ماذا لو أن علي عبد الله صالح ... ؟!
ماذا لو أن علي عبد الله صالح ... ؟!
نصر صالح
ماذا لو أن الرئيس علي عبد الله صالح قام بالتالي:
1- انصت لـ "صراخ" قيادة الشطر الجنوبي عقب التصويت الذي جرى في أول جلسات مجلس النواب الموحد، عام 1990، حيث خسر الجنوب (ديمقراطيا) التصويت في عدد من الأمور الحياتية التي كان يقترحها عبر ممثليه النيابيين.. وبعد أن لم يحصد ممثليه من اعضاء الحزب الاشتراكي وغيرهم من الجنوبيين النسبة الفاعلة في الحكم والعمل النيابي، وصار اقلية في مجلس النواب اليمني وفي الحكم.. وكان ذلك نتيجة طبيعية للتأييد العددي لمواطني الشمال لممثليهم بحكم الكثافة العددية (حيث تعداد السكان شمالا يساوي 5 اضعاف تعداد السكان جنوبا)..
وكيف كانت معظم القرارات التي تمس الجوانب الحياتية والسياسية - دائما - لغير مصلحة الجنوبيين بحكم الديمقراطية التي رافقت الوحدة. ومعروف ان الفوز ديمقراطيا يحسمه التصويت العددي.
ما كان ضر الرئيس علي عبد الله صالح لو انه سارع إلى معالجة ذلك "الإشكال" سريعا خلال الفترة الانتقالية (اظنها كانت عامين 1991/1990) وسعى بجدية مع شريكه في قيام الوحدة الرئيس علي سالم البيض والحزب الاشتراكي اليمني بمراجعة صيغة الوحدة ومعالجة هكذا "إشكال" رغم انه لا يبدو انه إشكال غير قانوني فالتصويت يتم حسمه عدديا في النظام الديمقراطي، لكن الحالة هنا مختلفة بعض الشيء فقد قامت الوحدة على أساس الندية والتكافؤ بين دولتين كاملتي السيادة والحقوق المواطنية لكل منهما، (فقد كان الجنوب كيانا مستقلا منذ قديم التاريخ).. وإذن لا بد للديمقراطية الوليدة ان تضمن لكل مواطنينهما تصويتا متكافئا في الندية بغض النظر عن الفارق العددي..
- كيف؟
اتذكر أنه أثناء مباحثات الوحدة، عام 1989م، كان ممثلو الشطر الشمالي قد طرحوا مقترح إقامة الوحدة كونفدراليا، ولو لم يرفض ممثلو الشطر الجنوبي الكونفدرالية وقبلوها من البداية لما حصلت أي مشكلة. ذلك ان الوحدة او الاتحاد الكونفدرالي بين الدول يناسب الدول قليلة السكان وطبعا لا إشكال في هذه الصيغة بالنسبة للدول كثيفة السكان.
كان يكفي العودة لمقترح خيار "الكونفدرالية" والذي كان طرحه الجانب الشمالي بنفسه.
2- عدم شن الحروب الستة على صعدة ضد الحوثيين، وبدل الحرب كان اجدى أن يتم التفاهم والاتفاق مع قائد الحوثيين (انصار الله) السيد حسين بدر الدين الحوثي، على أساس مبدأ التعددية الحزبية والسياسية وحرية الاعتناق الآيديولوجي التي سادت الحياة السياسية بعد الوحدة اليمنية في 1990م.. لا أن يتم قمعهم بسبب آيديولوجيتهم ومعارضتهم.
كان يكفي قبولهم كمنافسين حزبيين/ سياسيين طبيعيين، واشراكهم في العملية السياسية بالاحتكام لصندوق الاقتراع والانتخاب.
3- عدم التسليم للمملكة العربية السعودية بما أرادته في مسألة الحدود الشمالية وترسيمها في عام 2000.. وكان حريا به عدم التوقيع على إقفال اتفاقية 1934م وترك امرها لتوقيت مناسب مستقبلا.. وأظن ان علي عبد الله صالح ربما وقع ذلك من منطلق "ظنه" انه بذلك كان يحمي الوحدة الاندماجية اليمنية، معتقدا انه كان اشترى دعم السعودية له والتزامها بعدم دعم الانفصالين او دعمهم للتراجع عن الوحدة اليمنية الاندماجية.. واعتقد جازما انه ما كان ليكون قلقا من السعودية على الوحدة اليمنية إذا ما كان مع البيض قد قام بإعادة صياغة الوحدة اليمنية من اندماجية إلى كونفدرالية قبل عام استفحال الازمة اليمنية في 1994.
4- عدم انصياع علي عبد الله صالح للفيتو السعودي الخليجي (والمؤيد امريكيا وغربيا) الذي قيل انه يقضي بالتزام اليمن عدم استغلال كامل ثرواته المعدنية والنفطية والغازية، وتحديدا حوض الجوف الذي يمتد لجزء من نجران وجزء من الربع الخالي واجزاء من مأرب وشبوة وحضرموت، الذي قال خبراء انه يختزن كمية هائلة من النفط والغاز قد تساوي ما لدى دول الخليج مجتمعة.. ومعروف أن السعودية ومعها دول الخليج لا تقبل ان يكون اليمن اغنى منهم.
كان يكفينا استغلال ثروتنا النفطية لينتعش إقتصادنا ويزدهر ونكون أغنياء بثرواتنا.. وقد نكون - فعلا - أكثر غنى من جيراننا الخليجيين، وكنا ارفع من أن نتسولهم في شيء.
طبعا كان ذلك سيكلف اليمن حربا شرسة مكلفة مع السعودية وبقية دول الخليج، وقد ربما تكون حربا تشبه هذه التي تشن علينا منذ مارس 2015، لكنها - بالتأكيد - لن تكون كلفتها كما بمستوى تكاليف: (1) حرب صيف 1994 بين الشمال والجنوب + (2) الحروب الستة التي شنها الرئيس علي عبد الله صالح على الحوثيين + (3) انقلاب "حزب التجمع اليمني للاصلاح" على النظام اليمني وتحديدا حكم علي عبد الله صالح وحزب المؤتمر الشعبي اليمني في 2011م، وقد شاركه في ذلك الحوثيين كما شارك أيضا معظم أحزاب المعارضة اليمنية الأخرى باستثناء الحراك الجنوبي وحزب جبهة التحرير.. وخسر الرئيس علي عبد الله صالح وحزبه السلطة وكل شيء تقريبا...
20 مايو 2024م