مدينة بونا الهندية ...من ملاذ طالبين العلم الى بؤرة السمسرة والنصب !!! 2
ترددت كثيرا قبل كتابة الجزء الثاني من هذا المنشور فقد تسبب لي النشر ببعض التجريح والشتم من بعض ضعفاء النفوس الذين يعتقدون انني مستهدفهم في منشوري او اني ساذكر اسمائهم او ربما لانهم يعتقدون ان المنشور سيسبب لهم بعض المشاكل او الصعوبات في اعمالهم المتعلقة بالمرضى...
ولكن ها انا ارى اصابعي تضغط على لوحة مفاتيح الجوال لتكمل الكتابة ومن هنا تستمر الرواية...
مثلما قلنا بداء بعض الطلبة الذين يعملون بالترجمة بالاتفاق مع بعض المستشفيات للحصول على عمولة ونسبة من فاتورة كل مريض يقومون باحضاره وكانت اول مستشفى تقوم بذلك هي مستشفى جهانجير ولكنها كانت تعطي عمولات لعدد محدود من الاشخاص دون غيرهم ..وطبعا هؤلاء الطلاب فضلوا عدم الكشف عن تحصلهم على عمولات لبقية الطلاب لاسباب عدة من بينها اعتقادهم بان الطلاب الاخرين الذين يترجمون بدون الحصول على عمولات قد ياخذوا عليهم الزبائن او قد يزداد عدد الطلاب العاملين بهذه الخدمة مماقد يسبب خسارتهم لزبائن لحساب المترجمين الجدد ..
كان ايضا بعض هؤلاء المترجمين يستعينون بالطلاب الاخرين لمساعدتهم في الترجمة مقابل اجور الترجمة التي يقوم المريض بدفعها وهم ليسوا على علم بان الطالب الذي قرر دعمهم بجعلهم يتحصلون على رسوم ترجمة هو في الأصل يتحصل على عمولة من رسوم او تكاليف العلاج من المستشفى بدون اي عناء بدني..
مثلما قلنا في نفس الوقت الذي كان بعض الطلاب يحصلون على عمولات كان البعض الاخر يترجم لكي يتحصل على رسوم ترجمة يومية ومكافأة في نهاية العلاج من المريض ولتكن كم ماتكون...والبعض الاخر كان يترجم بالمجان كخدمة اجتماعية وقد يتحصل على وجبة الغداء من المريض وفلوس الوقود او المواصلات الرمزية وبعضهم قد كان من نوعية الطالب الخجول الذي يخجل من طلب فلوس البترول او فلوس الغداء وياتي نصيبة على مريض (شاطر) يتجاهل حاجة الطالب او يتجاهل في بعض الاحيان ان الطالب لم يدفع فقط فلوس بتروله من جيبه بل ايضا قد يكون قام بدفع رسوم التاكسي الخاص بالمريض في حالة ان المريض نسى الفلوس بالبيت الخ ولصدمة الطالب لايقوم حتى بدفع تلك المبالغ للطالب...
مثلما قلنا ان السيئة تعم وطالب واحد سئ يعمل بالترجمة قد يسبب بالحكم على البقية انهم سيؤون فهناك ايضا مريض سيئ قد يسبب بالحكم على المرضى بانهم لايستحقون الرحمة من المترجمين...
اتذكر في احدى الايام في عام ٢٠١٤ احد الاصدقاء الذين يقومون بالترجمة مع المرضى مقابل اي مبلغ يعطيه له المريض عند سفره قام ذلك الطالب بمرافقة المريض من بونا الى مطار مومباي بطلب من المريض ،وقد ظن هذا الطالب ان المريض سيقوم باعطائه الهدية المنتظرة في المطار ،كيف لا وهو قد كان معاه ليل نهار لمدة شهرين ،صحيح ان المريض كان يتكفل بغداء وعشاء الطالب طالما وهو معاه ولكن في الاخير انت لم تاخذ رسوم ترجمة او عمولات ومنتظر المكافأة او البقشيش فليكون مايكون مسماها ،المهم هذا الصديق اتصل بي في الساعة الثانية بعد منتصف الليل يسالنا اذا كنت في منزلي في مومباي او في بونا،فقلت له اني في مومباي...فرح صاحبي وقال لي انا في طريقي اليك ولوسمحت انزل لي ومعاك ٣٠٠ ربية لادفعها للتاكسي...وصل صديقي ودفعت الفلوس وطلع معي الى البيت وسالته ماذا حصل ؟ وانا ارى الحزن في وجهه وهو يقول بوجه حزين ويضحك في نفس الوقت ( الجماعة باعونا عند باب المطار) اي جماعة سالته...
فقال لي التاجر الشيخ الكبير الذي جاء هو وابنه وزوجته للعلاج ولي معاه شهرين وحلف اننا اطلع معهم للمطار وعند باب المطار يقلي شكرا على كل شي وقام بحظني وتقبيلي وقلي مع السلامة ودخل من بوابة المغادرين هو وعائلته...
ويقوم صديقي بالضحك بصوا اعلى وهو يقول: تخيل ،مش بس ماعطاني حاجة...الرجال كمان حجز تاكسي من بونا للمطار خط واحد،فماكان معي الا ان اتصل بك وادعي ربي ان تكون في مومباي علشان انام عندك وارجع معك لبونا ولما تذكرت انه مامعي حتى فلوس التاكسي لعندك ضحكت على نفسي اكثر...
من هذه الحالات الشاذه من الجهتين قد تم وضع صورة سيئة من الطرفين ...
وقد يكون الطرف المترجم يقوم باعمال واساليب سيئة بشكل اكثر ولكن في المقابل هناك ايضا بعض المرضى الذين يسيئون للبقية باعمال يقومون بها ليس بسبب عدم القدرة المالية ولكن لانهم يعتقدون انها شطارة ،وهذه الاشياء تسبب ردود فعل عكسية ..
بداء الطلاب الاخرين بالعلم ان هناك عمولات تصرف من بعض المستشفيات والدكاترة...فجن جنون بعضهم وافتتحت شهية البعض بشكل موحش وبداء بعضهم بالتواصل والتفاوض للحصول على العمولات ...تمكن بعضهم من الحصول على ذلك من مستشفى جهانجير والبعض الاخر فشل فبداء بالبحث عن المستشفيات البديلة التي قد تكون مستعدة لدفع العمولات ووجد اكثرهم ملاذهم في مستشفى إنامدار الذي كان مستعد لدفع العمولات لاي شخص يقوم باخضار المرضى لهم خاصة انهم كانوا مستشفى جديد مقارنة بمستشفى جهانجير...
تراوحت العمولات مابين ١٥ الى ٢٥ % مع اختلاف المترجمين وشطارتهم بالتفاوض...لكن بعض هؤلاء الطلاب وبداء في مدينة بونا عصر الترجمة والعمولات ...
تغيرت طباع بعض المترجمين وبقى البعض الاخر كماهو يترجم ويحصل على عمولته والسلام ،بل على العكس قد يقوم ببعض الخدمات الأخرى المتعلقة بالمريض بالمجان ..
وحتى في حالات الوفاة...كان الاخ نوفل الحناني رحمة الله تغشاه هو الشخص الوحيد الذي يقوم بمساعدة اي طالب او مريض او مرافق في امور واجراءات دفن او شحن الجثث لمن توفى في المدينة وهي اجراءات ومعاملات يقوم بها في المستشفى الحكومي الخاص بالتشريح واخراج الاوراق والشهائد المتطلبة من هناك ومن قسم الاجانب في الشرطة ويقوم بالتنسيق مع الشركة المسؤولة عن الشحن الخ كل هذه الاشياء كان يقوم بها بدون اي مقابل وهو في الاصل لايحتاج للفلوس التي قد يقوم بدفعها اهل الميت...
ولكن مثلما قلنا ..تغير الوضع وتوحش البعض ..فبدانا نرى العجب العجاب من الطلاب الذين قرروا ان الدراسة غير مهمة في الوقت الحالي وعليهم التركيز على العمل الخاص بالسياحة العلاجية الغير رسمية...
وبدأو بابتكار الطرق الملتوية المختلفة للحصول على اكبر دخل ممكن من المريض فال 20% عمولة كانت لاتكفي بالنسبة لهم وبسبب ضغطهم على المستشفيات لرفع العمولة قبلت بعض المستشفيات وبحالة من الصدمة ان يقوموا برفع تكاليف العلاج من اجل ان يتحصل المترجم على مردود اعلى ...
ولم يترك الموتى واهلهم بامان فقد اصبحت اجراءات شحن جثث الموتى لليمن عبارة عن عملية تجارية ذات مردود كبير ولكن هذا المردود كان للاسف عبارة عن مبالغ غير حقيقية يقوم الطالب المتطوع لشحن الجثة بابلاغها لاهل المريض على اعتبار انها جزء من رسوم الشحن ولا يكتفي بذلك بل يطلب مبلغ بسيط منهم على اساس انها تكاليف مواصلاته في بعض الأحيان كيف لا وهو قد اقنعهم بانه تطوع لمساعدتهم بسبب حبه لفعل الخير ومساعدة ومساندة اهل بلاده وكل مايريده من مردود ومقابل هو الدعاء...
كان هو هذا حال ووضع المرضى والمترجمين الى ماقبل حرب 2015 وتغير الوضع بعد ذلك وتطور اكثر فاكثر بقدوم لاعبين جدد منافسين للطلاب المقيمين في المدينة ..
سنكتفي الى هنا بالكتابة فقد طال الموضوع كثيرا وسنعود معكم في الجزء الثالث إن شاء الله للحديث عن مدينة بونا مابعد حرب 2015 ....
للحديث بقية ..