عام من حرب الإبادة على غزة : أهم النتائج وماذا تغير في المنطقة والعالم؟
صوت عدن/ وكالات :
دمار شامل لغزة وعشرات الآلاف من القتلى والجرحى غالبيتهم أطفال ونساء وقرارات دون جدوى من محكمة العدل والجنائية الدولية.
عام يمر على حرب بدأت بالطوفان فجاءت بعده همجية السيوف الحديدية لتختبر الإنسانية
ربما تكون أكبر مقتلة في التاريخ للأطفال والنساء لكنها بالتأكيد الأكبر في العصر الحديث إنها حرب "السيوف الحديدية" الإسرائيلية على غزة التي يمر عامها الأول دون توقف يذكر مع فشل ذريع لكل الجهود الدبلوماسية والإنسانية لوقفها بل إنها تتسع لتحصد مزيد من الأرواح في لبنان والضفة الغربية.
نحاول في هذه الحلقة الخاصة من عالم سبوتنيك تسليط الضوء على أهم نتائج هذه الحرب وما أحدثته من تغييرات في منطقة الشرق الأوسط والعالم.
دمار شامل لغزة وعشرات الآلاف من القتلى والجرحى غالبيهم أطفال ونساء
بدأت هذه الحرب في السابع من أكتوبر عام 2023 بعملية طوفان الأقصى التي قادتها حركة المقاومة الإسلامية حماس ومعها حركة الجهاد الإسلامي عندما شن المئات من عناصر المقاومة هجوم مباغت على المستوطنات المتاخمة لقطاع غزة أدت الى مقتل أكثر من 250 جندي إسرائيلي بالإضافة الى مئات المدنيين الآخرين من سكان المستوطنات كما أخذت المقاومة الفلسطينية أكثر من 215 رهينة إلى غزة بحسب تصريحات الجيش الإسرائيلي.
أعلنت إسرائيل الحرب على غزة وبدأت ما سمته عملية السيوف الحديدية والتي شهدت كل أنواع الانتهاكات للقانون الدولي والإنساني فقد قتل الأطفال والنساء والشيوخ في المدارس والمساجد والكنائس والمستشفيات وحتى في الأماكن التي أعلنتها إسرائيل نفسها أماكن آمنة قصفتها وقتلت من ذهبوا للاحتماء بها.
ارتكبت حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو العديد من المجازر بحق الفلسطينيين التي ندد بها العالم وكل المؤسسات الأممية والدولية نذكر منها مجزرة مستشفى المعمداني في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2023. ...
مجزرة جباليا 31 أكتوبر/تشرين الأول 2023. ...
مجزرة مدرسة الفاخورة 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2023. ...
مجزرة دوار النابلسي "مجزرة الطحين" 29 فبراير/شباط 2024. ...
مجزرة مستشفى الشفاء ...مجزرة رفح "محرقة الخيام" ...
مجزرة مدرسة النصيرات ...مجزرة النواصي خان يونس
ومع مرور عام كامل وصل العدد الإجمالي للقتلى من الفلسطينيين إلى نحو 42 ألف قتيل بينهم أكثر من 11300 طفل، و6297 امرأة، و2955 من كبار السن، فيما وصل عدد المفقودين إلى نحو 10 آلاف وأصيب نحو 100 الف مواطن يعاني العديد منهم صدمات شديدة وظروفا تهدد حياتهم.
ووثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أكثر من 120 مقبرة جماعية عشوائية في محافظات قطاع غزة لدفن شهداء الحرب الإسرائيلية.
وعلى الجانب الإسرائيلي أعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية إصابة أكثر من 10 آلاف جندي منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي .. كما قتل أكثر من 700 جنديا وضابطا بينهم 330 بالمعارك البرية في قطاع غزة.
قال الكاتب الصحفي أحمد الأغا، إنه "بعد مرور عام كامل من الحرب على غزة شهدت غزة هجوماً على المستشفيات والمدارس وأصبحت غزة غير صالحة للعيش حيث تم استهداف البنى التحتية للمياه والآبار واستهداف الصرف الصحي وانتشرت الأمراض والأوبئة وأصبحت المستشفيات عاجزة عن تقديم الخدمات الطبية للمصابين والجرحى".
وقال الأغا "مهما تحدثنا لا يمكن وصف المشهد الحاصل في غزة حالياً بدقة، وأصبح المواطن الفلسطيني غير متفائل بالمؤسسات الدولية وتطبيق القانون الدولي، فقد أصبحت المحكمة الجنائية غير قادرة على تطبيق القانون الدولي وحماية الفلسطينيين مما يحدث على الأرض من أعمال إبادة ومجازر تستهدف النساء والأطفال وكبار السن والشباب".
قرارات دون جدوى من محكمة العدل والجنائية الدولية
في ظل هذه الحرب المدمرة حاولت روسيا ومعها المجموعة العربية في مجلس الأمن كما حاولت الصين إصدار قرار من مجلس الأمن الدولي بإيقاف الحرب واللجوء الى المفاوضات لحل الأزمة والإفراج عن الرهائن الإسرائيليين وإدخال المساعدات إلى غزة لكن الولايات المتحدة ومن خلفها بريطانيا وفرنسا عرقلوا كل القرارات وفشل مجلس الأمن في إصدار قرار يدين إسرائيل أو يلزمها بوقف الحرب، وظلت تردد الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا عبارة "من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها" وظلت غالبية دول العالم تستنكر وتدين وتتساءل هل الدفاع عن النفس يسمح بقتل كل هؤلاء الأطفال والنساء وتدمير قطاع كامل بكل ما فيه من مبان.
مع فشل مجلس الأمن رفعت جنوب إفريقيا دعوة لدى محكمة العدل الدولية التي أصدرت قرارا في السادس والعشرين من يناير 2024، أمرت فيه إسرائيل باتخاذ كافة التدابير في حدود سلطتها لمنع الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني في غزة، مؤكدة أنها لن ترفض قضية الإبادة المرفوعة ضد إسرائيل.
وقالت محكمة العدل الدولية خلال تلاوة حكم لها يتعلق بدعوى الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا، إن على إسرائيل ضمان عدم ارتكاب قواتها أعمال إبادة جماعية.
كما أصدرت المحكمة قرارا آخر يطالب إسرائيل بالوقف الفوري لهجومها العسكري على رفح وأي عمل آخر في المحافظة الواقعة جنوب غزة قد يفرض على المجموعة الفلسطينية في القطاع ظروفا معيشية يمكن أن تؤدي إلى تدميرها المادي كليا أو جزئيا.
وطالبت المحكمة كذلك بإبقاء معبر رفح مفتوحا أمام توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية المطلوبة بشكل عاجل على نطاق واسع لصالح السكان.
لكن إسرائيل لم تنفذ أي من هذه القرارات واستمرت في حربها تحصد أرواح الآلاف بذريعة ما تسميه واشنطن "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها".
لم يكن قرار محكمة العدل الدولية هو الوحيد الذي كشف عجز القانون الدولي والمؤسسات الأممية أمام إسرائيل حيث كان هناك قرار آخر تمثل في طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بإصدار أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، إلى جانب قادة حماس يحيى السّنوار ومحمد الضّيف وإسماعيل هنيّة بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، في إسرائيل وفي دولة فلسطين وتحديدًا في قطاع غزة المحتل، اعتبارًا من 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 .
المحكمة الجنائية نفسها تلقت تهديدات من إسرائيل وتحذيرات من مشرعين أمريكيين اعتبروا أن مثل هذه الأوامر غير شرعية ولا تستند إلى سند قانوني، وهو الأمر الذي أدى الى استنكار عالمي بل إن الاتحاد الأوروبي نفسه حليف واشنطن أعلن أنه يقف مع الجنائية الدولية ضد أي تهديدات.
قال أستاذ القانون الدولي منير نسيبة، إن "الوقت الحالي يفرض على العالم ضرورة تطبيق القانون الدولي لوقف الانتهاكات الإسرائيلية التي يرتكبها جيش إسرائيل، فقد كانت هناك خطوة كبيرة من قبل المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، بطلبه لمذكرات اعتقال من الغرفة التمهيدية للمحكمة بحق نتنياهو وغالانت وهذا تقدم كبير جداً".
وتابع "وكانت محكمة العدل الدولية قد قررت أيضاً بأن الاحتلال الإسرائيلي يرتكب مجازر جماعية، إذن القانون الدولي لديه مسارات يمكن من خلالها أن يتم التقدم بشكل مستمر باتجاه العدالة ولكن المشكلة تكمن في التنفيذ الجبري لأحكام المحاكم الدولية وقراراتها والقانون الدولي، ولكن يأتي تطبيق قرارات القانون الدولي من الدول وليس من المحاكم، لذلك يصعب تنفيذ هذه القرارات بسهولة.
لذلك نحن نعول الآن على الجمعية للأمم المتحدة حيث تستطيع أن تنسق بين الدول من أجل معاقبة إسرائيل وتنفيذ القانون لا يأتي إلا من خلال فرض العقوبات".
* "لا دولة فلسطينية" بقرار من إسرائيل وانكشاف مخطط تهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء
الحرب على غزة كشفت تماما زيف ما تم ترويجه لأكثر من 30 عام بأن إسرائيل مستعدة للتفاوض على قيام دولة فلسطينية حيث أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رفضه لإقامة أي دولة فلسطينية، وأعلن مجلس الوزراء الإسرائيلي التوقيع على وثيقة ترفض الاعتراف أحادي الجانب بدولة فلسطينية.
وأضاف المجلس "ترفض إسرائيل رفضا قاطعا الإملاءات الدولية بشأن التسوية الدائمة مع الفلسطينيين، حيث لن يتم التوصل إلى مثل هذه التسوية إلا من خلال المفاوضات المباشرة بين الجانبين، دون الشروط المسبقة".
كما تبنى الكنيست الإسرائيلي في يوليو/تموز للمرة الأولى في تاريخه مشروع قرار ينص على رفض إقامة دولة فلسطينية غرب نهر الأردن. بأغلبية 68 عضوا من أصل 120 عدد أعضاء الكنيست.
ومع اجتياح غزة انكشف مخطط آخر وهو محاولة إسرائيل محو غزة تماما وتهجير أهلها إلى سيناء المصرية الأمر الذي رفضته مصر تماما ودعمت رفضها جميع الدول العربية وقامت مصر بإرسال بعض من قوات الجيش الى الحدود مع غزة لمنع إسرائيل من تنفيذ هذا المخطط.
قال بشير عبد الفتاح الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية: "إن استمرار العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل سيكون ثقيلا مع هذه المذابح والجرائم التي ارتكبتها إسرائيل على مدى العام الماضي لكن هذا هو ديدن العلاقات الدولية فقطع العلاقات معناه العودة للحروب مرة أخرى".
وأشار عبد الفتاح إلى أنه لم يحدث استدعاء سفراء بين إسرائيل وأي من الدول العربية، لافتا إلى أن المسار السياسي بجوار المسار المقاوم هو الصيغة التاريخية في مقاومة أي محتل، لذا ستبقى المقاومة قائمة رغم كل الضربات التي تلقتها على مدى عام كامل.
وأضاف عبد الفتاح أن إسرائيل لن تتخلى عن مخطط التهجير إلى سيناء أو التخلص من الفلسطينيين بأي صيغة، لكن يبقى مشروعا مؤجلا.
*انكشاف ازدواجية معايير المجتمع الغربي بقيادة الولايات المتحدة:
ترفع الولايات المتحدة ومن خلفها بريطانيا وفرنسا وألمانيا شعارات الديموقراطية وإعلاء قيم حقوق الإنسان لكن كل هذه الشعارات سقطت ودفنت تماما مع دعم هذه الدول لإسرائيل في حربها على غزة.
العديد من المسئولين السياسيين والصحافيين العرب والأجانب وكذلك المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي، رفعوا شعار "إزدواجية المعايير". فأجرى العديد من بين هؤلاء مقارنات بين أسلوب تعاطي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مع حالات مشابهة ومنها مثلاً العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا والمسارعة إلى اتهام موسكو زوراً بارتكاب الجرائم والضغط من أجل إعلاء معايير حقوق الإنسان واحترام القانون الدولي.. وكيف أنهم أنفسهم يغضون الطرف عن كل المخالفات الإسرائيلية لتلك القوانين والمعايير في قطاع غزة.
خلال الصراع في أوكرانيا اتهمت الدول الغربية، أولاً وقبل كل شيء موسكو بممارسة "العدوان على دولة ذات سيادة" فضلاً عن اتهامها باحتلال وقصف مرافق البنى التحتية من مستشفيات ومدارس ومنشآت للطاقة ومراكز حكومية مدنية بلا أدلة ومن أجل أجندات سياسية واضحة.
بينما تستهدف إسرائيل المنشآت المدنية وتنفّذ هجمات واسعة النطاق على البنى التحتية المدنية في غزة وكذلك في الضفة الغربية، الخالية من حركة "حماس" التي تتحجج بها إسرائيل من أجل قتل الفلسطينيين وهذا يدل أنّ "حماس" لم تكن سوى حجة من أجل تنفيذ ما تطمح إليه إسرائيل وهو تهجير الفلسطينيين من غزة والتخلّص منهم إلى الأبد.
فوق ذلك، يقوم الجيش الإسرائيلي بـ"قصف عشوائي" شامل، لا يستثني الأفران ولا المدارس ولا حتى دور العبادة من مساجد وكنائس ولا المستشفيات.
غياب العدالة وازدواجية المعايير والانحياز لإسرائيل أدى الى غضب عارم في الولايات المتحدة وخاصة بين طلاب الجامعات مما أسفر عن موجه من الاحتجاجات الطلابية المؤيدة لفلسطين شهدتها مختلف الجامعات عبر العالم وخاصة الولايات المتحدة، وازدادت حدَّة الاحتجاجات المؤيدة للقضية الفلسطينية في الجامعات الأمريكية خلال أبريل عام 2024، مع إنتشار تحقيقات حول جرائم حرب يزعم أن الجيش الإسرائيلي ارتكبها، طالب فيها المتظاهرون بسحب استثمارات الجامعات من إسرائيل بسبب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني إضافة إلى وقف السياسات الداعمة لإسرائيل وقطع العلاقات بالمؤسسات الإسرائيلية المتورطة في الإبادة الجماعية.
وقد تم اعتقال أكثر من 3 آلف طالب وطاقم تدريسي في أكثر 60 من الجامعات الأمريكية وحدها خلال الاحتجاجات.
قال عبد الباري عطوان الكاتب الصحفي: "إن التاريخ لا يمكن أن ينسى أن الولايات المتحدة والغرب الأوروبي وقفوا بجانب المجازر وحرب الإبادة التي تقوم بها دولة الاحتلال ضد غزة وأهلها، وقدمت واشنطن لإسرائيل أكثر من 30 مليار دولار في صورة أسلحة ومعدات، فهي شريكة كاملة في هذه المذابح، وهو أمر لا يمكن أن يغفره التاريخ".
وأضاف عطوان أن أمريكا وحلفائها لا يقودون العالم بما يخدم المصالح الأمريكية وإنما بما يضر بها، فهي تقود حربين، واحدة في أوكرانيا وقد خسرتها بعد أكثر من عامين، والأخرى في غزة بهدف التطهير العرقي، وهو أمر ينبغي أن تخجل منه، وقد ظهر ذلك في اعتراض طلبة الجامعات والمظاهرات الشعبية ضد النازية الجديدة التي تقودها الولايات المتحدة".
تمدد الحرب بقوة إلى لبنان وترقب حرب شاملة:
بعد عملية اغتيال حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله بدأت إسرائيل في تنفيذ خطتها حيث تحاول اجتياح جنوب لبنان بريا بقوات من شأنها تأمين شمال إسرائيل وإعادة السكان الذين نزحوا نتيجة الهجمات والغارات التي تشنها قوات حزب الله لدعم غزة.
وجاءت التحركات الإسرائيلية البرية في أعقاب غارات مكثفة على لبنان على مدى الأسبوعين الماضيين، وأسفرت عن سقوط مئات الضحايا المدنيين، في محاولة للقوات الإسرائيلية فرض واقع جديد مع حزب الله من أجل تأمين عودة مستوطني الشمال إلى مستوطناتهم.
ورغم أن الجيش الإسرائيلي أعلن أن قواته "بدأت غارات محدودة وموجهة ضد أهداف لحزب الله"، فإن الخطة قد تتطور إلى عملية أوسع وأطول أمدا، خصوصا مع نشر آلاف من القوات الإضافية في الشمال في الأيام الأخيرة.
وأثار التصعيد المستمر لهذا الصراع مخاوف سياسيين ومحللين من مختلف أنحاء العالم حيال اتساع نطاقه ودخول الشرق الأوسط في حرب شاملة.
قال المحلل السياسي أحمد عزالدين إن "مفهوم الحرب الشاملة يأتي عندما تتجاوز هذه الحرب لبنان أما فيما يتعلق بالحرب في لبنان فهى تعتبر في قلب الحرب الشاملة خاصةً وأن الطائرات الإسرائيلية وصلت من أقصى الجنوب لأقصى الشمال وتسببت في دمار للبنى التحتية ومازالت المواجهات على الحدود مستمرة، ويمكن الإشارة إلى احتمال وقوع حرب شاملة إذا ردت إسرائيل بأي ضربة إسرائيلية لإيران رداً على هجماتها في الأول من أكتوبر.
وأشار الزين إلى أن هناك حملة تدمير ممنهجة تطال عشرات الأبنية المدنية، وأضاف أنه بعد عملية طوفان الأقصى، قرر حزب الله الدخول في هذه الحرب كإسناد لغزة ويبدو أن إسرائيل وافقت على هذا الإشغال دون قواعد الاشتباك التي كان معمول بها بأن تكون الضربات محددة قرب الحدود واستهداف عسكريين ومقاتلين من حزب الله ولكن لم يحدث ذلك في حقيقة الأمر من قبل إسرائيل".
**دخول ايران في مواجهة مباشرة مع إسرائيل:
ظلت إيران منذ بداية الحرب الإسرائيلية تحذر من توسيع دائرة الحرب وتطالب بوقف إطلاق النار مؤكدة أن محور المقاومة المتمثل في حزب الله وجماعة أنصار الله وجماعات المقاومة في العراق لن تترك غزة وحدها، إلا أن إسرائيل استمرت في حربها واستفزازاتها حتى قامت بالاعتداء على القنصلية الإيرانية في دمشق وبدأت سلسلة اغتيالات لقادة من حزب الله أيضا الأمر الذي استدعى ردا إيرانيا لتبدأ أول مواجهة مباشرة بين إيران وإسرائيل بعد عشرات السنين من العداء والضربات غير المعلنة وغير المباشرة من الجانبين.
وفي ليل 13 أبريل 2024 شنت إيران هجومًا محدودًا على إسرائيل، بعددٍ من المسيرات والصواريخ ليعتبر أول رد عسكري مباشر ينطلق مباشرة من الأراضي الإيرانية، منذ حرب الوكالة. أطلقت إيران خلال الهجوم ما بين 350 صاروخًا وطائرة حسب بعض التقديرات الأمريكية والإسرائيلية.
لم تتوقف إسرائيل وقامت بضربة موجعة لإيران انتهكت فيها كل المحاذير واغتالت إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس أثناء وجوده في طهران، ثم جاءت ضربة مؤلمة ربما أكبر باغتيال حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله في السابع والعشرين من سبتمبر.
وردا على كل هذه الضربات قامت إيران بهجومها الثاني المباشر على إسرائيل بإطلاق مئات الصواريخ باتجاه إسرائيل، أصاب بعضها على الأقل الأراضي الإسرائيلية لتتحول الحرب إلى مواجهة مباشرة بين إيران ينتظر فيها كل طرف كيف سيرد الآخر مع تحذيرات عالمية من حرب شاملة تدمر المنطقة بأكملها.
قال سعيد شاوردي الكاتب والمحلل السياسي الإيراني: إن المواجهة لن تنتهي بين إسرائيل وإيران إلا بهزيمة طرف وانتصار آخر، لافتا إلى أن "محور المقاومة يرى أن هذه الضربات التي تلقاها هذا المحور هو ثمن الانتصار العظيم الذي سيتحقق بزوال إسرائيل قريبا، كأي احتلال عبر التاريخ".
وأضاف شاوردي أن إيران استطاعت أن تحيد سلاح الجو الإسرائيلي عبر الضربات الأخيرة، ويمكن لإيران أن تحقق مزيدا من الانتصارات النوعية الأخرى من خلال تطوير منظومتها الدفاعية مع حلفائها، وهو ما يجري الآن استعدادا لضربة محتملة من إسرائيل يجري الحديث عنها الآن.
*ظهور أنصارالله كقوة لا يستهان بها في البحر الأحمر:
لم يكن في حسبان إسرائيل أو الولايات المتحدة وحلفائها أن تشكل جماعة أنصار الله الحوثية في اليمن خطرا داهما على مصالحهم جميعا مع استمرار إسرائيل في حربها البشعة على غزة.
جماعة أنصار الله حذرت مع بداية الحرب أنها لن تقف مكتوفة الأيدي بينما تستفرد إسرائيل المدعومة بالسلاح من الولايات المتحدة بالشعب الفلسطيني في غزة وأيضا الضفة الغربية ثم لبنان.
ومع عدم اكتراث إسرائيل بتحذيرات أنصار الله بدأت الجماعة بمهاجمة كل السفن التي تشك أن لها علاقة بإسرائيل ليربك الحوثيون بعض أقوى الجيوش في العالم. وما زالوا يطلقون الصواريخ على أي سفينة دولية يعتبرونها مرتبطة بالولايات المتحدة أو بريطانيا أو إسرائيل، بالإضافة إلى بعض السفن التي ليست كذلك.
وأحدثت تلك الهجمات بالفعل تأثيرا كبيرا على التجارة العالمية، ما أجبر السفن على تحويل مسارها لمسافة آلاف الأميال. وظهر واضحا أن حركة أنصار الله لا تخشى الضربات الجوية المتكررة التي تقودها الولايات المتحدة على قواعدهم الصاروخية، وقد تعهدوا بالانتقام من الأصول الأمريكية والبريطانية.
قال العميد ناجي ملاعب الخبير العسكري والاستراتيجي: إن اليمن كان لديه بنية عسكرية لابأس بها منذ زمن حكم علي عبد الله صالح، وهي القدرات التي استغلتها جماعة أنصار الله التي استخدمت قدرات الجيش في مواجهتهم الأخيرة مع إسرائيل، لافتا إلى أن هناك نوعا آخر من القدرات العسكرية المكتسبة أيضا بعد ذلك، مثل تطويره صواريخ باليستية وفرط صوتية، وهي قدرات يظن أن إسرائيل والغرب كانوا غافلين عن حجمها وقدرتها.
وأشار ملاعب إلى أن أنصار الله استطاعت أن تصل بصواريخها إلى ميناء إيلات، وهو أهم ميناء على البحر الأحمر وإخراجه عن الخدمة بنسبة تسعين بالمائة مما اضطر عمال المرفأ أن يطلبوا إعانة معيشة من الحكومة، فضلا عن استهداف عدد كبير من البوارج والمدمرات والسفن التجارية، وهو أمر في الميزان العسكري كبير جدا.