صوت عدن/ وكالات: 

لا يزال الغموض يحيط بملف السلام والوقف الشامل للحرب في اليمن رغم أن الحرب متوقفة عبر هدنة طويلة ، إلا أن الأوضاع في المنطقة والتي فُرضت على ملف الصراع أضافت عراقيل جديدة وجعلت الحل أكثر صعوبة من ذي قبل ، لكن يبدو أن هناك جهودا غير معلنة تسعى للوصول إلى خارطة طريق شاملة للسلام في البلاد.
فهل ترحيب مجلس التعاون الخليجي في الآونة الأخيرة بالجهود السعودية - العُمانية لوقف الحرب يعني أن هناك تفاهمات جديدة جرى التوافق عليها بين المكونات السياسية لإحلال السلام بعد سنوات من الحرب وفي ظل الوضع الخطير الذي تعيشه المنطقة والعالم؟
بداية يقول هاني اليزيدي رئيس الحركة الوطنية الديمقراطية (حمد) في الجنوب اليمني إن مناشدة مجلس التعاون الخليجي في دورته الـ45 التي عُقدت بالكويت بضرورة وقف الحرب وإحلال السلام في اليمن تأتي في ظل التحديات الكبرى التي تعصف بالبلاد الأمر الذي وضعنا جميعا أمام لحظة تاريخية تتطلب منا كقوى سياسية ومدنية مسؤولية غير مسبوقة لإعادة صياغة مستقبل اليمن ووضع حد للمعاناة التي طالت كل بيت وكل مواطن.
*الواقعية السياسية:*
وأضاف اليزيدي في حديثه لـوكالة "سبوتنيك" : "نحن في الحركة المدنية الديمقراطية (حمد) ننظر إلى المشهد الحالي بعين الواقعية السياسية وندرك أن الاستمرار في النهج القائم من الصراع والعنف لن يؤدي إلا إلى المزيد من التدهور ، فقد دخل اليمن في نفق مظلم بفعل سنوات من الحرب التي لم تُفضِ إلا إلى تعميق الانقسامات السياسية والاجتماعية واقتصاد على حافة الانهيار وتعطلت مؤسسات الدولة وأصبحت مهددة في بقائها" مشيرًا إلى أن "الجهود الدولية والإقليمية حتى الآن لم تحقق إنجازا حقيقيا لأنها لم تأخذ في الاعتبار خصوصية المشهد اليمني وضرورة إشراك كافة الأطراف في صياغة الحلول".
وأشار اليزيدي إلى أن "الحل الشامل والحقيقي يجب أن يعالج جذور الأزمة والصراع وليس الأعراض فقط ، لأن أسباب الصراع الحقيقية تتنوع ما بين الاقتصاد والانقسامات السياسية والظلم الاجتماعي ، ولا بد من تحقيق العدالة الانتقالية لتجاوز آثار الانتهاكات التي ارتكبت بحق الشعب خلال سنوات الصراع مع ضمان استقلال القرار اليمني والذي يمثل أولوية قصوى ، لا يمكن فرض حلول دائمة إلا إذا استندت إلى إرادة يمنية خالصة بعيدًا عن الضغوط الإقليمية والدولية مع الاستفادة من الدعم الدولي كعامل مساعد وليس مُوجها".
*الشراكة الوطنية:*
وتوجه رئيس الحركة الوطنية إلى جماعة "أنصار الله" بالقول إن "استمرار رفضكم للانخراط في مسار مصالحة جادة يضعكم في مواجهة عزلة سياسية وشعبية ودولية. اللحظة الحالية تتطلب شجاعة سياسية تتجاوز المصالح الآنية لصالح المصلحة الوطنية".
ودعا اليزيدي إلى "ضرورة وجود خارطة طريق تعتمد على تشكيل آلية دولية وإقليمية لدعم الحوار الوطني بإشراف أممي وضمان بيئة محايدة تجمع الأطراف المختلفة ، يجب أن يترافق ذلك مع برنامج اقتصادي طارئ لمعالجة الأوضاع المعيشية بالشراكة مع مؤسسات دولية وتشكيل لجنة متابعة دولية لضمان تنفيذ مخرجات الحوار الوطني" مناشدًا اليمنيين بأن القرار بأيديهم وعليهم الاختيار ، إما طريق المصالحة وإعادة البناء أو استمرار الصراع والدمار مضيفا : "لقد آن الأوان للخروج من النفق وبناء يمن المستقبل".
*تصريحات متكررة:*
من جانبه يقول عبد العزيز قاسم القيادي في "الحراك الجنوبي اليمني" : "بالنسبة للدعوة لإحلال السلام من قبل مجلس التعاون الخليجي في دورته التي عقدت بالكويت مؤخرا أعتقد أنها تصريحات تأتي بين حين وآخر لكنها لم تر النور على أرض الواقع ، الأهم من ذلك هو معرفة من يمسك بخيوط السلام في اليمن خاصة وأن الحديث عنها يأتي بالتناوب تارة عبر المبعوث الأممي وأخرى عبر دول الخليج أو التحالف العربي وكلها تصريحات لم تلامس الواقع ولم تلبِ أدنى مقومات وأسس السلام".
وأضاف في حديثه لـوكالة "سبوتنيك": "عملية إحلال السلام في اليمن ترتبط أساسا بحل شامل وتحديد القضايا والأولويات ، فضلا عن رغبة إقليمية ودولية وكذلك استقلال الإرادة الداخلية لقوى الصراع في اليمن ، لكن عبء الارتباط لهذه القوى وتبعية كل منها لقوى خارجية ساهم في تعقيد مسار عملية إحلال السلام باليمن فضلا أن الصراع داخل القوى نفسها وكذلك تشابك المصالح الدولية".
وقال قاسم: "أعتقد أن الدعوة لإحلال السلام إذا كانت للقوى المنضوية بالتحالف فلا تحتاج أن تدعوها لأن التحالف هو من يحركها وإن كانت موجهة لجميع قوى الصراع ومنهم الحوثيين (أنصار الله) فيبقى الأمر مجرد تصريحات عبثية لا تسمن ولا تغني من جوع".
*سخط شعبي:*
وأشار قاسم إلى أن "هناك حالة سخط شعبية خاصة في المناطق الخاضعة لسيطرة التحالف العربي والقوى المنخرطة فيه جراء تدهور الأوضاع في شتى مناحي الحياة والفساد وتأخر صرف المرتبات رغم أنها شحيحة لا تسد رمق أسرة واحدة ، كل هذه الجوانب تحتاج إلى مراجعة قبل الخوض في عملية السلام خاصة وأن الجبهات مستقرة نسبيا".
ولفت إلى أن "عملية إحلال السلام في اليمن مرتبطة بالتحالف والمجتمع الدولي خاصة الدول المهيمنة على المشهد اليمني ومتى ما توفرت لديهم الرغبة لإحلال السلام يمكن أن يؤسس لاستقرار وسلام مرحلي وليس استراتيجي".
*طريق طويل:*
بدوره يقول الدكتور عبدالستار الشميري رئيس مركز "جهود" للدراسات باليمن : "أعتقد أن دعوة مجلس التعاون الخليجي خلال دورته الأخيرة بالكويت لإحلال السلام الشامل باليمن جاءت بعد مشاورات في سلطنة عمان وغيرها من أجل صياغة رؤية واضحة لوقف الحرب والدخول في عملية سلام ولو بشكل مؤقت".
وأضاف في حديثه لـوكالة "سبوتنيك" : "أما مشروع السلام والاتفاق والتوقيع على شيء في المدى القريب ، أعتقد أن مثل هذا الأمر لا يزال أمامه الكثير من الصعوبات والعوائق".
وأشار الشميري إلى أن "الحرب في اليمن بشكل عام تعتبر متوقفة ما عدا عمليات الاستنزاف في بعض الجبهات ، لكن الحديث عن خارطة سلام شاملة لبناء دولة في اليمن هذا الأمر بعيد جدا حتى تتخلق قناعات لدى كل الأطراف بضرورة الوصول إلى هذا الحل حيث أن المستجدات في البحر الأحمر والمنطقة فرضت نفسها على الملف اليمني بما لا يخدمه".