صوت عدن/الرياض /خاص:

اكدت صحيفة الرياض السعودية في كلمة لها اليوم بعنوان : "اليمن .. معركة الوعي" أن اليمن في حالته الراهنة يقف على مفترق طُرُق ، فإما الإنزلاق نحو مزيد من التعقيد والعنف ، وإما اهتبال وإغتنام الفرصة التاريخية التي تعيد ترتيب بيته الداخلي وتحدد ملامح مستقبله وأمنه واستقراره .. فيما يلي نص الكلمة: 

اليمن .. معركة الوعي:   

من يتأمّل المشهد اليمني الراهن، ويقرؤه قراءة فاحصة، يلحظ أنّه زاخر بالتناقضات، وأنّه أمام لحظة مفصلية، وعصيبة، تتكثّف تلك التناقضات وتتشابك فيها المسارات السياسية والأمنية؛ في الوقت الذي يشهد فيه محاولات جادة، وحثيثة لانتشاله من وهدة هذا المصير المظلم، سواء إقليمياً أو عالمياً، ولا سيما المملكة العربية السعودية التي دأبت على تسخير جهودها المختلفة لدفع لمنطقة نحو الاستقرار، وحرصها على إعادة صياغة مسار الصراع بما يسمح بتحويل اليمن من ساحة اضطراب ونزاعات مفتوحة إلى بيئة مستقرة آمنة، يمكن من خلالها استعادة الدولة لوظائفها الأساسية لتعود إلى التنمية والرفاه، وتسيير عملية التنمية بما يعود على الشعب اليمني بالخير والسلام.

وكما يشاهد العالم بأنّ جهود المملكة لم تكن يوماً موقفاً دبلوماسيّاً فقط؛ بل جهد يعكس الرغبة السعودية العميقة التي تنطلق من وعي وإدراك بأنّ استمرار الصراع لا يعود على هذا البلد وإنسانه بالخير أو الاستقرار، وهو ما ينعكس أثره على اليمنيين وكذلك على المنطقة؛ وبالتالي فإن نجاح أي جهد يخدم هذه الرغبة هو في صالح الجميع، الأمر الذي يستدعي الوعي من جميع المكوّنات اليمنية بأننا نعيش لحظة تاريخية تتطلّب التعامل بقدْر من المسؤولية السياسية، وأن يتجاوزوا منطق التحشيد العسكري لصالح أولويات اقتصادية وتنموية أكثر تطلّباً وإلحاحاً.

وفي هذا السياق، تُشكّل التطورات في محافظة حضرموت مؤشّراً حسّاساً لطبيعة التوازنات القائمة، فالمتابع يلحظ بأنّ الخطوات الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي هناك فتحت باباً واسعاً للنقاش حول مفهوم الشرعية وحدود الأُطر الانتقالية، وحول ما إذا كانت بعض القوى اليمينة تسعى لفرض معادلات خارج المسار المتفق عليه، كما أن الانتهاكات التي رافقت هذه التحركات -من اعتقالات واختفاءات قسرية ونهْب وقيود على المدنيين تفاقم تعقيد المشكلة؛ إذ إنها تمسّ مباشرة الأمن المجتمعي؛ وهذا ما لا يتمنّاه أحدٌ لهذا البلد.

في المقابل، تظلّ القضية الجنوبية إحدى الركائز التي لا يمكن تجاهلها أو القفز فوقها في أي تصوّر مستقبلي لليمن، وهو ما يستدعي التذكير، بل التأكيد على أن هذه القضية بتعقيداتها، وبعدالتها التاريخية في الوقت ذاته، لا يمكن اختزالها في كيان واحد أو قيادة واحدة، بل إنها تحتاج إلى تمثيل أوسع يعكس التعددية واختلاف الرؤى، وهو ما سيخدم اليمن عموماً.

ولا شك أن اليمن في حالته الراهنة يقف على مفترق طُرُق؛ فإما الانزلاق نحو مزيد من التعقيد والعنف، وإما اهتبال واغتنام الفرصة التاريخية التي تعيد ترتيب بيته الداخلي، وتحدد ملامح مستقبله وأمنه واستقراره.