في الذكرى 37 لرحيل ناجي العلي.. جرأة وصراحة وملامسة هموم الناس وتوجهات الشارع العربي
صوت عدن | ثقافة وفن:
ظهيرة يوم 22 يوليو/ تموز 1987 كان رسام الكاريكاتير الفلسطيني ناجي سليم العلي يمشي في شارع آيفز في منطقة نايتس بريدج (وسط لندن)، متجها إلى مكتب جريدة "القبس" الكويتية، حين تلقى عدة رصاصات أصابت إحداها عنقه، في حين أصابت أخرى أسفل عينه اليمنى، وغاب عن الوعي، واستمر في غيبوبته نحو 37 يوما، حتى أُعلنت وفاته رسميا في 29 أغسطس/ آب.
العلي أستشرف العديد من المحطات السياسية المفصلية، وأبرزها تنبؤه بالانتفاضة الشعبية الفلسطينية الأولى والتي أندلعت بعد شهور من رحيله عن عالمنا عام (1987).
والعلي كان من اشرس المعارضين لاتفاق حكم ذاتي مقابل سلام وهمي مع الكيان الصهيوني المعروف باتفاق أوسلو بعد اغتيال العلي بـ6 سنوات (1993).
والعلي تنبأ بالتكالب على فلسطين وشعبها المقاوم ودق ناقوس الخطر من الفرقة المذهبية والطائفية والرؤى القومية الضيقة في العالم العربي وحذر من الظاهرة التكفيرية التي استشرت وبلغت ذروتها بظهور تنظيمات مسلحة لا ترحم كداعش وأخواتها في الأقليم.
لم يعرف الكاريكاتور الفلسطيني حتى هذه اللحظة أجرأ من العلي في طرحه ورؤيته واستشرافه لمستقبل وطنه وشعبه وأمته. و لم يأتِ من يسد الفراغ الذي تركه في الرسم الكاريكاتيري النقدي الجريء حتى كتابة هذه السطور في ذكرى رحيله الـ 37.
الكل هدد العلي بالتصفية والاغتيال... الكل وبدون إستثناء من الموساد الإسرائيلي وأجهزة الاستخبارات العربية إلى من تولى قيادة أجهزة أمنية في السلطة الفلسطينية ورد على كل التهديدات لإسكاته قائلا : "أنا أرسم لفلسطين" و"لو ذوّبوا يدي بالأسيد سأرسم بأصابع رجلي".
وأما طفله "حنظلة" الذي يتصدر لوحات العلي بوضعية الشاهد على الحدث فابتدعها العلي عام 1969 عندما كان يعمل في صحيفة "السياسة" الكويتية، وقال عنه "إنه لن يكبر إلا بعد عودته إلى فلسطين موطنه الأصلي"، ويفسر ذلك بأنه "في تلك السن غادر فلسطين، وحين يعود حنظلة إلى فلسطين سيكون بعدُ في العاشرة، ثم يبدأ يكبر؛ فقوانين الطبيعة لا تنطبق عليه لأنه استثناء، كما أن فقدان الوطن استثناء".
ويقف "حنظلة" دائما مديرا ظهره لنا عاقدا يديه خلفه، لأنه يرفض التسليم بأي محاولة احتواء أو مساومة على قضيته وقال عنه العلي إنه لن يدير وجهه لنا إلا عندما يحين استرداد الكرامة العربية وتحرير فلسطين.
ما زالت شخصية "حنظلة" التي وقّع بها أعماله رمزا لمعظم الحركات الثورية في فلسطين وخارجها، وهي شعار حركة مقاطعة إسرائيل عالميا (BDS).
وأخيرا وليس آخرا رسم العلي نحو 40 ألف كاريكاتير خلال مسيرته الفنية،
المصدر: شبكة بيت الكرتون العالمية - لندن