مشكلة عدن مع محيطها انها بيئة ثقافية مختلفة، تشكلت من تنوع ثقافي وعرقي وعقائدي، ولم يكن يوما مثار صراع، بل كان مصدر اثراء شكل وعي مجتمعي راقي، واستطاع هذا المجتمع التعايش مع بعضه بعض، فتطور وارتقى لمصاف المجتمعات المحترمة، فكانت عدن منارة ثقافية وفكرية، وبيئة صحية لتخلق ادوات المجتمع المدني، مما شكل مخاضا فكريا وتعدد سياسي وعقائدي، تبلورت فيه افكار النهضة، افكار جعلت من عدن مدينة يشار لها بالبنان، ثاني ميناء عالمي وسوق حر ومركز اقتصادي وثقافي وعلمي، تخلقت بها الاحزاب  والمنتديات وحركات التحرر ومنظمات المجتمع وتعددت، تعدد منضبط بالنظام والقانون، طاهر من عصبيات ما قبل الدولة والنهضة، حيث يعلوا الهم العام على الهم الخاص، وروح الاجماع على روح الجماعة، ولهذا يمكن القول عدن غير.
هذا المخاض رفع من مستوى الوعي القومي والتحرري ، و ولد الحاجة للتحرر من الاستعمار مهما كانت محاسنه، يبقى مستعمر لا يشبه المدينة وهويتها، وغريب عنها، وما ينقص عدن هو السلطة الوطنية، التي يمكن ان تجعل من تطورها ورقيها رافدا للمشروع الوطني والعربي، و تأتي الرياح بما لم تشتهي السفن، وفي ظل صراع الامم لم يقبل الاستعمار ان تكون لعدن سلطة وطنية، حتى لا تكون رافد لمشروع الامة.
فأثار الفتنة، وسمم بيئة عدن بعصبيات وتمايز المجتمع القبلي، ودعم غزوا الريف الغير متحضر على عدن الحضارة، ومن حينها دخلت عدن في صراع الهويات، وهو المصطلح الدال على الخصائص التي تميز عدن كمدينة ومدنية، فالسلطة تخدم هوية المجتمع لتقلص الحدود الفاصلة بين الذوات والاماكن، وترفع من منسوب الارتقاء والتعايش، ومشكلة عدن من حينها تداولتها سلطات لا تشبه هويتها الثقافية ولا تلبي روح نسيجها المتنوع والمتعايش، سلطة تسلطت بفكرها الاوحد، وتعصبت حتى ضاقت حلقاتها لمستوى القبيلة والقرية، فتوسعت الحدود الفاصلة بينهما، وانتج واقعنا اليوم البائس، الذي قلص من فرص الرقي ليطغى حالة من التخلف والقروية، وعسكرة القبيلة والحياة العامة، و سلطة القبيلة ترى في عدن غنيمة،  فلا غرابة ان تشهد عدن البسط والنهب والتسلط والتفرد بالسلطة والثروة، وصل الحال لمستوى تدمير كامل لهوية هذه المدينة وخصوصيتها، فاصبح كل المنتمين لهوية عدن المدنية عرضه للانتهاك والتنمر، والمشهد اليوم واضح وجلي في استهداف كل ما هو مدني وكل رجال الدولة ودعاة النهضة والتحضر والرقي، وهذا ما تؤكده احداث تعطيل التعليم، وتحييد دور الشباب بأشغالهم بأمور تافهة، وتجويع المجتمع، و تعزيز دور النفوذ القبلي والعسكري، واليوم يتعرض كل عدني للإهانة والاذلال، فلم تعد السلطة تشبه عدن وتشبه الوطن، وكيف تشبهه وهي صناعة من خارج الحدود والعهود، ومهمتها تنفذ الاجندات وتدير المخطط، فكل يوم تسوء الحالة، حتى على مستوى التمثيل العدني، وذات الشرنقة التي يخرج منها المنقذ الاصم الذي لا ينطق الا حينما يكلف بالمهمة، وحينما تضيق اختيارات السلطة تجمع ذلك اللفيف، المسمى لقاء عدني، و وقت الجد لا يشتغلون سياسة، فالسياسة على العدني منكر، وللنضال رجال ينطقون بالحق، والميدان يحكم، حيث لا قيمة في الميدان لذلك اللفيف، غير الاكرامية، حيث يسري الرعب من الحديث عن الهوية العدنية، وكان عدن لقيطة، ويسالونك من هو العدني؟، متجاهلين ان عدن ليست عرق ولا قبيلة ولا اسر أرستقراطية ، بل هي روح وثقافة وسلوك، وحب هذا المدينة نابع من الروح ، تلك الروح التي صقلها المجتمع العدني واندمجت به لتتحلى بصفاته وثقافته وسلوكه، عندما نقول عدن فنحن نؤكد اننا هوية مدنية ثقافية وفكرية ورقي وحضارة امتازت بها عدن على مر التاريخ، وهناك من هو عصي على الصقل والتهذيب والانفتاح ، يرى عدن سينما وسيكل وانفتاح يرغمه على التخلي عن كثيرا من العادات البالية والولاءات الصغيرة، فلا يقبل ان يكون مواطن في عدن، حتى اتته الفرصة ليكن نافذا، ويدخلها غازي محتفظ بكل بعقليته وعاداته وتعصباته، نافثا سمومها في الوسط العدني. 
الهوية العدنية هي روح تطهرت من العصبيات، وعقل تفتح على العالم، وخصوصية مميزة، ومدنية فريدة، لا تتخندق للمشاريع الصغيرة مناطقية طائفية وعقائدية، ترى الفرد انسان من حقه ان يحمل فكر وعقيدة بحيث لا ضرر ولا ضرار، العدني لا يسالك انت من اين؟ بل يسألك من انت؟ وتكلم كي اعرفك!
مخطئ من يعتقد ان ما يحدث للكوادر العدنية من تسريح وتطفيش واهانات واذلال هو تصرفات فردية ، بل هي سياسة ممنهجة خطط لها خارج حدود الوطن وينفذها الادوات الوظيفية لتجريف عدن من كل شيء جميل، حتى لا تكون عدن رافدا مهم في مشروع الامة ، وهذا ما يحدث اليوم مالم نتصدى له حينها سنبحث عن عدن فلن نجدها الا في كتب التاريخ وحكايات الاولين.