زرت ظهر اليوم الأحد الرئيس المهندس حيدر أبوبكر العطاس في مقر إقامته بمدينة عدن بعد تواصلي معه ليلة البارحة استقبلني بحفاوة وروح رجل الدولة الاستراتيجي العميق كعادته متواضعا لايتصنع البساطة والطيبة .
في المكتب الذي يستقبل فيه زائريه وجدت عنده معالي وزير التربية والتعليم الدكتور طارق العكبري والسياسي المناضل محمد الحامدي سكرتير اول منظمة الحزب الاشتراكي بمحافظة حضرموت. وكانا على وشك المغادرة وقبل جلوسي مع الرئيس العطاس منفردا أخبرني الوزير الدكتور طارق العكبري عن الاشكالية التي عانى منها هذا الشهر في صرف رواتب القطاعات التربوية بالمحافظات وكيف كان يبحث في البنوك تقديم سيولة . حينها تذكرت نفسي أنني ومعي مئات الآلاف من منتسبي القوات المسلحة والأمن لازلنا بدون رواتب ونحن ندخل تاريخ ال 21 من شهر اكتوبر لم يصرف راتب شهر سبتمبر الماضي

عموماً نخرج من هذه المأساة قليلاً ونعود إلى أبا معتز الرئيس حيدر العطاس الذي التقيته قبل نحو أسبوعين في منزل المناضل انيس حسن يحيى بالعاصمة المصرية القاهرة وسألته متى يزور عدن بعد غياب ثلاثين عاماً وهي المدينة التي كان حاكماً فيها اقصد رئيس مجلس الشعب الاعلى لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية سابقاً وقبل ذلك رئيسا للوزراء فيما كان قبل زهاء خمسة عقود ونيف وزيراً للاشغال . يومها قال مشتاق لعدن وان شاء الله ازورها قريباً
اليوم سألته عدت إلى عدن والشعب الجنوبي مشتاق اليك . ولكنه يتسائل هل هناك مهمة محددة أو العودة إلى كرسي رئاسة الحكومة أو هدف سياسي اخر ؟ اجاب بثقة : احييك اخي علي على دورك الوطني وايضا تساؤلات الشارع عن توقيت عودتي طبعاً بعد غياب قسري عن عدن الحبيبة. والحقيقة أنها كانت مفاجأة طرح علي الرئيس الدكتور رشاد العليمي موضوع زيارة عدن ومرافقته ووافقت فأنا في شوف لهذه المدينة الجميلة التي عشت فيها معظم سنوات العمر . اتخايل وانا في المنافي عدن واحلم برؤيتها وناسها الطيبين شأنها شأن حضرموت مسقط رأسي التي زرتها مؤخرا واتمنى زيارة جميع المحافظات الجنوبية في المستقبل إذا كان باقي من العمر .

حين طرحت عليه امنيات الناس بعودته إلى رئاسة الحكومة أجاب بشجاعة وصريح العبارة . لست طامحاً إلى هذا المنصب الذي تركته قبل ثلاثين عاما ونحن كبرنا ويقصد عامل السن . لكني قدمت مقترحات وافكار لمواجهة التحديات والأزمة الاقتصادية وغيرها من الحلول . اتمنى ان ياخذ بها إذا كانت مناسبة


وتابع الرئيس العطاس قائلأ : اطمئن الجميع أننا في خدمة وطنا وشعبنا ولا نبحث عن أي منصب فأنا مستشار للرئيس . الأهم في زيارتي لمدينتي عدن ولأول مرة بعد فراق طويل هو حب وشوق ولاني منها وإليها .
قلت له كيف وجدت عدن..أجاب طبعا الأوضاع مؤلمة والمشهد لايسر أحد نحن ندرك هذا وقد خرجت في جولة قصيرة الى المعلا وخور مكسر وتألمت بألم الناس وزرت بيتي في خور مكسر خلف السفارة الليبية وهو خراب لم يرمم لا في عهد الرئيس السابق علي عبدالله صالح والى الان وهذا لايهمني الأهم وطن متعافي يسود فيه الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والمعيشي والأمني .
عدت به إلى الوراء قليلا سألته عن افضل مراحل عاشها الجنوب منذ الاستقلال في ال 30 من نوفمبر 67م أجاب بدون شك ولا مزايدة. من العام 80 الى بداية 86م شهدت عدن وجميع المحافظات الجنوبية الست انتعاشا كبيرا وانفتح الجنوب على الأشقاء والأصدقاء. ودول الجوار . كان الرئيس علي ناصر محمد منفتح وكنت رئيس الوزراء اجد الفرصة والإمكانات منه وتم تنفيذ مشاريع حيوية بناء وحدات سكنية وتطوير المصانع باختصار أزدهرت العاصمة  عدن وغيرها والحمد لله يتذكر الناس تلك الفترة والتجربة .ولكن المشروع احبط بالاحداث اللاحقة . أشير هنا أن هناك حديث ونقاش اخر دار بيني والرجل . فتح فيه شريط الذكريات لبعض القضايا وعن تجربه جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية سابقا

قبل الختام واستاذني بالمغادرة قلت له أن هناك الكثير من الشخصيات تطلب رؤيتك وتسلم عليك . رحب بذلك وقال أنا استقبل يوميا منذ وصولي كل القوى السياسية والشخصيات الاجتماعية والعسكرية وأعضاء الحكومة وغيرهم اهلا وسهلا بهم
في الختام الجلوس مع شخصية وطنية تاريخية بحجم المناضل الرئيس المهندس حيدر العطاس له أهمية فهو لازال يمتلك ذاكرة قوية ورؤية وطنية ويبهر الزائر بسلاسة حديثه الهادئ بعيدا عن الاصوات المرتفعة المزعجة .
تحية لك ابا معتز واهلا وسهلا بك على تراب وطنك الذي خدمته وقدمت عصارة جهدك لأجله .حتى نلتقي وإياكم سلااااااااااام