الحرب التي تسبق حرب زوال الكيان!

نصر صالح

    تتكرر، في قنوات الإعلام العربية والعالمية، سردية ان "جيش إسرائيل او نتنياهو مستمر في الحرب دون توقف" او "لا يريد إنهاء الحرب إلا بالقضاء على المقاومة في غزة وجنوب لبنان" !!.. مثل هذه السردية كأنه يُراد من وراءها الإيهام ان "إسرائيل" في موقع القوي المنتصر الذي لا يُهزم، يبطش وينكل بالعرب على كيفه ولا يمكن يُنكل بجنوده وقتلهم كما هو حاصل لهم على ارض المعارك يوميا، إلى جانب ان مصانع "إسرائيل" يتم تدميرها واقتصادها يتداعى..

   "إسرائيل" خسرت هذه الحرب المتواصلة منذ اكثر من 400 يوم، وجيشها يجبن في مواجهة المقاومين الابطال ويلجأ إلى قتل الاطفال والنساء والرجال العزل حيث قتل في غزها وحدها حتى الآن نحو خمسين الف فلسطينيا وقرابة 150 الف جريح ومفقود تحت انقاض المنازل التي هدمها الطيران الحربي الإسرائيلي بعنف همجي ممنهج.

    "إسرائيل" خسرت هذه الحرب بفضل البسالة الأسطورية التي اظهرتها المقاومة الفلسطينية في غزة ومعها جبهات الإسناد العربية في لبنان، اليمن والعراق منذ انطلاقة 'طوفان الاقصى' المباركة في 7 أكتوبر 2023م.. كذلك خسرت "إسرائيل" عالميا، بخاصة فيما يتعلق بسرديتها المبالغ فيها: "المحرقة اليهودية" في زمن هتلر.. فها هي المظاهرات والفعاليات التضامنية تعم مختلف بلدان الغرب  وتخرج يوميا غاضبة مستنكرة منددة بحرب الابادة التي يشنها الجيش الإسرائيلي على المدنيين العزل في غزة ولبنان، وصارت شعوب العالم لا تنادي بوقف حرب الإبادة للشعب الفلسطيني وحسب بل وتهتف بحرية فلسطين (FREE, FREE PALESTINE)، يحدث هذا في الغرب بينما في بعض بلداننا العربية للأسف، وبخاصة بعض الانظمة الخليجية الواقعة تحت المظلة الامريكية، وبأوامر امريكية طبعا تقوم، عبر إعلامها، بتشجيع "إسرائيل" على الفتك بالمقاومة الفلسطينية.. وعموما، هؤلاء يشبهون جمهور فريق مهزوم تنهمر الاهداف في مرماه وهو لا يجيد سوى اللعب الخشن/ "الرصع"، وترى هذا الجمهوره اليائس يشجه باستماتة كي ينتصر على فريق اقوى دون جدوى.

   عسكريا وسياسيا (داخليا وعالميا) خسرت "إسرائيل" الكثير الكثير في هذه الحرب، ففي الميدان فقدت عشرات أضعاف ما خسرته في كل حروبها السابقة مع العرب.. وتجدها عاجزة عن التوقف، لأنها ببساطة لم تتمكن من تحقيق أي هدف من الاهداف "الضخمة" التي وضعتها سواء في عدوانها على غزة او في العدوان على لبنان.. وبعض هذه الاهداف يستحيل على جيشها ان يحققها مثل "القضاء على المقاومة" (وهي فكرة معنوية ونزعة وطنية وليست مادة يمكن تدميرها وانهاءها). ونتنياهو بالذات يتضح انه انزلق لحرب صعبة لا يستطيعها كما لا يعرف كيف ينهيها ليخلص، وهو لا يتعبر من اخطائه الفائتة، فها هو مؤخرا يكرر وضع اهداف مستحيلة لدى تطوير عدوانه على لبنان قبل 43 يوما. ولأن شيئا لا يتحقق من هذه الاهداف تجده "مجبر لا بطل" (كما يُقال) على المواصلة بيأس ولو "عمياني" كما نقول بالعامية أو على طريقة شمشون "عليا وعلى اعدائي"، فتوقفه عن الحرب معناه انتكاسة كبرى لإسرائيل ومؤشر على إمكانية ان تُزال "إسرائيل" نهائيا على يد المقاومة في اي منازلة قادمة تكون قد استعدت لها تماما مستفيدة من كل ما صاحب تجربة الحرب الحالية.. ووقف الحرب او انتهاءها معناه ايضا نشوب حرب اهلية داخل الكيان.. كذلك هناك احتمال قوي لاغتياله من قبل أي مقاوم عربي او حتى من قبل متطرف "يهودي إسرائيلي"، فضلا عن المحاكمة التي تنتظره، من قبل الطوفان، في قضايا سرقات وفساد سابقة متهم بها (وربما تُضم إليها الخسائر الفادحة في الحرب الحالية التي تسبب بها هو).. هذا فضلا عن احكام تلاخقه من محكمة الجنايات الدولية.. كذلك قادة الحرب في إسرائيل، اظنهم، هم ايضا سيخضعون للمساءلة وللتعنيف وربما للمحاكمة داخل الكيان.

أخبار متعلقة