نهاية الإخوان ..نهاية مخطط الشرق الأوسط الجديد/ الكبير
بقلم/ نصر صالح
يشيع الإخوان المسلمون في إعلامهم أن الرئيس قيس سعيِّد قام بانقلاب!
تماما كما كانوا يروجون في أواخر 2014 ومطلع 2015، (وحتى اليوم تقريبا)، شائعة انقلاب الحوثي على السلطة في الجمهورية اليمنية وعلى رئيسها عبد ربه منصور هادي، وهم يعلمون جيدا أن الحوثي لم ينقلب، لأنه – ببساطة – لم يكن جزءا من السلطة لينقلب عليها، كما أن هادي بقي 6 أشهر في ولايته بوجود الحوثي على رأس السلطة. وبالمناسبة كانت الدولة اليمنية العميقة راضية على ما كان يقوم به الحوثي آنذاك، بدليل سهولة وسرعة سيطرة الحوثي على مفاصل السلطة والحكم في صنعاء خلال شهري أغسطس وسبتمبر 2014م.
ثم أن هادي كان في الواقع قد انتهت ولايته في 20 فبراير 2014 (أي قبل نصف عام من سيطرة الحوثي على الحكم)، وذلك بموجب «المبادرة الخليجية لتسوية الأزمة اليمنية» الموقعة في 23 نوفمبر 2011، والتي كانت رفعته من نائب إلى رئيس للجمهورية، وحددت فترة ولايته الانتقالية بعامين اثنين فقط، ينفذ خلالها مهام أوكلت إليه ومنها التحضير لانتخاب رئيس ثابت للجمهورية، وإجراء انتخابات عامة لمجلس نواب جديد، وتعديل بعض مواد الدستور، و«هيكلة الجيش» التي تعني بالأساس إضعاف الجيش وتدمير القدرات الصاروخية لديه وتغيير عقيدته القتالية. ولأن هادي لم ينه المهام الموكلة إليه في الوقت المحدد، فقد اقترحت أحزاب المشترك زيادة عام إضافي لولايته، وكان ذلك بموافقة مجلس النواب اليمني، وهذا العام انتهى في 20 فبراير 2015م، وهو بالضبط يوم تمكنه من الفرار من صنعاء إلى عدن وإعلانه العودة عن استقالة كان اتخذها مع رئيس الوزراء بحاح في 21 يناير 2015م (وهذه من فضائح هادي)، لكن وقته في الرئاسة انتهى تماما ذلك اليوم. ثم بعد مرور 4 أيام من فراره إلى عدن وانتهاء ولايته استدعى الجيوش الأجنبية لتحارب بلاده (وهذه فضيحة أخرى لهادي، لا بل، وبحسب الدستور، هي خيانة عظمى).
ما علينا من هادي أو من الحوثي، فموضوعنا – هنا – هو عن قيس سعيِّد.
وأما بالنسبة لشائعة «انقلاب» الرئيس قيس سعيد، فمن غير المعقول أن ينقلب على سلطة هو أعلى رأس فيها؟ ولعل الإعلام الإخواني يريد اتهامه بأنه أنقلب على مجلس النواب التونسي الذي هو بغالبيته من حزب النهضة التونسية وهم إخوان مسلمين؟
كما هو معروف، يحق لرئيس الجمهورية حل الحكومة في النظام الرئاسي، وبعض النظم تسمح للرئيس حل البرلمان. وبالنسبة للنظام التونسي، فيحق للرئيس وقف أعمال مجلس النواب، وهذا ما فعله سعيِّد حيث فقد قام فقط بتجميد أعمال مجلس النواب ورفع الحصانة عن أعضائه، والظاهر أن الرئيس سعيد – وهو كما يوصف ضليع في تفسير المواد الدستورية – وجد أن ذلك حق دستوري يتمتع به الرئيس التونسي فقام بالخطوة الجريئة، إلى جانب إقالة رئيس الوزراء.
وأمّا رفع الحصانات عن النواب (وينتمي كثير منهم لـ«النهضة» التونسية الإخوانية)، فأظن أن الرجل يريد بذلك تسهيل إجراءات محاكمة المتهمين بالفساد والإرهاب.. ولعلنا نتذكر أن إرهابيين كثر من تونس ذهبوا لمقاتلة الجيش العربي السوري لصالح العدو الغاصب الصهيوني، بالإضافة إلى أن الناس في تونس يعانون من تردي الأوضاع المعيشية، ومن الوضع الصحي بعد «كورونا».
إن الإعلام الإخواني، بعد ديسمبر 2010 وهو بداية شرارة «موجة الربيع العربي»، دأب على الترويج للأكاذيب، واتخذ الدس والتحريض والقتل سبيلا للوصول إلى السلطة. وبطلب الولايات المتحدة ودول الغرب الاستعماري تولى إعلام قطر وساستها، ثم السعودية والإمارات أعمال تدمير جيوش المنطقة ذات العقيدة القتالية المعادية لإسرائيل من خلال نشر «الفوضى الخلاقة» تنفيذا لمخطط «الشرق الأوسط الجديد/ الكبير»، بحسب الأمريكان والصهاينة.
ولعل هذه الدول ومعها التنظيم الدولي للإخوان والسلفية الوهابية؟ ومن خلفهم الولايات المتحدة وإسرائيل، نجحوا في البداية (بنسبة معينة) من تنفيذ هذا المخطط الجهنمي، غير أنهم منيوا فيما بعد بانتكاسة تلو أخرى ليهزموا أخيرا.. ومن حسن الحظ أن «العصى قرحت»، بين جماعة الإخوان ودولتي السعودية والإمارات، بل و«قرحت» حتى فيما بين دول الخليج الثلاث ضد بعضها.
وبحسب المؤشرات الأولية، فإن نهاية حلم «الإخوان» في السلطة قد يسبق (قليلا) الفشل التام لمشروع «مخطط الشرق الأوسط الجديد/ الكبير».