عشرة اشهر (307 يوماً ) من الصمود البطولي الفلسطيني
عشرة اشهر (307 يوماً ) من الصمود البطولي الفلسطيني
علي ناصر محمد
بدأ قبل يومين الشهر الحادي عشر لصمود المقاومة الفلسطينية في غزة ضد الغارات الجوية الإسرائيلية والزحف بالدبابات والمدرعات واشراك القوات البحرية للعدو في تدمير غزة وقتل سكانها. الضفة الغربية أيضا مشتعلة مقاومتها وقد استشهد من مقاوميها ٦٧٠ بطلا.
لقد مرت 307 يوما من حرب الإبادة على غزة التي استشهد فيها قرابة الأربعين ألف مقاوم ومدني فلسطيني جلهم من النساء والأطفال، وبينهم عشرة آلاف طالب وطالبة، وأكثر من واحد وتسعين ألف مصاب ومصابة، غير آلاف لايزالون تحت الأنقاض. غزة لاتزال تتعرض لحصار قاتل يشمل كافة أساسيات الحياة، ولاتزال إسرائيل تعرقل وصول المساعدات الى غزة، ويقوم المستعمرون الاستيطانيون من حين إلى آخر وبدون ردع من حكومتهم برجم شاحنات المساعدات الإنسانية أو منعها من المرور. كل هذه الأعمال الإجرامية تتم على مرأى ومسمع من العالم كله.. لكن الصمت الغربي الجبان لايزال هو السائد. أما عن الموقفين العربي والإسلامي فقد بلغا سلبية غير مفهومة تثير أكثر من علامة استفهام. ورغم بؤس الموقفين، وهما المعول عليهما قبل غيرهما، لاتزال غزة الإباء والكبرياء صامدة وتسجل أروع بطولات المقاومة في التاريخ العربي دفاعاً عن كرامة الأمة العربية ومقدساتها.
غزة في الواقع لا تواجه إسرائيل وحدها بل الولايات المتحدة وعدد من الدول الغربية التي تدعمها عسكريا ودبلوماسيا واقتصاديا.. وأحدها اعتقلت شابا رفع علم فلسطين في انتهاك لدستورها الذي ينص على حرية التعببر بشتى صورها ولما تدعية من قيم تحصر تطبيقها على مناصري دولة الاحتلال. إن الغرب كله في منعطف أخلاقي كبير فإما أن ينتصر لما يعلنه من مبادئ في كل مكان بدون انتقاء وعنصرية أو يقلها صريحة "نحن ضد حرية الفلسطينيين واستقلالهم". إن تواطؤ الغرب هو ما يسمح لإسرائيل بمواصلة تدمير غزة وتجويع أهلها، وتفشي أمراض الكبد الوبائي وشلل الأطفال فيها نتيجة طفح المجاري وتلوث مياه الشرب التي لم تعد تتحدث عن مخاطرهما القاتلة إلا بعض المنظمات الدولية. إن الضوء الأخضر الامريكي - الغربي هو ما يشجع إسرائيل على أن يصرح وزير محليتها الفاشي سموتيرتش بأنه لا يمانع من تجويع مليوني فلسطيني في غزة لكي يطلق سراح ما يزيد قليلا عن مائة أسير حرب لدولة الاحتلال التي هي في حالة حرب مع الشعب الفلسطيني منذ عام ١٩٤٨ وتكتظ سجونها بعشرة ألف سجين فلسطيني لا يتحدث عن مأساتهم احد لا في الغرب ولا في الشرق. إن الغرب بكل سطوته العسكرية والاقتصادية يقف عاجزا و متفرجا على جرائم إسرائيل وانتهاكاتها، وآخرها إنهاء الوضع الدبلوماسي لثمانية دبلوماسيين نرويجيين لدى دولة فلسطين عقابا للنرويج على اعترافها بدولة فلسطين.. وهو ما يعزز قناعة كل فلسطيني وعربي ومناهض للاحتلال العنصري في كل أنحاء العالم بأن إنكار حقوق الشعب الفلسطيني في الدولة واستمرار الاحتلال عقيدة صهيونية راسخة يتوارثها جيل وراء جيل. لقد اغتال يميني إسرائيلي إسحق رابين عام ١٩٩٥ لأنه عقد صفقة ناقصة مع الفلسطينيين سميت باتفاق اوسلو عام ١٩٩٣ رغم أنه ظل يراوغ ويسوف في التفاوض حول قيام الدولة الفلسطينية التي نصت اوسلو على قيامها عام ١٩٩٨. إن كل هذه الحقائق جلية للعالم الرسمي الغربي الذي لايستطيع شق عصا الطاعة لكل من دولة الاحتلال وداعمتها الأكبر الولايات المتحدة.
إن المنطقة اليوم على صفيح ساخن ينذر بأسوأ العواقب جراء اغتيال إسرائيل لقائد المقاومة الفلسطينية الشهيد إسماعيل هنية والقائد العسكري اللبناني الكبير فؤاد شكر.. ومالم تكبح واشنطن وكيلتها إسرائيل، وتضغط عليها لكي توقف عدوانها على غزة وعلى الضفة المحتلة وجنوب لبنان وتتوقف عن سياسة الاغتيالات فإن حربا واسعة ستنشب وستخرج عن السيطرة.. وهي النتيجة الحتمية للسماح لإسرائيل بمواصلة ارتكاب جرائمها التي هي قيد النظر في محكمة الجنايات الدولية.
إن الغرب كله الذي يقف مع العدوان الاوكرني على روسيا الاتحادية هو نفسه الذي يقف مع دولة القتل الصهيونية لإذلال العرب شعوبا وحكومات وإخضاعهم لسياسات ومصالح إسرائيل وشركات السلاح الغربية التي تسيّر مع اللوبيات الصهيونية دفة السياسات الغربية في وطننا العربي.
المنطقة ستحترق إن لم تتوقف إسرائيل عن عدوانها الذي مر عليه عشرة أشهر بدون تحقيق حلم نتنياهو بالانتصار على شعب مقاوم أعزل إلا من ارادته الصلبة في الانتصار لحقه في الحياة والعيش في وطنه حرا كبقية شعوب الأرض وذلك بقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.
المجد والخلود للشهداء والشفاء للجرحى.
09/08/2024