من الواضح أن السلطات المحلية في عدن لم تعد تكترث بشكل مباشر بهموم ومعاناة المواطنين البسطاء، وفقدت الحماس في الوقوف إلى جانبهم ومساندتهم في مواجهة الأزمات الاقتصادية المتفاقمة.
في منتصف ديسمبر من عام 2021م، أصدر وزير الدولة ومحافظ عدن، أحمد حامد لملس، قرارا يلزم ملاك العقارات السكنية بالتعامل بالعملة المحلية عند دفع الإيجارات، مع منع استخدام العملات الأجنبية، جاء القرار في محاولة لسد ثغرات القانون اليمني، الذي لم يتطرق بشكل واضح إلى قضية التعامل بالعملات الأجنبية في دفع الإيجارات، أو يظهر قوانين تنفيذية تنظم العلاقة بين المؤجر والمستأجر. 
وعلى الرغم من ذلك تشير المعلومات إلى أن القانون اليمني يعاقب من يرفض التعامل بالعملة المحلية، لكن هذا النص القانوني لم يفعل بالشكل المطلوب، حتى قرار محافظ عدن لم يجد طريقه للتنفيذ، إذ يواصل ملاك العقارات تأجير مساكنهم بالعملات الأجنبية، مثل الدولار أو الريال السعودي.
تتراوح الإيجارات في عدن بين 200 إلى 300 دولار أمريكي أو ما يزيد عن 300 ريال سعودي، لمنازل قديمة تفتقر إلى معايير السلامة البيئية، والسكن الصالح، هذا الوضع يضيف أعباء اقتصادية ومعيشية كبيرة على المواطنين، خاصة في ظل التدهور المعيشي المستمر، وارتفاع تكاليف الحياة.
إن غياب التنفيذ الفعلي لقرارات محافظ عدن يعكس ضعف الجهات المسؤولة عن حماية المواطنين المستأجرين من جشع بعض ملاك العقارات، ويزيد من حدة الأزمة التي تواجهها العائلات البسيطة في عدن، مع الارتفاع الجنوني في أسعار إيجارات المنازل والشقق، مما جعل الحصول على سكن مناسب أمرا شبه مستحيل لشريحة واسعة من السكان، لا سيما أصحاب الدخل المحدود والموظفين الحكوميين، في ظل تراجع قيمة الريال اليمني مقابل الريال السعودي، وعدم استقرار أسعار الصرف أمام بقية العملات الأجنبية، حيث بات ملاك العقارات يطالبون بالدفع بالريال السعودي.
ما يزيد الوضع سوءًا هو غياب دور الجهات المعنية في معالجة هذه الأزمة، وتجاهلها بإيجاد آلية رقابية جادة لتحديد أسعار الإيجارات أو إلزام ملاك العقارات بتثبيت الدفع بالريال اليمني، هذا التجاهل أدى إلى تفاقم معاناة الآلاف من العائلات التي باتت مهددة في الحصول على مساكن تأويها. 
يتطلع المواطنون في عدن إلى قرار شجاع من الجهات المعنية يلزم ملاك العقارات بتحديد الإيجارات بالريال اليمني، وفق معايير واضحة تراعي الظروف الاقتصادية الصعبة، وتعمل على تفعيل قوانين تنظم سوق العقارات، وتضع حدا لجشع البعض ممن يستغلون الأوضاع الراهنة لتحقيق مكاسب شخصية مبالغا فيها على حساب معاناة المواطنين.
إن معالجة هذه الأزمة تتطلب تحركا عاجلا وشاملا من الجهات الحكومية والسلطات المحلية بعدن لضمان توفير السكن الكريم للمواطنين والتخفيف من أعباء الحياة اليومية التي أثقلت كاهل الجميع.
فهل ستعمل السلطات المحلية في عدن على تنفيذ قرارها السابق، تقديرا لأوضاع المواطنين، وإصدار تعميم لرؤساء اللجان المجتمعية بعدم تصديق أي عقد إيجار ما لم يكن بالعملة المحلية. هذا ما ننتظره من محافظ عدن، أحمد حامد لملس.