يرحلون ونتآلم
الموت ذلك الشيء الذي لا نستطيع الهروب منه ، أتٍ لا محال، كلنا ندركه ونعلم به ولكن عندما يدق بابنا لا نعلم كيف نتعامل معه ، يسقطنا أرضاً يهزم كبرياءنا ، يُزيل قناع القوة منا، يجعلنا مثل الأطفال نبكي ويعصر قلوبنا ويأخذ جزء من روحنا معه ....
وهذا ما جرى لنا، كنا نائمين حين رن جرس الهاتف وتلقينا خبر وفاة خالي(المهندس فاروق زيدان ) رحمه الله ...
نزل عليناالخبر كالصاعقة ...لم نصدق !!!!
لم نستوعب !!!! لقد كان أخر خال لنا على قيد الحياة .
كان إبنه(مكرم) من نقل إلينا الخبر ، وطلب منا أن
أن نذهب إلى أخته (غادة) في البيت كي نمهد لها الأمر. ولكن قلبها كان يشعر أن ثمة شيئا حدث لوالدها، إذ اتصلت علينا قبل ذلك بقليل لتخبرنا أن الإسعاف أخذت أباها و أن لا أحد يجيب عليها ويخبرها ما جرى له ...
عند وصولنا لم تكُن في وعيها،،،كانت الصدمة شديدة عليها، وكيف لا تكون هكذا وهي التي تعشق أباها ولا تستطيع العيش بدونه ،،، لم تصدق الأمر ،بل كانت تقول : لا لا،،، إنه لم يمت وسيأتي وسيجلس بجواري ونشاهد المسلسل الذي يحبه ويتابعانه معا كل يوم . ظلت تردد هذا الكلام بدون وعي . جلست بجانبها اطبطب عليها لعلي أهون ولو جزءً بسيطا من هول الفاجعة، ومما تشعر به ..
كانت في لحظة إنهيار وضياع إذ أصبحت طفلة تائهة في الطريق تبحث عن والدها لكي ينقذها لتعود إلى البيت ...
لقد اوجعت قلبي وأحييت بداخلي شعورا لا ينطفىء ولا يموت ، أناكذلك أحب والدي أطال الله في عمره، وأعشق تراب رجليه، وتسيطر علي بعض أفكار الموت الذي لا مفر منه. شعرت بألمها لأننا وابنة خالي متعلقتان أشد التعلق بأبوينا..
وحانت لحظة الحقيقة المرة أن تذهب إلى المستشفى لترى والدها وتودعه الوداع الأخير ،،،وفي طريقنا كنت اراقبها فأراها في عالم آخر لا تعرف إلى أين هي ذاهبة ومن سوف تقابل ، ولما رأت جثمان والدها انهمرت دموعها وكأن عقلها للحظة استوعب حقيقة الأمر ،،كانت تقرص نفسها لكي تتأكد أهي فعلاً في حلم أم حقيقة.. وكانت تتمناه حلماً أو كابوساً تستيقظ منه كالعادة وتقول الحمدلله لقد كان حلماً وتهرع إلى أبيها تتصل به ويرد عليها لا تقلقي أنا بخير ، ولكن هذه المرة كانت حقيقة و يالها من حقيقة موجعة مؤلمة موحشة ..
صدق محمود درويش عندما قال :
"الموت لا يوجع الموتى
الموت يوجع الأحياء"
لقد اوجعنا موتك خالي فاروق، فليرحمك الله ويجعل مثواك الجنة ، لروحك السلام .