كيف يمكن لـ"تويتر" تقويض جهود الإغاثة؟
صوت عدن | علوم وتكنولوجيا:
في أعقاب الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسورية، استخدم آلاف المطورين المتطوعين أداة تقدمها منصة تويتر في مسح نظامها الأساسي، بحثاً عن طلبات المساعدة، بينها تلك التي يطلقها المحاصرون في المباني المنهارة، وربطهم بمنظمات الإنقاذ. لكنهم قد يفقدون إمكانية الوصول إلى هذه الأداة بحلول الاثنين، ما لم يدفعوا لـ"تويتر" رسوماً شهرياً لا تقل عن مائة دولار أميركي، وهو مبلغ باهظ بالنسبة للعديد من المتطوعين والمنظمات غير الربحية ذات الميزانيات المنخفضة.
ونبّه مؤسس Eksi Sozluk، المنصة الاجتماعية الأكثر شعبية في تركيا، سيدات كابانوجلو، من أن هذه الأداة لا تستخدم فقط في جهود الإنقاذ التي تقترب من نهايتها، بل في التخطيط اللوجستي، إذ يقصد الأشخاص "تويتر" كي يشيعوا احتياجاتهم، وفق ما نقلته عنه وكالة أسوشييتد برس. وأضاف كابانوجلو أن عدداً من الأشخاص الطيبين منحوا مفاتيح الوصول إلى الأداة المدفوعة الخاصة لاستخدامها في جهود الإنقاذ، "لكن هذه ليست الطريقة المستدامة أو الصحيحة للقيام بذلك، وقد تكون أصلاً مخالفة للقواعد".
وفقاً لوكالة ستاتيستا لإحصاء البيانات عبر الإنترنت، استخدم 16.1 مليون شخص في تركيا "تويتر" اعتباراً من يناير 2022، مما يجعلها سابع أكبر دولة من حيث المستخدمين الأكثر نشاطاً على منصة التواصل الاجتماعي.
تحتاج المنظمات غير الربحية والباحثون وغيرهم إلى الأداة، المعروفة باسم "إيه بي آي" API، أو واجهة مطور التطبيقات، وذلك من أجل تحليل بيانات "تويتر" التي تصعب معاينتها يدوياً بسبب ضخامتها.
الإثنين هو الموعد النهائي الذي حددته "تويتر" لإيقاف الوصول المجاني إلى واجهة مطور التطبيقات الخاصة بها، ما سيشكل تحدياً إضافياً لآلاف المطورين في تركيا وخارجها الذين يعملون على مدار الساعة لتسخير "تويتر" في مجال الإغاثة من الكوارث.
وقال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة أوزيجين في إسطنبول، أكين أونفر، لـ"أسوشييتد برس": "هذه الخطوة تثير قلق المبرمجين الأتراك الذين يستخدمون الأداة في رصد الكوارث تحديداً، وأتصور أنها مقلقة أيضاً للآخرين حول العالم الذين يلجأون إلى الأداة نفسها لمراقبة حالات الطوارئ أو الأحداث السياسية أو النزاعات".
أحد المشاريع التي وضعها المتطوعون التقنيون معاً هو موقع Afetharita.com (خريطة الكوارث) الذي يستخدم الذكاء الاصطناعي لتعقب طلبات المساعدة المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي.
الرسوم الجديدة ليست سوى أحدث تعقيد للمبرمجين والأكاديميين وغيرهم ممن يحاولون استخدام واجهة برمجة التطبيقات. ويقول هؤلاء إن التواصل مع أي شخص في الشركة أصبح مستحيلاً منذ أن تولى إيلون ماسك رئاستها، وذلك بعد الاستحواذ عليها في أكتوبر الماضي، مقابل 44 مليار دولار. وفرض رسوم على أداة API هو آخر محاولات ماسك زيادة إيرادات "تويتر".
القلق لا يقتصر على المجموعات التي تعمل في مجال الإغاثة. استخدم الباحثون الأكاديميون وغير الحكوميين "تويتر" لسنوات، في دراسة انتشار المعلومات المضللة وخطاب الكراهية، أو البحث في مسائل الصحة العامة، أو التعمق في سلوك الناس عبر الإنترنت.
و"تويتر" ليست منصة التواصل الاجتماعي الوحيدة التي تقدم مثل هذه الأداة، لكنها تميزت بجعلها مفتوحة ومجانية. "تيك توك"، على سبيل المثال، تطوّر حالياً واجهتها لبرمجة التطبيقات، من دون أن تطلقها إلى الآن. أما "فيسبوك" فيعد أكثر محدودية، لأنه يوفر حماية كبيرة للبيانات التي يجمعها. لكن الاستمرار في توفير أداة API يكلف "تويتر" أموالاً. ولأن "تويتر" شركة خاصة، فلها حرية فرض رسوم مقابل خدماتها.
تاكيشي كاواموتو مطور برمجيات ياباني يدير حساباً آلياً شهيراً للتنبيه من الزلازل، ولديه أكثر من 3 ملايين متابع. أنشأ الحساب عام 2007 للتسلية. لكن شهرته بدأت مع الكارثة الطبيعية التي ضربت اليابان عام 2011، إذ لجأ الأشخاص إلى حسابه للحصول على معلومات حول الزلازل والارتدادات. أفاد كاواموتو، لـ"أسوشييتد برس"، بأنه كان مستعداً لإغلاق الحساب حين أعلنت "تويتر" أنها ستتقاضى رسوماً مقابل الوصول إلى برمجة التطبيقات، إذ لن يكون ممكناً دفع 1200 دولار سنوياً مقابل حساب لا يحقق ربحاً.
الأسبوع الماضي، أعلنت "تويتر" أنها ستجري استثناءً صغيراً، وستقدم إمكانية وصول "للكتابة فقط" إلى واجهة برمجة التطبيقات مجاناً، وذلك للحسابات التي تنشر أقل من 1500 تغريدة شهرياً. هذا الاستثناء قد يكون مفيداً، لكن كاواموتو أشار إلى أن الحد الأقصى للتغريدات (1500 شهرياً) سيشكل مشكلة بعد وقوع زلزال كبير يعقبه الكثير من الهزات الارتدادية.
حتى الآن، لم تقدم "تويتر" أي استثناءات أخرى، رغم أنه من المحتمل أن يرى ماسك إحدى التغريدات الكثيرة التي ينشرها المطورون الذين يعملون في مجال الإغاثة من الزلزال الذين كانوا يطالبون بإيجاد حل.
يذكر أن منصة تويتر حجبت لأكثر من 12 ساعة عن مزودي خدمات الهاتف المحمول الرئيسيين في تركيا، وسط انتقادات متزايدة للسلطات، بعد الزلزال المروع. وأعيد تشغيل المنصة فجر الخميس الأسبوع الماضي. وقال نائب وزير النقل والبنية التحتية التركي، عمر فاتح سايان، يومها إنه تحدث مع المسؤولين في "تويتر"، و"ذكّرهم بمسؤولياتهم تجاه بلادنا بعد هذه الكارثة"، مضيفاً أن تركيا تتوقع مزيداً من التعاون في "مكافحة المعلومات المضللة".
وكانت مواقع التواصل الاجتماعي التركية قد عجّت برسائل أشخاص يشكون من قلّة جهود الإنقاذ والبحث عن الضحايا في مناطقهم، خصوصاً في هاتاي. وأوقفت الشرطة التركية 18 شخصاً منذ حدوث الزلزال الإثنين، بسبب منشورات "استفزازية" على شبكات التواصل الاجتماعي تنتقد طريقة إدارة الحكومة للكارثة.
وحذّر قادة المعارضة التركية ومشاهير حينها من أن حجب "تويتر" يهدد بعرقلة جهود الإنقاذ وأعمال الإغاثة الإنسانية.
المصدر: العربي الجديد