من عدن نهاية الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس
من صيرة دخلت قوات الاحتلال البريطاني بقيادة الضابط هنس في يوم السبت 19 يناير 1839م ويعد (الفتح الأول) للإمبراطورية البريطانية في عهد الملكة فيكتوريا في معركة غير متكافئة بين البحرية البريطانية والمدافعين الأبطال عن عدن. استخدمت بريطانيا ذريعة لذلك حين جنحت السفينة "دوريا دولت" التي تحمل العلم البريطاني وهذا بالرغم من أن شخصية عدنية من آل العيدروس أنقذ ركاب السفينة وانتشلهم في قارب وقدم لهم طعاماً وثياباً، كما هو معروف ومتداول حتى في الوثائق البريطانية. رفض سلطان عدن ولحج آنذاك محسن العبدلي الاحتلال البريطاني رغم كل المغريات المادية، وقال أحمد ابن السلطان للمفاوض البريطاني: "إن كنت تريد أن تمتلك عدن فإن أهل عدن لا يريدونكم"
استمر الاحتلال حتى 30 نوفمبر1967 فالشعب لم يستسلم واستمرت المقاومة في عدن والمحميات ضد الوجود البريطاني عبر الانتفاضات والمظاهرات بالإضافة للدور الهام لرجال الدين وأبرزهم عبد الله حاتم وغيره، والصحافة ومنها الأيام والأمل والمصير وغيرها من الصحف، ولا ننسى دور النقابات والمرأة التي أشرنا إلى دورها في مقالنا "المرأة وثورة 14 أكتوبر " ، إضافة إلى أهم حدث في تلك الفترة هو تفجير قنبلة المطار التي فجرت مؤتمر لندن الدستوري وذلك من قبل المناضل خليفة عبد الله حسن خليفة، كل ذلك كان مقدمة لقيام الثورة المسلحة في 14 أكتوبر 1963 والتي انطلقت من جبال ردفان الشماء بقيادة الجبهة القومية.
سجلت الثورة في ردفان أروع البطولات ضد قوات الاحتلال البريطاني وعملائهم وسموا حينها بالذئاب الحُمر، ومن أجل تخفيف الضغط على جبهة ردفان واستمرار الثورة عُقد اجتماع في منزل المناضل نور الدين قاسم بالمنصورة، وترأسه فيصل عبد اللطيف وحضره سيف الضالعي وعبد الفتاح اسماعيل وسالم ربيع علي ومحمد علي هيثم وحسين الجابري وعلي عبد العليم وعلي السلامي وعبد الباري قاسم وناصر علي صدح ، وكاتب هذا المقال علي ناصر محمد وآخرون لا أتذكر أسماءهم،
وفي هذا الاجتماع اتّخذ اهم قرار بتاريخ الجنوب بفتح الجبهات في كل من عدن وبقية المحميات كما اتخذ قرار بإرسال الفدائيين من عدن وقد كلفتني القيادة آنذاك بتسهيل و تأمين مرور أول دفعة من الفدائيين عبر لحج إلى تعز وتأهيلهم لفتح الجبهة في قلب مستعمره عدن ومنهم عبد الرب علي (مصطفى) مهيوب علي غالب (عبود) أحمد محمد سعيد، فضل محسن، خالد هندي، علي صالح بيضاني، حسن علي الزغير (بدر)، أحمد العلواني، عبد الله الخامري، عبد الكافي عثمان، صالح الجابري، سالم باجبع ، عوض أحمد سعيدي. علوي سالم المصوعي ، عبد الله علوي ، عبد الله محمد الهيثمي ، واحمد محمد المحوري (الحاج) ، وتم نقلهم بإعتبارهم ذاهبين لقضاء إجازة في تعز بسيارتين يتقدمهم بسيارته عضو الجبهة القومية محمد علي طالب، وقد سهل مهمة سفرهم سالم الحجيري الضابط في شرطة لحج والمتعاطف مع الجبهة القومية والمناصر للثورة. وبعد أن أنجزوا دورتهم في معسكر صاله بتعز عادوا إلى عدن في انتظار التوجيهات والسلاح لإعلان الثورة المسلحة وحرب العصابات في عدن.
وكانت جبهة عدن هي الحاسمة في المعركة مع الاحتلال البريطاني. ومما له دلالته أن الثوار استطاعوا أن يخوضوا حرب عصابات منظمة وناجحة في مدينة صغيرة محاصرة بين الجبال والبحر، وقليلة المنافذ، ومحاطة بالأسلاك الشائكة وبمعسكرات القوات البريطانية والجواسيس، والقيام بالنشاط العسكري في المدن والريف, "واستطاعوا أن ينتصروا في هذه المعركة ويكسروا هيبة الإمبراطورية البريطانية وقواتها وعملائها في عدن والجنوب.
ولم تكن ميزانية جبهة عدن تزيد عن خمسة آلاف ريال يمني حوالي (2000 دولار).. وبهذه الميزانية المتواضعة كانت الجبهة القومية تقاتل الإنجليز وقاعدتهم في عدن التي كانت أكبر قاعدة للبريطانيين في شرقي السويس!، وكانت ميزانية الجبهة القومية لا تزيد عن 25 الف ريال يمني (1 دولار = 3 ريال) التي يقدمها مكتب عملية صلاح الدين إضافة للسلاح والتدريب إضافة إلى الاشتراكات من أعضاء الجبهة القومية والتبرعات من الأصدقاء والأشقاء ولجان مناصرة الثورة في الكويت وغيرها من البلدان العربية والأجنبية.
كان تطور العمل وسط المنظمات الجماهيرية يجد صداه في المطبوعات والنشرات السرية الداخلية الصادرة في جبهة عدن وجبهات القتال الأخرى. وكان للنساء دور مشرف في الثورة، كن يحملن السلاح ويقدن التظاهرات، ويشاركن في الإضرابات وتنظيم المهرجانات والخطابات فيها، ويوزعن المنشورات، ويقمن بإيصال الرسائل، المحررة والشفوية، إلى الأعضاء، ويتولين مسؤولية إخفاء المناضلين المطلوبين، وإطعامهم، واللقاء بالوفود العربية والدولية لشرح قضية الجنوب أمام لجنة تقصي الحقائق التابعة للجنة تصفية الاستعمار.
كانت جبهة عدن هي قلب وروح الثورة في الجنوب وصوتها العالي في الخارج، وأحد مصادر القوة والطاقة التي تمد بقية الجبهات الأخرى بالحيوية والحياة والدماء وبعوامل الصمود والاستمرار. وبعد أن تعود الفدائيون على الكفاح السري، وكسروا حاجز الخوف، وحققوا ذاتهم، والتحموا بالجماهير وعاشوا معها، فوجدوا فيها الحصن المنيع والحضن الدافئ. ووفرت لهم الحماية والدعم والتنقل بسرية.
كانت أبرز قيادات جبهة عدن: فيصل عبد اللطيف، وعلي السلامي، وعبد الفتاح إسماعيل، وأحمد صالح الشاعر، وعلي صالح عباد "مقبل"، نور الدين قاسم، سالم ربيع علي وسواهم من القيادات التي أظهرت مواهب قيادية، وحنكة عالية في إدارة دفة الصراع مع الاحتلال، وفي قيادة الكفاح المسلح في جبهة عدن، وتوجيه العمل السياسي والجماهيري، وخلق جبهة واحدة مُتراصة مع الشعب لإلحاق الهزيمة بقوات الاحتلال.
ومن أبرز المناضلين والفدائيين:
أبو بكر شفيق، فاروق مكاوي ، خالد هندي ، علي صالح البيضاني ، عبدالرحمن فارع ، صلاح الدين ، صالح عبدالكريم ، احمد علي العلواني ، محمد احمد باشماخ ، علوي حسين فرحان ، محمد حسين الذروي ، محمد سعيد عبد الله ، علي الشيخ عمر ، عبد العزيز عبد الولي ، علي عمر الشيخ ، عبد الواسع قاسم ، عبد الرزاق شايف ، عبد الله ابو هاشم ، محمد احمد القباطي ، سالم عبدا لله يافعي ، عبد الكافي ، طه غانم ، محمد صالح عولقي ، محمد صالح مطيع ، توفيق عوبلي ، صالح محمد هيثم ، حسين جاوي ، صالح عبد الرزاق ، منصور سيف ، حسين علي باحبيب وعياله محمد واحمد ، الحاج صالح باقيس ، عبد الله محمد سرحان ، علي عوض امحداد ، ناصر عبد الله الحداد ، فارس سالم ، حسين الجابري ، علي عبد العليم ، عايش عوض سعيد، عبد الله محفوظ ، عبد السلام، احمد سالم (عباس) ، أحمد ناصر امخادم ، قاسم صالح لطفي ، محمد علي مختار ، جميل امشبق ، محمد سالم العسل ، يوسف علي بن علي ، وعبد الله سالم العسل ، عبد الله سالم قردع ، السيد حسن صالح ، صالح الصجر ، احمد مشعر ، محمد هادي الميسري ، حامد مدرم ، صالح حسين احمد زيزيا ، صالح سعيد حكومه ، محمد علوي السقاف ، صالح عبد الحميد ، سعيد فارع ثابت علي، محمد علي الريوي ، محمد علي سعد الساحلي ، فضل عبد الله ( بيرأحمد ) ، احمد ثابت حيدر سعيد ، عبد الله عبد ربه ، صالح فاضل حسين ، فريد عبده صحبي ، الخضر محمد احمد الصالحي ، محمد جابر ثابت سريع، زيد سليمان ، صالح الشعملي ، عوض ناصر النخعي ، سالم خوه ، علي ناصر هادي ، احمد امجعلي.
ومن أبرز الشهداء في عدن: محمد علي (الحبيشي) وهو أول شهيد يسقط في جبهة عدن 1966م بانفجار قنبلة كان يحملها لغرض تفجيرها بأحد الأهداف المرسومة وسمي استاد الحبيشي باسمه في عدن حتى الآن، ومهيوب علي غالب(عبود) ، عبد النبي مدرم ، علي محمد الدلالي ، الشهيد منصور.
ومن أبرز الذين كانوا في السجن: أبو بكر شفيق، سالم سهيم ، عبده علي عبد الرحمن ، راشد محمد ثابت ، علي عبد الله الحداد ، محمد صالح العتيقي، صالح محمد جعفر ، حسن عبد الله ، علي صالح ، عبد اللطيف صالح ، احمد حميد ، محمد علي طالب ، عوض سعيد يافعي ، ناصرعوض السعيدي ، ناصر علي فرحان اسمه عباد من فرقة حسين جاوي ، علي سلام فوز ، عبد الله شبوله ، سالم باصهيب ، سليمان ناصر محمد ،عبد الله الهيثمي ، احمد ناجي ، عبد الله صالح المنصوري ، علي محمد الهمامي ، أحمد ناجي الردفاني. محمد عوض مدرار، امعبد ناصر منصور ، محمد منصور السعدي ، محمد سالم باهديله ، محمود كوكني فرفة حسين جاوي ، جارالله سالم ، صالح علي ناصر جبران ، عمر العلواني ، محمود حزام ، سالم عمر ، علي جاحص ، عوض محمد جعفر ، يوسف علي بن علي ، الشهيد الدوح ، يوسف جبوتي الحسوه ، أحمد فريد البريقة ، احمد عبده الطاهري وغيرهم.
نحن نعتذر اذا لم نذكر بعض الأسماء في هذا المقال من الفدائيين والشهداء.
نحن لم نشير الى القيادات النقابية والعسكرية والأمنية الذين كان سنداً للثورة في كافة المراحل حتى تحقق النصر في 30 نوفمبر 1967.
تأتي هذه المناسبة التي يحتفل فيها الشعب بثورة أكتوبر ضد الاحتلال البريطاني وغزة تحترق وتتعرض للقصف اليومي وتدمير المنازل على رؤوس سكانها وتهجير الملايين الذين أصبحوا بلا مأوى ولا كهرباء ولا ماء ولا دواء ولا غذاء في ظل موقف رسمي عربي دون حجم المأساة التي تتعرض لها فلسطين منذ 100 عام باستثناء موقف الجماهير العربية والإسلامية والمحبة للسلام التي نزلت في مظاهرات الى الشوارع والساحات للتنديد بجرائم الاحتلال الإسرائيلي.
ونطالب مرة أخرى القادة والرؤساء العرب بضرورة عقد مؤتمر قمة عربية طارئة وعاجلة أو قمة إقليمية ودولية كما سبق أن طالبنا باسم مجموعة السلام العربي بعقدها لوقف الحرب وفك الحصار عن غزة والمدن الفلسطينية.
المجد والخلود لشهداء ثورة 14 أكتوبر وفي مقدمتهم راجح بن غالب لبوزة أول شهيد للثورة
النصر للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني حتى قيام دولته وعاصمتها القدس.