▪︎ "إليه في عيد ميلاده السادس  والستين"
               

 الكتابة عن البروفسور نزار غانم بحد ذاتها إشكالية ! فأنت لاتكتب عن شخص واحد ، بل عن عدة أشخاص في شخص واحد !!
  طبيب ؛ كاتب ، شاعر ، ملحن ومغني، اكاديمي واستاذ جامعي ، مؤلف وباحث، وشيخ طريقة السومانية ، فهو رجل كثيررر بحق !
فأيهم تختار الكتابة عنه ؟
.. عن الطبيب الجراح خريج كلية طب الخرطوم ،أم الكاتب الذي له مجموعة مؤلفات،أم الشاعر والملحن الذي له قصائد وألحان والعازف على آلة العود والباحث في الموسيقى ، ام عن شيخ السومانية ، ام عن الأ كاديمي والأستاذ الجامعي في أكثر من جامعة ..
  لوكنت رسام كاريكاتير لرسمت نزار غانم وهو يحمل بطيختين بيد واحدة ، بل خمسة بطيخات ، ولن يبدو كلاعبي السيرك الذين يلعبون بالكرات الصغيرة في الهواء دون أن تسقط ولا واحدة وسط دهشة المتفرجين وإعجابهم وتصفيقهم، بل المدهش انه رجل ناجح في كل تلك العلوم والآداب والفنون التي يمارسها كلها ..
 احياناً لفرط نشاطه ، يشعرني صديقي نزار غانم بأنه ساحر !
 اسأل نفسي : 
 - من أين له كل هذا ؟.. 
من أين له كل هذه القدرة على البحث والتأليف،وإلقاء المحاضرات ، والتلحين ، والغناء ، وممارسة الطب ، والعمل الاكاديمي، والترويج دون كلل لفكرة السومانية،وإجراء المقابلات الصحافية في الصحف والاذاعة والتلفزيون.وفوق هذا وذاك يجد الوقت لتلبيةالعلاقات الإجتماعية ..؟؟ 
 ربما ليس بشراً مثلنا ..!  أتى من عصر غير عصرنا،وعالم غير عالمنا،وبالتالي له قُدرات غير قُدراتنا البشرية المحدودة . وإذا كان فعلاً ليس كذلك، فلماذا نعجز أن نكون مثله،بنفس قُدراته، وطاقته،أوحتى نصفها،أوربعها على الأقل؟
   لم أجد له شبيهاً من الرجال الناجحين في عصرنا على ماأعرف. فكان لابد من  أن أعود بالزمن إلى ألق الماضي العربي والإسلامي، إلى عدة قرون أسبق من قرننا الحالي، عندماكان علماء تلك العصور،يمارسون اكثر من علم واحد، ومهنةواحدة في نفس الوقت، لعلي أجد الجواب وشبيهاًله !
 فابن باجة كان يتقن الطب والرياضيات وعلم الفلك والموسيقى ، وابوعبدالرحمن ابن خلدون الحضرمي مؤسس علم الاجتماع؛  اللغة والفلسفة والتاريخ والفقه. وابن رشد؛ الفيزياء والطب وعلم الفلك والفلسفة والرياضيات. والشيخ ابن سيناء علم النحو ومبادئ الشريعة وخاض غمار علم الرياضيات والطبيعيات والطب والمنطق والميتافيزيقيا.وابن الطيب السرخسي؛ ألف عدة كتب في الأدب وعلوم الفلسفةوالمنطق والفلك والمِلل والمذاهب والرياضيات والسياسة والموسيقى والجغرافيا.وابن طفيل؛ اشتهر بالطب والشعر وصار وزيراًوطبيباً .
.والشيخ محي الدين ابن عربي أجمع علماء عصره على جلالته في سائر العلوم وإن اشتهر كعالم صوفي . 
وبهذه العلوم الجليلة ، اسسوا حضورهم ليس في العصر الذي عاشوا فيه فقط ، بل اهدوا للحضارات اللاحقة التي نهلت من علومهم واستفادت من معارفهم، وطورتها، بينما نحن الأحق بها انكرناها وكفرنا اصحابها،واهملناها،فصاروا في المقدمة، وصرنا في آخر الركب ونحن نتعثر . .. حينها فقط وجدت الجواب .
                       2
 في اليوم نفسه الذي سافر فيه شقيقه قيس إلى لندن لدراسة الطب ، وضعته أمه في السابع من اكتوبر سنة 1958 في مستشفى "الكنين" في كريتر مدينة عدن ، فكانت صرخة مجيئه الأولى إلى الدنيا،ماجلب الفرح للأم السيدة منيرة محمد لقمان بولادة طفلها الأصغرفي العائلة الغانمية،وخفف عنها مشاعر الحزن التي كانت تجتاحهابسفر إبنها قيس . 
 بدأ خطواته الأولى مع الحرف والنغم ،في شقتهم .كانت الشقة بسيطة وجميلةوحميمية بين ابوين جمعهما الحب والمودة،وكان الحرف والوتر هو والده السيد محمد عبده غانم التربوي والشاعر،وأول خريج جامعي من جامعة بيروت الامريكية في اليمن وجزيرة العرب،وكان الطفل نزار يستمع إليه وهو يعزف على أوتار عوده في "البلكون " في مساءات عدن الساحرة، وكان هذا يشكل مستقبله دون أن يشعر، أو أن يتخلص منه. وكان نبع الحنان امه السيدة منيرة محمد لقمان ، وكانت تجمع بين ذكاء فطري،وجينات وراثية من والدهارائد التنوير محمد علي لقمان ، المحامي والكاتب والصحافي الذي اصدر اول صحيفة في عدن والجزيرة العربية، وألف اول رواية ( سعيد ) فكانت سخية في حبها وحنانها لآخر العنقود نزار.
                      3    
 درس في إبتدائية عبدالله إبراهيم صعيدي للبنين؛ (وزير معارف عدن في الستينيات)،الواقعة في خورمكسر على ساحل أبين،وكان أول مدير لها عند افتتاحها: عوض عبدالله باجناح، تلاه قاسم سعيد شمسان ،ثم حسين الصافي، وعبدالقادر باهارون، ومحمد شرف . وكلهم أساتذة أجلاء وتربويون قديرون تركوا بصمة على أجيال كاملة تعلمت على أيديهم في عدن،عندما كانت الأولوية في التربية والتعليم للنوعية وليس للكم،وقبل أن تتعرض عدن لغزو الريف، ف "ريفوها" بدل أن "يتمدنوا" ..!
 وكان من تلاميذ الدفعة الأولى الذين التحقوا بابتدائية عبدالله الصعيدي:  د.سمير شيباني،ومحمد المعتصم عبدالرحيم لقمان،ونبيل قاسم.
 وكان نزار غانم من الدفعة الثانية لهذه المدرسة، مع صديقه الرسام حسين مسيبلي، ومن اهم مدرسيه للغة العربية؛  كما يذكر محمدسالم التوي وعلي الرديني. لكن دراسته الابتدائي امتدت إلى لندن حيث سافر مع والده الذي سافر لنيل الدكتوراة، فيما درس الإعدادية في بيروت،والثانوية والجامعة والطب في السودان ، والتخصص في لندن.أي عبر ثلاث قارات آسيوية، وافريقية، واوربية. وستلازمه حالة التنقل وعدم الإستقرار هذه رغماًعن إرادته،كأنها قدره المكتوب.
 ففي لحظة جنون المتقاتلين في سودان السبيعينيات،كاد أن يفقدحياته، وهو جنون سيتكرر عدة مرات في السودان واليمن ولبنان ، وسيقول له والده وهو يهديء من روعه :
     - خُلقتَ لتعرف فداحة العنف!            
 ويبدو ان الوالد صاحب الخبرة العميقة بأوضاع الوطن العربي، وعاش الكثير من اضطراباته، وعانى منها،كان يُهيء صغيره لما سيراه وسيعيشه في قادم الأيام، وقد صدق أيما صدق،ولم تكذبه الأيام!
  الكاتب السوداني صلاح شعيب يصور هذه الحالة التي بدأت منذ طفولته،وهي حالة لاتزال مستمرة حتى اليوم : "كانت طفولته تحمل الخبرات الصادمة، والعنيفة، والودودة، في الوقت ذاته. ولئن لم تحظ الأسرة بالاستقرار فقد عاش الطفل نهاية الستينات أهوال الحرب الأهلية اليمنية، ثم حرب فصائل أو كتائب لبنانية في بيروت في السبعينات. وفي السودان عند استعار معارك يوليو 1976 كادت قذائف مدفع طائشة أن ترديه قتيلا. ولكن أباه البروفيسير بجامعة الخرطوم آنذاك محمد عبده غانم ربت على كتفه، وقال له إنك خُلقت لتعرف فداحة العنف. وهكذا كتبت له الحياة ثانيةً. 
                      4            
 على"قلق كأن الريح تحتي"، لعل المتنبي العظيم يعبر عن هذه الحالة لدى نزار ولدى المبدعين عموماً، وعن اهوال بلادنا العربية التي لم تتغير كثيرا .
 أينما يذهب نزار،ثم إضطراب وحرب تقتلعه من مكانه،ومن الشعور بالاستقرار. وكأن المتنبي العظيم لم يكن يصور عصره، وحياته،فحسب ، وماعاشه من ثورات واضطرابات، وماكان في ذلك العصر من مذاهب وآراء، بل ايضاً مايحدث في عصرنا من اضطرابات وقلاقل وزلازل، ومايحدث اثناءها مما يستدعي هذا الفهم الجديد للمتنبي والقلق الذي كان يعنيه . 
                      5
  هاهي الحرب والعواصف الأخيرة في السودان تلقيه وأسرته في أرض الكنانة مصر،كما ألقت بعشرات ألآف السودانيين ، ومن قبلهم عشرات الالاف من اليمنيين والسوريين نتيجة الحروب  والإضطرابات في بلادهم ، فلم يجدوا إلا حضن مصر، يحتويهم من جنون الحروب والتوتر في بلادهم. مصداقاً لقوله تعالى ( ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين ) وهو أمان يصلح لكل عصر وزمان ولاينطبق على يوسف واخوته فقط! 
  ولعل نزار وهو يرى كل هذا الجنون تساءل مع بطل الروائي الجزائري واسيني الاعرج : 
 - لماذ تذبح البلاد نفسها بنصل حاد ؟ ألم يكن أمامها شيء أجمل تفعله ؟     
                              6
 لكن حياة نزار غانم،لم تكن كلها خسارة دائمة على الرغم من قسوتها،وفداحة إنتقاله القسري عبر المدن والدول ، فهو من النوع الذي لايندب حظه ، ويعرف كيف يحول خسارته ، (ليست المادية) إلى ربح. فقد إتاح له ذلك أن يعايش شعوباً، وثقافات ولغات ولهجات متعددة. في كل بلد كان عليه ان يتعلم اشياء ولغات ،ولهجات، ويكسب صداقات.علَّم وتعلم ،وترك وراءه أثراً أينما حل،وإعجاباً ليس له حدود.أسس مُلتقيات،وشارك في منتديات،ألف كتباً في عدة تخصصات ، كتب شعرا،ولحن أغنيات، غنى وغنى له آخرون .ارتاد المسارح، أسس"السومانية" وصار لها رواد من السلالة اليمانية السودانية، ومن جنسيات أُخرى.وانشأ عيادات لعلاج المبدعين بالمجان ، او بأسعار رمزية.
                     7
 ولكثرما ألقت به المقادير في مدن وبلدان، وجد نفسه في السودان،أكثر من أي بلد آخر .. 
وهذا ليس غريباً،فجسور التواصل بين اليمن والسودان قديمة ومتجذرةفي التاريخ،مثلما هي مع بلدان إفريقية أخرى في شرق وشمال القارة.
بالنسبة لنزار غانم كماجاء في مقال الكاتب عبدالله المدني في صحيفة (البيان) فقد "انهى المرحلة الثانوية في كلية كمبوني الكاثوليكية الإيطالية بالخرطوم، التي انتقل إليها في عام 1973 مع والديه، حيث عمل والده هناك أستاذاً بكلية الآداب في جامعة الخرطوم من عام 1974 إلى 1979وفي السودان، تماهى نزار مع كل ما هو سوداني، من طباع وعادات وتقاليد، إبان سنوات إقامته هناك، من 1973 وحتى 1984، التي شهدت تخرجه في كلية الطب بجامعة الخرطوم.وإبان دراسته الثانوية والجامعية في الخرطوم، استفاد كثيراً من أجوائهما، فانشغل بأنشطة المجتمع المدني، وفعاليات منتديات الخرطوم الثقافية والاجتماعية والفنيةوالأكاديمية، دون الانغماس في السياسة، واهتم بإصدار صحف الحائط، متجاهلاً الرياضة لصالح العمل الكشفي، وعزز ثقافته العامة بالاستماع إلى محطات الإذاعة،مستقصياً بألم أحداث السودان والعالم الدامية، واستهوته مشاهدة أفلام السينما المصرية، وروائع هوليوود.. وعشق متابعة المسرحيات الجامعية، وتعلم الغناء والعزف على العود".
                      8
 السودان فتحت أمامه آفاقا لم يكن ليجدها في أي مكان آخر.يقول نزار :
الشعب السوداني شعب يفيض بالطيبةوالتواضع والتسامح ..شعب مدهش ويشترك معنا في كثير من القيم الثقافية، باختصار السودان قطر يمكنك من الانطلاق ثقافياً،ومن السعادة إجتماعيا.ً 
وهناك اكتشف نزار الجسور المشتركة بين اليمن والسودان،أو ماسيطلق عليه لاحقاً ب"السومانية". وذلك عندما لاحظ الحضور القوي للتجار اليمنيين و الحضارمة في الخرطوم، وكذلك عند قراءته لديوان لطفي أمان (بقايا نغم) عن السودان،التي عاش فيها الشاعر لطفي في أربعينيات القرن العشرين الماضي .
  نفس هذه الآفاق التي وجدها الشاعر الكبير  لطفي أمان في السودان ، ومن قبله والده الشاعر محمد عبده غانم ، سيجدها نزار أيضا.
عندما ذهب لطفي أمان إلى الخرطوم للدراسة الثانويةعام 1942م كان في نحو الرابعة عشرة من العمر. يذكر  د. نزار غانم في كتابه «جسر الوجدان بين اليمن والسودان» المنشور في صنعاء عام 1994م، أنَّ لطفي كان يكرِّر في حواراته أنَّ قدوته الشعرية في تلك المرحلة كان صديقه السوداني محمد عثمان الجرتلي (الذي صار طبيباً فيما بعد)،وكان يشاركه حياة البؤس والصعلكة، بل سافر فيما بعد إلى عدن لرؤية لطفي بعد عودته إلى عدن. كما تعرَّف لطفي في الخرطوم إلى كثير من شعراء وأدباء السودان أمثال إدريس جمّاع ومحمد مهدي المجذوب ود. عبدالله الطيب. وتأثَّر لطفي كثيراً بشعر شعراء المرحلة الرومانسية، ومنهم السوداني الصوفي التيجاني يوسف بشير الذي كان قد توفي قبل وصول لطفي إلى السودان بسنوات. وكما لاحظ الناقد العراقي هلال ناجي في كتابه «شعراء اليمن المعاصرون» المنشور في بيروت عام 1966م، فقد تأثَّر لطفي بالرومانسيين أمثال علي محمود طه وإبراهيم ناجي، كما تأثَّر بشعراءمعاصرين أمثال إلياس أبي شبكة ونزار قباني وبدر شاكر السياب.

                      9
 تقريباً من نفس عمر لطفي حط نزار غانم في ارض السودان لدراسة الثانوية.وفي حين كان إهتمام لطفي منحصراً على الدراسة وعلى الشعر ، فإن نزار الذي عاش في السودان أكثر مما عاش لطفي أمان،سيجد المزيد من الوقت لسبر اغوار المجتمع السوداني،والعناية بالمشترك بين الثقافة اليمنية والسودانية في أكثر من مجال،حيث قضى سنوات في البحث والتأليف عن ذلك المشترك. يقول عبدالله المدني في نفس المقال الذي حمل عنواناً لافتاً : (نزار غانم جعل مبضع الجراحة يعانق وتر العود): "نشر في الصحافة اليومية في نهاية السبعينيات، سلسلة مقالات تاريخية وأدبية عن الشخصيات اليمنية التي عاشت في السودان، و السودانية التي قدمت إبداعاً في اليمن بشطريه، تحت عنوان «بين صنعاء والخرطوم»، التي طورها لاحقاً وأصدرها في مجلد ضخم، بعنوان «جسر الوجدان بين اليمن والسودان». لقد عشق الرجل السودان الذي احتضنه في سنوات شبابه، ومنحه جنسيته في عام 2009.

                       10                  
وسينتج عن هذا الاهتمام بالجسور المشتركة بين البلدين الشقيقين، عدة مؤلفات للبروفيسورنزار غانم بدأهاسنة 1989م بكتابه : بين صنعاء والخرطوم ، وجسر الوجدان بين اليمن والسودان 1994م، والرقصات الافرويمنية2007م، وكتابه المشترك مع الاستاذ محمد سبأ : في الثقافة الإفرويمنية2024م. كما اصدر جيوب المقاميةالموسيقية العربية في الغناء الشعبي السوداني 2024م ،للبروف نزار مؤلفات أخرى في الطب، مثل
 كتابيه:مصادر دراسة الطب البديل في اليمن 2001م، و"الوسواس القهري والأداء المهني"،الصادر في 2024 م.     

                         11         
عرفت صديقي العزيز البروفيسور نزار غانم في صنعاء ، وكان من حسن حظي أيضا أن عرفت والده الشاعر الكبير ، والاكاديمي المرموق ، والإنسان العالم ، في عدن أولاً، ثم في صنعاء، واستمعت لأول مرة إلى عزفه المتقن للعود وإلى غنائه العذب للغناء الصنعاني الذي ألف فيه كتابه الموسوعي : شعر الغناء الصنعاني،وكان ذلك بحضور نزار والشاعر الكبير إبراهيم الحضراني. وأن يغني السيد محمد عبده غانم في حضور شخص مثلي فهذا له معنى خاص وتقدير كبير ، وسيبقى ذلك من ذكريات العمر التي لاتُنسى.كما عرفت والدته السيدة الفاضلة منيرة محمد لقمان، وسعدت بالتعرف إلى شقيقه المهندس الشاعر شهاب غانم في الامارات،وبشقيقه الدكتور الطبيب الشاعر قيس لمرة واحدة وكان الأشقاء الثلاثة يحيون أمسية شعرية كتبت عنها في صحيفة ( اخبار العرب ) الإماراتية يومها تحت عنوان :(آل غانم ورابعهم الشعر ..)
 في صنعاء كنت ونزار نلتقي بصفة شبه دائمة،أما في شقته في السكن الجامعي بجامعة صنعاء الذي حوله إلى منتدى يلتقي فيه المثقفون من كل الجنسيات من الجنسين،أو في منزلي في شارع حدة حيث تعرف إلى نخبة من الشباب المثقف من عدن من بينهم  الأديب الكاتب والشاعر أديب قاسم،والشاعر محمدحسين هيثم،والشاعر محمد ناصر شراء،والقاص عادل ناصر حسن ،والصحفي احمدراجح،والسفير والكاتب عبدالله سالم الحنكي، والناقد وجدي شينه . 
 وحين فرقت بيننا عواصف اليمن التي لاتهدأ،وراح كل منا إلى طريق،ونأى إلى بلاد،كنا نجد طريقاً للتواصل عبر الشبكة  العنكبوتية ،حتى جمعتنا القاهرة أخيراً، وحال اليمن والسودان والوطن العربي في معظمه أسوأ مماكان عليه . 
استعدنا الأيام الخوالي ..ورددنا مع البردوني العظيم:(هذه بلادي وفيها كل شيء إلا أنا وبلادي !) ولأننا ننتمي إلى فصيلة المتفائلين استعدنا أيضاً قول ناظم حكمت : (أجمل أيامنا تلك التي لم تأت بعد ..)
 - وهل هناك فعلاً ايام جميلة ستأتي بعد وقد جاوزت السبعين ؟
 يقول لي صديقي نزار غانم : 
 - مازال لدينا متسع للحياة والإبداع ..تعال نحتفل معاً بعيد ميلادي السادس والستين ؟
                      ¤
لبروف نزار كل محبتي، في عيد ميلاده . أطال الله في عمره ومتعه بموفور العافية، متمنياً له مزيداً من الإبداع والألق الذي تعودناه،ورأينا الكثيررر منه منذ جاء إلى مصر ،ونعترف - انا على الأقل- انني أعجز عن ملاحقته لحضورها كلها،أو حتى بعضها ...
  ألم أقل لكم انه رجل كثيررر؟!