ولد عدنان أحمد عبده جُمن الشهير ب"عدنان جُمن" في شِعب العيدروس بمدينة عدن -كريتر عام 1960م، وهو الابن الأوسط لأخوته التسعة، 4 بنات و 5 أولاد،أكبرهم شكيب جمن  (1949 -1991) عازف الكمان المشهور والذي سيلعب دوراً محورياً في حياة عدنان وأخيه عارف.
 يتذكرعدنان ذلك الماضي البعيد..البيت الذي ولد فيه..السنوات الأولى لطفولته.   يوم كان طفلاً يعيش مع أسرته كثيرة العدد في بيت (قاعي) مكون من غرفة  وصالة ضيقتين (مخزن ودارة)، كما يُسمى في عدن ، كأكثر بيوت الأحياء القديمة والفقيرة من حارات كريتر  العتيقة. يقول عدنان عن بيتهم القديم :
"لا أتذكر ان هذا البيت الضيق بمساحته كان ضيقاَ على الإطلاق!
كنتُ انام متكوماً مع بقية أخوتي متوزعين بين "المخزن و الدارة"، كنا غالباَ نحضن بعضنا أثناء النوم، فكان البيت الضيق يتسع و يتسع حتى يصير قصراً شاسع الأرجاء! " ثمة خاصية في حارات - حوافي عدن- ، كما هو ِشعب العيدروس،الجيران يعرفون بعضهم البعض،"يتزاورون" ،ويعيشون في تحاب وحميميةمدهشة،بصرف النظر عن الديانة ، والجنسية، واللون ...يتبادلون صحاف الطعام في رمضان وفي سائر أشهر السنة:
"على يمين بيتنا في ِشعب العيدروس كانت تسكن جارتنا النجاشية، كان لديها حظيرة أبقار داخل بيتها وكانت تمد الجيران و أصحاب مقاهي الشاي بحليب أبقارها الدسم الذي كان ينقل طعم الشاي العدني إلى مصاف الأساطير والماركات العالمية، و كنا كلنا نشرب حليب أبقارها يومياً دون أن ندفع سنتاً، وإلى يسارنا يسكن العم محمود الصومالي و كان يصنع (الشمة) في بيته، بيضاء و سوداء، ثم يضعها في أوان فخارية كبيرة و ينقلها إلى محله في رأس السوق الطويل بمحل صغير يتاخم المعمري "أبو الليم البارد"، أبناء العم محمود صلاح و عصام كانا أصدقاء تلك الفترة الفارقة من عمري! "   
و بعد بيت العم محمود صانع الشمة، يأتي بيت الفنان سالم عبدالله سالم عازف الكمان والعود العظيم الذي أثّر على شكيب الموسيقي في مراحل حياته المبكرة، كان رجلاً ساخراً يحب النكتة و المزاح و كان بمثابة أخ أكبر لنا جميعاً، فيما بعد أسس شكيب فرقة الأنامل الذهبية و صار سالم أهم أعمدة فرقته بمن فيهم أخي الأصغر النابغة عارف.    
                        2
كود الحشيش هو اسم المنطقة التي عاش فيها عدنان مع أُسرته في شِعب العيدروس،ولكن في نهاية عام 1967 قام أخوه شكيب باستئجار شقة في أرقى شوارع عدن- شارع الملكة أروى-": فجأة وجدنا أنفسنا في قصر فسيح مُقارنة بالبيت الصغير المتواضع حجماً، غرفتان بالإضافة إلى صالة فسيحة و شرفة تطل على أهم شوارع كريتر، و هناك تأسس عهد جديد و أسلوب حياة مختلف لم نعهدها في كود الحشيش و لم نكن نحلم بها، لكننا خسرنا بالتأكيد ألطف و أجمل جيرة حظينا بها حتى اليوم! ".
                       3
بموت الأب احمد عبده، وعدنان في سن صغيرة، تولى أخوه الشاب شكيب مهمة الأب، ورب الأسرة ،ثم تولى مهمة المُلهم لعدنان و لأخيه الأصغر عارف. كان شكيب يأخذ كل شيء بجدية، يكتشف مواهب أخويه ويصر على تنميتها، فادخلهما بهوسه في الموسيقى والرسم ، 
لكن شكيب أيضاً وهو يقوم بدور الأب  كان طيباً ومليئاً بالحنان .
 يصف عدنان، شكيب بأنه كان شخصاً متعدد المواهب؛ يستطيع العزف على جميع الآلات الموسيقية وكان رساماً 
 وخطاطاً ومهندس ديكور .
 موهبة شكيب كان لابد أن تثير إهتمام مدرسيه بقدرته على الرسم وكان ذلك سبباً ليلتحق بالثانوية الفنية، ولكن كراسات المدرسة أمتلأت بأشجار النخيل وصور المراكب الشراعية التي سلبت مخ شكيب الصغير، مماأدى إلى إستدعاء الوالدة رحمةالله عليها إلى إدارةالمدرسة  اكثرمن مرة. برغم إخفاقه في إنهاء دراسته في الثانوية الفنية إلا إنه لفت نظر فنانين كبار مثل أحمد قاسم رحمة الله عليه، حيث بدأ شكيب الصبي ذو البنية المكتنزة يقف خلف هذا العملاق في حفلاته وهو يتوشح آلة"الأكورديون" على صدره التي لم تكن إلا تحدٍ بسيط لإكتشاف كيفية العزف على بقية الآلات الموسيقية، فسرعان ماتعلم العزف على آلة الكمان والعود وبقية الآلات الموسيقية وكان يبدي براعة غير عادية في كل آلة يعزفها، والشئ اللافت إنه لم يستغرق الكثير من الوقت في تعلمها..عارف تعلق قلبه بشكيب الموسيقي وتعلق قلبي بشكيب الرسام و الخطاط".
                       4               
 يخترق عدنان عبرذاكرة مُتقدة،السنوات المبكرة التي أسست تكوينه المبكر كفنان تشكيلي ، فإذا شكيب حاضر فيهابقوة  :
  -"تعمد شكيب أن ننخرط في المُجتمع الفني في وقت مبكر من أعمارنا، بدأ عارف العزف على الطبلة و هو في الخامسة و في عمر الثانية عشر،كان يقف خلف شكيب في الفرق الموسيقية في كل المحافل المحلية و الذي كان التلفزيون أحد أهم أركانها ".
  "بالنسبة لي كنت في الصف السادس الابتدائي عندما بدأت أساعد شكيب في رسم قصص في برامج الأطفال و كذلك في مهام الديكور في التلفزيون.
                       5
 يقع تلفزيون عدن الذي تأسس عام 1964م ومرت ذكرى تاسيسه الستين في الحادي عشر من سبتمبر الحالي،على جبل صغير بالقرب من برج الساعة بالتواهي فوق الميناء مُباشرة وأثناء البث التجريبي كان الفنيون يوجهون الكاميرات التلفزيونية الضخمة صوب ميناء التواهي لالتقاط حركة دخول وخروج البواخر واللنشات في منظر حي ورائع ، كان الميناء الثاني في العالم بعد نيويورك، بعد أن اصبح منذ 1950من أكبر موانىء العالم إزدحاماً لتموين السفن بالوقود ، ومركزاً عالمياًللتسوق والتجارة العالمية.
 سيتاح للفتى الصغير عدنان جُمن الذي يرافق اخاه شكيب في اعمال الديكور أن يرى من هناك منظراً رائعاً لايمكن أن يراه من أي مكان آخر :"من شرفة مبنى التلفزيون أتذكر بدقة تلك  اللحظات الجميلة واناأشاهد ميناء التواهي في المساء و السفن ترسو بسكينة بمحاذاة الرصيف البحري..هذه لحظات فارقة من عمري لازالت محفورة في ذاكرتي حتى اليوم! "ومن الزمن العدني البهي .
                       6
 في الصف الثاني الإعدادي كان عدنان الشاب الأصغر الذي يشارك في معظم معارض المدارس التي تنظمها مديرية صيرة في المناسبات الوطنية وكان الأكثر حصداً للجوائز حينذاك. 
يعلق على ذلك قائلا :
 - " شكيب كان يعتبرني مع أخي عارف استثمار حياته الأهم، كان يزج بي في كل معرض كما كان يزج بعارف في كل حفلة، كان واضحاً انه يمهد أمامينا طريقاً واعداً يفضي إلى مستقبل فني مرتكزاً على مداميك ثقة و خبرة ستتراكم عبر السنين، و أزعم أن الرجل نجح في ذلك المسعى بشكل عجيب!
كلانا ندين لشكيب بكل ما وصلنا إليه اليوم، تقبله الله بين الصديقين و الأبرار."
                      7
عدنان لا ينسى إذ ينسى ذلك اليوم ، الذي اشترك فيه بلوحة زيتية طلب منه شكيب رسمها،في احد معارض دار الثقافة في كريتر. او قاعة"المهاتماغاندي" كما كان اسمها، وكانت مقراً للجالية الهندية الكبيرة في عدن التي اطلقت اسم زعيم الاستقلال في الهند على القاعة.كان عدنان المُشارك الأصغر بين رسامين مخضرمين، فازت اللوحة بالمركز الأول وسط سخط الفنانين الكبار و حجبوا عنه الجائزة واتهموه بأن اخاه شكيب من رسمها ..
                     ■□
 "في ذلك اليوم الحزين سرت على الأقدام إلى البيت لا ألوي على شيء،  كنتُ محطماً مكسوراً والدموع تغرق وجهي، وصلتُ البيت فأخبرته بما حدث  فماكان منه إلا أن أخذني على وجه السرعة إلى ذلك المعرض ليعيد لي جائزتي و كرامتي المهدورة...
 ما أشبه الليلة بالبارحة ..
 اليوم تتكرر الواقعة مع لوحة صنعاء مع فارق أن شكيب لم يعد موجوداً ليدافع عني! "لكن كثيرين ممن يحبون عدنان ويقدرون موهبته واعماله الفنية الممتدة نحو نصف قرن انبروا للدفاع عنه ، مثل الروائي علي المقري ، والشاعر فتحي ابو النصر ، والاعلامية ضياء سروري ، والفنان زكي يافعي ، والفنانة التشكيلية آمنة النصيري ،والأستاذة سناء مبارك ، ووزير الثقافة السابق خالد الرويشان، والكاتبان الصحفيان زكريا الكمالي ، وشاكر أحمد خالد ، والناشط ياسر عامر، وصالح الحنشي ...
                       8
 عندما يذكر أمامي اسم عدنان جمن ، او أشاهد لوحة من لوحاته التشكيلية ،أتذكر فوراً ذلك الطفل الصغير الذي جاءنا ذات يوم يعرض علينارسومه الكاريكاتيريةفي مقر جريدة 14 اكتوبر في الخليج الامامي في كريتر . -حينها كنت مديرالتحرير - وكنا في اكتوبرأول من آمن بموهبتة. كان عبدالباسط سروري ، قدتخرج حديثاً من القاهرة والتحق محرراً في الصحيفة مع زميله محمد قاسم نعمان ، وكان محبوب علي سكرتيراً للتحرير، في حين كان سالم محمد باجميل هو رئيس التحرير. كما اذكر جيداًصدر في تلك الفترة قانون منع تعاطي القات عام 1972 ماعدا الخميس والجمعة، وهو واحد من أجرأ واهم القرارات التي اتخذتها الحكومة في ذلك الوقت. قررنا في إدارة الصحيفة إطلاق حملة لدعم القرار ، فباشر عبدالباسط الرسوم الأولى في الصحيفة. لم يكن رساماً في الأصل، لكنه وقد درس الصحافة في مصر وعاش فيها عدة سنوات، فقد كان يدرك الدور الخطير الذي يلعبه فن الكاريكاتير في نقد الظواهر الاجتماعية السلبيةفي المجتمع ، وكانت مصر رائدةذلك الفن بدون منازع. فترة قصيرة وجاءنا فتى صغير في العمر يحمل مجموعةرسوم كاريكاتورية، فرحنا به ، كانت رسومه معبرةوخطوطه قوية، تشي بموهبة كبيرةرغم صغر سن صاحبها ، وبميلاد رسام كاريكاتير . لقد جاء في الوقت المناسب،وكان اكثرنافرحاًبه عبدالباسط سروري.
يقول عدنان جمن عن هذه الفترة:
 "عبد الباسط سروري لم يكن رسام كاريكاتيري بالأصل بل كان يحاول سد تلك الخانة في الصحيفة لعدم وجود رسام كاريكاتير آنذاك،وفرح للغاية عندما أتيت لسد هذا النقص، كنت لازلت طفلاً يومها لكني كنت في البداية أرسم و هو من يعطيني رؤوس الأقلام ". 
 كان كل شيء في البلاد يتغير ، وكان ظهور الكاريكاتير نقلة في الصحافة المحلية لم تشهدها من قبل ،وساهمت رسوم عدنان جمن في تدعيم حملة منع تعاطي القات لكن هذه المرة برسوم كاريكاتيرية قوية على يد فنان حقيقي ،لكن الأجر الذي قررت إدارة التحرير دفعه له كان ضيئلاً قياساً بموهبته ورسومه. واذكر أن اخاه شكيب جاءنا ذات يوم يراجعنا في ضآلة الأجر الذي تدفعه الصحيفة لعدنان ،فافهمته بأن هذا هو المتاح حالياًوأن كتاباً وشعراءاً كباراً يتلقون مبالغ لاتزيد كثيراً عن هذا المبلغ ، نظير انتاجهم الفكري ، وقد تفهم شكيب الأمر ، بالنسبة لعدنان فقد كان مبلغ خمسة دنانير في الشهر ثروة لطفل في عمره .                     
                        9
الزمان : العاشر من سبتمبر 1980
المكان : معهد عبدالله باذيب للعلوم الاجتماعيةبخور مكسر - عدن .
المناسبة : عيد العلم .
  في ذلك اليوم ، وفي الحفل الذي أقيم بمناسبة احتفال اليمن الديمقراطية بعيد العلم ، صعد عدنان جُمن إلى منصة التتويج ، وقلده علي ناصر محمد رئيس مجلس الشعب الأعلى رئيس مجلس الوزراء ، الذي كان يشغل أيضاًمنصب وزير التربية والتعليم وسام عيد العلم ، كما حظي بساعة "سيكو 5" .
 سأله الرئيس وهو يقلده الوسام :
 - هل أنت عدنان رسام الكاريكاتير؟
 ذاكرة ثاقبة!
 هذا يعني أن رئيس الجمهورية يتابع رسوماته ومعجباًبها .
 يقول عدنان :
 - كان ذلك السؤال هو الوسام الحقيقي!
ويضيف: كان رمزاً لأحلى فترة في حياتنا بعدن..الفترة الأقصر زمنياً و الأكبر جمالاً وانفتاحاً ورخاءاً...ياإلهي كم أحب هذا الرجل ..
 فيما بعد عمل عدنان جمن كرسام كاريكاتير متفرغ بعد تخرجه من دار  المعلمين والمعلمات عام 1980م ،والاشتغال فترة قصيرة في مكتب التربية بمديرية صيرة ثم معيداً بدار المعلمين بعد حصوله على مرتبة الشرف و تقلده وسام عيد العلم على مستوى دور المعلمين بالجمهورية في نفس العام.
                      10
  فن الكاريكاتير..فن البهجة والسخرية والضحك ، وفي نفس الوقت يناقش القضايا السياسية والاقتصادية والظواهر الاجتماعية البسيطة منها والعميقة ، وينتقد الأخطاء ويعبر عن هموم الناس. وقد تعلق عدنان بهذا الفن منذ صغره، وتأثر كثيراًبالمدرسة المصرية الرائدة في رسم الكاريكاتير عموماً كما قال لي، وبالذات ،صلاح الليثي، مصطفى حسين، حجازي،صاروخان، رخا. لكن لماذا هجره   فجأةإلى التشكيل :
 - "حتى وقت قريب كنت أصنف نفسي كرسام كاريكاتير لأنني تعلقت بهذا الفن   منذ صغري، أحتضنتني صحيفة 14 أكتوبر و أنا تلميذ بالاعدادية و أمدني زملائي بالثقة و الاهتمام حتى صرت أهم رسامي الكاريكاتير في صحف و مجلات عدن و أنا في مرحلة الثانوية، لم أكن أتخيل يوماً في حياتي أنني سأتوقف عن رسم الكاريكاتير حتى انفجار الحرب الأخيرة التي جمدت أشياء عزيزة على قلبي و أهمها رسم الكاريكاتير بعد اختفاء الصحف الرسمية و تداعي مؤسسات الدولة الإعلامية بشكل غير مسبوق في أي صراع سابق ! 
نفض المجتمع يده من الكاريكاتير، وشيئاً فشيئاً عدتُ إلى مواهبي الأخرى في الفن التشكيلي و ركزت أكثر على رسم الناس و الأماكن مرتكزاً على توجيهات مبكرة من المُلهم الأول شكيب و ثلة من عباقرة التصوير الزيتي الروس الذي كان لهم الفضل الكبير بعد شكيب في تشكيل هويتي البصرية و قُدرتي الفنية .
في صنعاء كذلك خَفتَ دوري كرسام كاريكاتير تلعب حرية الرأي والتعبير دوراً كبيراً في استمراره أو توقفه، وكانت الضربة القاضية عندما توقفت مجلة "صم بم" الكاريكاتورية بعد موت مؤسسها خالد الذكر عصام سعيد سالم و التي كانت قفزة نوعية في عالم صناعة الكلمة و الرسم الساخرين، متمردة على كل بروتوكولات و قيود الرقابة، أنتهت حقبة زمنية فارقة في زمن فارق و قصير كأنه مجرد حلم !
                      11 
دخل عدنان منطقة خطرة ، شديدة الحساسية ، المنافسة فيها شديدة ، على عكس مجال الكاريكاتير حيث عدد من يتعاطى هذا الفن قليلون ، وعدنان لم يكن له منافسون تقريباً. أصبح في منطقة أخرى أكثر حساسية وأكثر خطراً، ولكي يفوز فيها كان عليه أن يخترق اسوارها، ويكتشف اسرارها العميقة..
عرف المجتمع الفني في صنعاء عدنان جُمن كفنان تشكيلي وسط منافسة شرسة/ نظيفة حيناً و قذرة حيناً، كيف تغلب عليها عدنان ؟ 
 مرة أخرى كان شكيب حاضراً . في مثل هذه الأوقات الصعبة يستحضر عدنان روح أخيه شكيب : 
"تربيةأخي شكيب الصبور ألهمتني الكثير في هذا الخصوص،تحملت الكثير و رحت اقضي الساعات الطويلة في محاولة اكتشاف الخامات و تطوير إستخدامها، و كنت أضع في بالي أن أصير في قمة من يتعاطون الفن الواقعي صعب المراس.. و يبدو أن المسألة أثمرت معي و تحولت تلك الجهود إلى لوحات تثير إعجاب و دهشة الناس و صرت أعتمد عليها مصدر دخل -رغم ضآلته- و كالعادة صار هذا الأمر يقض مضاجع المختلين و الفاشلين على مستوى المشهد التشكيلي الباهت على كل حال! 
إذاً الحملة هذه طبيعية و ليست جديدة كما ترى، مستوى مغاير من الإشتغال الإحترافي يثير الضغينة عند ضعاف الموهبة و ضعاف النفس، شكيب يكون دائما حاضراً معي في هكذا لحظات .
                       12
يبلغ مقاس لوحة صنعاء القديمةالتي أثارت الجدل مترين في متر ونصف ، واستغرق رسمها من عدنان جمن ثلاثة أشهر كاملة من العمل المتواصل ..
 ما أن عرضها على موقعه حتى جن جنون البعض ، وقالوا إنه ليس رسماً، بل صورة فوتوغرافية طلاها بالألوان ...
 سألت عدنان إذا ماكان توقع تلك الضجة التي أثيرت حول اللوحة فقال :
الحق انني توقعت هذه الضجة بسبب حجم اللوحة و جمالها في الصورة الفوتوغرافية الأصلية المليئة بالتفاصيل الدقيقة حيث كنت استخدم طوال الوقت فرشات رسم صغيرة جداً مقاس 0 و 1 كانت ضرورية لتجسيد تلك التفاصيل.
أثناء الرسم و فيما الخطوط الأولى كلها بالقلم الرصاص الذي هو المحك الأول و الأساس الذي تُبنى عليه الألوان، كنت أفكر كثيراً بالتراجع عن قرار رسمها بسبب الوقت الذي سأبذله فيها، و عدلت عن قراري فيما بعد و استعنت بالصبر الذي أجيده و الكثير من الشغف و التصور الذي بدأ يتكون في مخيلتي للوحة و هي مكتملة!
مرت الأيام سريعة بعد ذلك، و صار روتين اليوم هو الصلاة في محراب تلك البيوت التي تستدعي الدهشة في تلك التكوينات الهندسية فائقة الذكاء للمهندس المعماري اليمني القديم و تلاحمها جنباً إلى جنب في تناغم هارموني فذ يسمومنذ أكثر من ١٥٠٠ سنة!
                       13
 - لماذا صنعاء القديمة بالذات، وليس أي مدينة أخرى؟
"عشت في صنعاء منذ أكثر من 35 عاماً، و شدتني المدينة القديمة بكل تفاصيلها، هي مجتمع إنساني شديد الخصوصية بأسواقها و أزقتها و جمال بيوت الطين.. باختصار تشعر بأن الزمن توقف فيها و أن كل ما يدور حولك عبارة عن فلم سينمائي و أنك جزءٌ من أبطاله!
عموما أنا بطبعي أغوص في تفاصيل أي عمل أرسمه و لا أجد غضاضة من عوامل التعب و الإرهاق التي تصيبني أثناء الرسم، لي ذكريات عزيزة كثيرة مع أصدقائي في تلك المدينة، في كل زاوية كنت يوماًهناك، فلِمَ لا أحبها و قد أدهشت كل من يزورها وأحبتها كل جنسيات العالم، صنعاء القديمة تغادرها حين تمضي إلى بيتك لكنها ترفض أن تغادرك!
                      14
شارك عدنان طبعاً في كثير من المعارض المحلية و الخارجية أيام جمهورية اليمن الديمقراطية بالكاريكاتير و الفن التشكيلي في موسكو، صوفيا، دمشق، طرابلس ليبيا، ابو ظبي، الكويت، البحرين، و آخرها معرض الشتاء بالأردن عام 2010م