافة القاضي) كما نطلقُ على الحارة في عدن ، مجمع نادر في نسيجه الاجتماعي .هنا يمكن ان نجد انموذجاً مصغراً لما نُسميه عبقرية المكان . انه مجمع يملأك بالدهشة !! وستذهل للعدد الكبير من الشخصيات الذين جمعهُ هذا الحيز الصغير من السياسيين والكتاب والشعراء والفنانين والاداريين ورجال المال:السياسي المفكر عبد الله باذيب وكانت حافة القاضي مقر صحيفته ( الأمل ) ومنها ادار معاركه القلمية والفكرية ، والشاعر الرومانسي والغنائي لطفي جعفر امان ، كان الطفل الذي ولد وامضى طفولته في حافة القاضي ، قبل ان تتفتح موهبته ويكتب اغاني الحب التي ترن في قلوبنا.. وهنا عاش الكاتب والشاعر احمد شريف الرفاعي . عندما كنتُ اذرع ازقةالقاضي. وحيداً كنتُ اسمع لحناً صافياًيتناهىٰ الي عبر الهواء الخفيف من بيت الفنانة رجاء باسودان، وهي اخت المذيعة فوزية باسودان . امشي قليلا فيصلني من بيت هائل صوت الفنان وديع هائل . وغير بعيد من بيت الفقيه، تتراقص اصوات الفنانين حسن وحسين فقيه وشقيقتهم فتحية الشهيرة ب " فتحية الصغيرة" . ومن بيت منصر يصدح الفنان والمذيع محمد سعيد منصر وشقيقته الفنانةصباح منصر . ويعزف المايسترو نديم عوض بفخامةعلى كمانه فيملأ ليل عدن سحراًوإذاستمرفي التوغل اجد بيت المساوىٰ وهو عبارة عن عزبة ، واول من احتضنَ الفنان ابوبكر سالم بلفقيه اول قدومهِ الى عدن من تريم ، وبدأ حياته عازف ايقاع خلف كبار الفنانين حتى اطلقَ اغنيته التي اطلقتْ شهرته كمطرب في حفل في مسرح البادري ( اقبلت تمشي رويدا ) وعزف له العود الفنان احمد قاسم بكل تواضع إيمانا بموهبته ، واحمد قاسم ايضاً إضافة إلى الشخوص العبقرية التي يمكن الإستدلال عليها على عبقرية المكان . ومن حسن حظي ان اغلبية من ذكرتهم تعرفتُ إليهم شخصياًتقريباً ماعدا احمدشريف الرفاعي لكن قرأتُ له واستمتعتُ باشعاره الغنائية التي غناها له كبار فناني عدن ..
احياناً يكون الاشخاص امامنا لكن لانسألهم في الوقت المناسب عن السؤال الذي يلح علينا بعد فوات الأوان : لماذا حافة القاضي بالذات ، جمعت كل هؤلاء وغيرهم كثير في زمن واحد ؟!
ولن يكون غريباً ان تلتقي كل هؤلاء في اوقات مختلفة في صيف عدن الحارق ، فيبادرونكَ بالابتسامة ، وليس بعيداً ان تصير في مقام الصديق فليس اسهل من ذلك ، وفي روحك اصداء موسيقاهم ، وعمق كلماتهم ، ودفء مشاعرهم .. وفي ذهني الآن : لماذا لم اسألهم ..لماذا ؟! وقد يبدو هذا السؤال بدون اهمية ولاتفسير ، يكفي ان حافة القاضي قدمتْ لنا هذا الكم من المبدعين في كافة المجالات ، وصنعوا في حياتنا كل ذلك القدر من الجمال والسعادة .
(المجنة1):هي المقبرة) في اللسان العدني
(المُراسِلَة2):هي العاملة الساعية بين المكاتب في دوائر العمل.