كي لاننسى الإعلامي المخضرم "عــبد الـقـادر خــضــر " ..؟! عاشق الكلمة والإبداع والنغم ..!
عبد القادر خضر صاحب التجربة الإعلامية الرائدة الحافلة بالعطاءات والإنجازات الإبداعية المتميزة ، أتسمت كتاباته الصحفية بتعدد وجهاتها وملامحها الفنية /النقدية التقييمية / التنويرية / الإجتماعية / السياسية / والإنسانــــية، وفـــي واقـــع الأمـــر ، لايمكن الحديث عن الأغنية اليــمنية وعصرها الذهــــبي وماحققته من نـــجـــاحات ( إستثنائية باهرة ) دون الخوض والإشارة للدور الإعلامي الهام الداعم والمساند الذي قــام به ولعبه ( الخضر ) بتفــوق وإقــــــــــتدار ( منتصراً ومؤازراً ) لـلغـناء الــــحديث في مدينــــة عــــدن منذ بــــدايات ( التكوين والتأسيس) حاشداً مواهبه وإمكاناته وطاقاته الإبداعية الصحفية والإعلامية لخدمة ذلك المشروع الغنائي الموسيقي النهضوي التنويري المتطور والتجديدي على كافة المستويات والأطر والقنوات الإعلامية المتنوعة والمختلفة.
في هذه التناولة سنتطرق لأهم الملامح والخصائص التي تميزت بها تجربته الإعلامية في ( المجال الفني ) على النحو التالي :
أولاً : حــدس إعلامــي فــني متفــرد
كـــــان الــــفـــقيد عبـــد القـــادر خضـــر كـتلة ملتهبة مشتعلة من الحيوية والنشاط ( متقدة فاعلة ومؤثرة ) فـــي مســـار حـــركة الـــغناء اليـمني الحديث والمعاصر،( وواحداً من صناع الكلمة الهادفة المعبرة ) التي ساندت مراحل تطور وإزدهار ورقي الأغنية العدنية بحبٍ وولهٍ وإخلاص من خلال مساعدتها ومـــتابعتها ( بالتقييم الفني المسئول والبناء ) وتمكينها من التبلور والإستمرارية والتواصل إيمــاناً وقــــناعة مدعــــمة بفــكر واعــــي وإدراك يتكئ ويــــستندُ على ( حدس إعلامي صحفي فني متفرد ) سبق كل التكهنات والإحتمالات التي لازمت ولادة وظهور ( الأغنية العدنية ) ووقف بكل مالديه من طاقات وإمكانات وملكات صحفية إعلامية ( إســتــثـنائية ) ضد التيارات التي حاولت محاربتها عبر بعض الأقلام المأجورة والأصوات المتعصبة النشاز التي وظفت لإغتيالها معنوياً وأدبياً وفنياً ، وبالفعل أستطاع القيام بذلك الدور الإيجابي الهام لخدمة ذلك ( المشروع ) حديث العهد في حينه بالمتابعة والمؤازرة والدفع به من خلال ( الكتابات الفنية النقدية ) الموجهة الجادة إلى فضاءات ومسارات ( غنائية موسيقية ) تجاوزت المساحات الكونية والحدود الجغرافية ليُصبح ( الغناء العدني الحديث ) في يومنا هذا ( حقيقة ) جلية ساطعة مشرقة كوضوح الشمس في كبد السماء فكتب (بضم الكاف) له الريادة والنجاح والتألق والثبات والشموخ وكسب ( الرهان الحضاري الإنساني الإبداعي الفني لصالح مدينة عدن ) التي رفدت عموم الوطن اليمني والجزيرة العربية والخليج بفنها الغنائي الموسيقي الحديث الرائد والمعاصر بعد حوارات مرهقة طويلة شاقة تشعبت وتداخلت تفاصيلها بشكل قصري مفتعل بالعديد من القضايا والملابسات السياسية / الإجتماعية / الجغرافية / والتاريخية .. لايتسع المقام لذكرها في هذا السياق،
وثبت أخيراً بالمنهاج والدراسات الأكاديمية العلمية مشروعية وجدارة وإستحقاق ذلك الكيان الإبداعي الفني التنويري الجديد المغاير والمتطور في أسلوبه وخصائصه ومذاقه وبهويته التي وشمت وبصمت أجمل وأعذب وأروع ســـماتها ومــــــلامحها ( اللحنية المقامية والإيقاعية ) في مسار تاريخ الغناء اليمني القديم والمعاصر، وبطبيعة الحال صنفت تحــــت مفهوم ومسمى ( الأغنية العدنية الحديثة ) وكانت في حقيقة الأمر هذه ( الإشكالية ) أهم نقاط الالتقاء الفكري المعرفي الثقافي التي ( جمعتني ) بالـــــراحل ( الحبيب ) عبد الـــــــــقادر خـــضر ( أبامجد) مسألة العشق والإنتماء والولاء ( لمدينة عدن ) الحب الخالد الأبدي.
ثانياً : راهب في محراب الــفــن والثقافة
قضى جل عمره ومعظمه راهباً في محراب الثقافة والفنون صحفياً وناقداً ومعداً لأبرز وأهم البرامج التلفزيونية والإذاعية التي أرشفت ووثقت بالصوت والصورة من خلال ( السهرات الفنية المتنوعة ) التي قدمها أجمل وأروع وأنجح الأعمال الغنائية الموسيقية للفنانين اليمنيين على إمتداد حقب زمنية متعاقبة شكلت الوجدان والذوق والمزاج الفني العام في داخل وخارج الوطن ، وفي حقيقة الأمر أمتازت تجربته الفنية وتفردت مسيرته الإبداعية في البحث الدؤوب اللامتناهي عن الطرف الأخر( متبنياً ) قضايا زملائه المبدعين والفنانين وحقوقهم المهدرة مادياً ومعنوياً ، كان رحمه الله ( القلم الذي عشق الفن والنغم )..
ثالثاً: مجلة الفنون وبعدها النجوم
تُـعـــتبــر ( مـجــلــة الــفــنــون وبـعــدها النـــجــوم ) مــن أوائــــل الإصـــدارات ( المتخصصة فــنــياً ) في اليمن والجزيرة العربية والخليج العربي، أدارها بإقتدار بحنكته وخبرته الإعلامية الصحفية المتراكمة الطويلة وأهتمت بتفاصيل ومجريات الحراك الفني ومايُعتمل ويحدث في عموم المشهد الإبداعي : الغناء / الشعر / القصة / المسرح / الدراما / الرياضة / الرقص الشعبي .. وغيرها من أنماط وأشكال الثقافة والفنون..
رابعاً: تبني ودعم المواهب الشابة
قام بإبراز وإظهار وتبني ودعم العديد من المواهب والأصوات الشابة ونجح بأريحيته وذكائه الصحفي المهني جمع كل الفنانين بمختلف الوان الطيف بأفكارهم وتوجهاتهم الأيدلوجية والإبداعية، فأستطاع ان يشكل همزة الوصل وجسر الإلتقاء الفني الإبداعي بين جيل الرواد ونتاجات وعطاءات الفنانين الشباب والجماهير العريضة من خلال كتابته وبرامجة وسهراته التلفزيونية والإذاعية التي كان يُــسبقها بالمتابعة والإعداد والتحضير الوافي المتكامل والدقيق بحضوره وتواجده أثناء البروفات مع الفنانين والفرق الموسيقية إلى أن أحتلت تلك الأصوات الشابة مكانة مرموقة في ساحة الغناء اليمني ..
فأين القائمين بذلك الدور ( التنويري والنهضوي ) المسئول والرسمي ( الرسالة الفنية الثقافية والإبداعية) وأهمية تواصل نتاجات وعطاءات مشاريع وخبرات الأجيال المتعاقبة من الفنانين اليمنيين في الواقع الراهن..؟!!
كــلـمـة لابــد مـنهــا :
دفع عبد القادر خضر ثمناً باهظاً من حياته كإنسان ومبدع بعد أن طاله الإهمال والتغييب والتهميش بسبب مواقفه وقناعاته التي لاتقبل المساومة والخضوع بسياسة الأمر الواقع وعدم الحياد عن جادة الحق والصواب ، فــُتــرك في زاوية مظلمة على الرف ( خليك بالبيت ) مع سبق الإصرار والترصد ليُصبح فريسة وعرضة للإكتئاب والإحباط قبل أن يداهمه الموت، ذلك في واقعنا الراهن ( عــقــاب ) لمن ُتسـول له نفسه من المبدعين الأخرين الذين لايســــمعون الكلام ولايقـــــومون بتنفيذ ( سيناريو ثقافة التسطيح والتجهيل) ، وللأسف الشديد نحن نعاني كثيراً مما يحدث منذ سنوات قاسية عجاف نصرخ ونستغيث من تراكمات ذلك ( الطوفان الجارف ) بعد أن شمل بطغيانه ومفاسده كل مفاصل حياتنا على كافة الأصعدة والأطر والمستويات نسمع ونشاهد في كل لحظة العديد من الزملاء والأخوة بمختلف المجالات العلمية والمهنية والإبداعية ممن يعانون ويتألمون وتختنق أنفاسهم وأصواتهم بحناجرهم كمداً وقهراً وهم يدفعون ضريبة مواقفهم وقناعاتهم النزيهة والشريفة بإبتعادهم عن حافة الإنحدار والسقوط في هاوية الإبتذال والإسفاف التي أضحت تلازم مجتمعنا اليمني ، نعم يدفعونها ( ُظـلماً وبهتاناً ) ثمناً مكلفاً غالياً من صحتهم وحياتهم بمعاناتهم اليومية المؤلمة الموجعة وأسرهم التي لم ترتكب أي ذنب أو جناية أو جريمة سوى إنهم يحملون قيم ومبادئ وأخلاقيات أسلافهم التي تؤكد بصورة قاطعة جلية وتبين بوضوح وشموخ وكبرياء ( شهادة ميلاد متجددة ) تتجسد في إستمرارية وديمومة المكونات الحضارية والإنسانية المتأصلة والمتجذرة في طبيعة أبناء وأهالي مدينة عدن الحقيقيين منذ الأزل ..
رحم الله فقيدنا عبد القادر خضر ومبدعينا أحمد قاسم ، محمد سعد عبدالله ، محمد مرشد ناجي ، محمد عبده زيدي ، خليل محــمد خليل ، عــبدالله هــادي سبــيــت ، د/ عبدالله فاضل ، فيصل علوي ، أحمد علي قاسم ، طه فارع ، إسكندر ثابت .. ممن تساقطوا تباعاً كأوراق الخريف ، وإني لولا حقوق وواجب الــصداقــة والســنين التي جمعتني بغــالبــيتــهم لكــنتُ فــضلت وأثـَــــْرتُ الــصمت والســكــوت فــي ( زمــــــنٍ بـــــه الأحــــيــاء أمــــــوات...؟!!)