◾ بعد الأحداث التي أدت إلى إعلان دولة إسرائيل عام 1948، أصبح ناجي لاجئاً وهو في الحادية عشرة من عمره فقط، وهي حالة سترافقه طوال حياته لأنه لن يتمكن أبداً من العودة إلى وطنه.
   دُمرت قريته على يد دولة إسرائيل حديثة التأسيس، وطُردت عائلته، كسائر سكانها السبعمائة. ولقي ما لا يقل عن 530 قرية أخرى المصير نفسه: ففي النكبة، هُجّر أكثر من 750 ألف فلسطيني، ضحايا التطهير العرقي الصهيوني. ولجأ اللاجئون إلى 59 مخيمًا أقامتها الأونروا في الدول المجاورة. ولجأ ناجي وعائلته إلى مخيم عين الحلوة لبنان.

   الحلوة (عين الجميل أو النبع الجميل، إذ كان يقع حيث نبع ماء نقي)، في جنوب لبنان. هناك، كانت الحياة على حافة الكرامة الإنسانية، كنا ستة أشخاص نعيش في خيمة واحدة، سكان الحقول كانوا من فلسطين، لم يكونوا تجارًا ولا مُلاك أراضٍ، بل مزارعين: في كل مخيم للاجئين، كانت الظروف متشابهة، ولن ينساها ناجي أبدًا.

   في هذه الظروف، بعد إنهاء دراسته الابتدائية، عمل الفنان المستقبلي في وظائف مختلفة لإعالة أسرته. ثم التحق بدورة هندسة ميكانيكية لمدة عامين في طرابلس، ثم انتقل إلى بيروت بحثًا عن عمل. وهنا أيضًا، كان منزله مخيمًا للاجئين: شاتيلا.

   إنها خمسينيات القرن الماضي، التي اتسمت بالتطور السريع لدول الخليج المرتبطة بالذهب الأسود. يتدفق العديد من الشباب العربي إلى هذه المناطق بحثًا عن فرص العمل في صناعة النفط. يُعد الفلسطينيون من بين الأكثر تأهيلًا تقنيًا ومهنيًا. 

جريدة السفير اللبنانية، يونيو 1983. مقابلة المواجهة مع ناجي العلي

"رضوى عاشور، مصر"