تخرج من حميمية البيوت المسكونة بالروح اللحجية الرافضة للموت..بالروحية القادرة على إنتاج المعرفة وانت ممتليء بالزهو والتفاؤل ان ينابيع الحوطة اللحجية لم تنضب وماتزال قادرة على تقديم الجديد مستعينة بهويتها الثقافية ومتسلحة بالعلم والمعرفة، وان كل مظاهر الاهمال ومحاولات التهميش والمحو لم تنجح في إزالة الألق اللحجي المتدفق. 
  مايزال اللحجيون محتفظين في اعماقهم بجذوة روحهم، وبلسانهم الساخراللاذع،بأغانيهم،ورقصاتهم
،وفنونهم  وبقمندانهم الذي فتح امامهم أفقا رحبا لايمكن ان ينسد، وخرج بهم من "الحيز الضيق " إلى الفضاء الشاسع الممتد إلى ملانهاية.
   لست في حاجة إلى روح لحجية كي تجد نفسك ملتبسا بترديد اغنية قمندانية، اوأخرى من أغاني لحج الرائعة، فقد تشربتها منذ نعومة اضافرك، عاشت معك، ورقصت على إيقاعتها مع الولف، وانتزعت منك الآهات وانت تديب الروح بالجسد.
 لحج المتناهية الصغر والبؤس تقاوم الإهمال والتهميش وتستعين على شقائها ووجعها الإنساني بالاغاني ،الاكسير الذي اكتشفته لشفاء الروح، وبالنكتة تنتصر على اعداء الحياة..أعداء الإنسان .
 لكنك تقع في الخداع إن أعتقدت ان لحج هي الاغاني فقط او القمندان فقط، وتقع في خداع اكبر ان ظننت ان لحج هي تلك الاشياء التي تراها امامك  او تعرف ان مصدرها لحج،اوتتكرر كثيرا في اغانيها،الفل،والكاذي، المشمش،والعنبرود.المقرمش،والمضروب، والبخور اللحجي الماثور، وان كانت من منتجات الطبيعة السخية لدلتاوادي تبن،او من ابداع عقل ويد الانثى اللحجية الرفيعةالذوق. 
 لحج المتناهيةالصغر والبؤس هي كل ذلك،وتتعداه إلى مجالات أخرى في الفكر والسياسة والادارة، حتى وإن بدا ان الشعر والغناء هما الغالبان على المشهد اللحجي، فذلك نوع من الاختزال .
  ربماان الغناء اخذ الجانب المكبرللصورة بحيث اختفت عنها بقية الجوانب، اولم تظهر بنفس درجة الوضوح والتفاصيل، وانزوت قليلا او انزاحت بعيدا إلى الخلف،  لكن هذا لايعني انهاليست موجودة. 
 تفتخر لحج بان حيزهاالمكاني الصغير كان سخيا في إنجاب القادة والزعماءالوطنيين ورجال السياسة والثورة
والدولةومن مؤسسي الحركةالوطنية والاحزاب كما انجبت الادباء والكتاب، والشعراء والمطربين،ورجالات التربيةوالتعليم، والثقافة والإعلام ،وهم معروفون باسمائهم وتاريخهم واعمالهم التي تعد جزء من التحولات التاريخية التي شهدتها اليمن على مدى اكثر من نصف قرن، وساهموا في إحداث تطور جذري في حياتنا المعاصرة وهم من اصحاب الوزن والتاثير إن اخذنا منجزهم الفردي اوتأثيرهم الجماعي بعين الاعتبار. ولو اوردنا اسماءهم جميعا سنحتاج إلى سجلات لكن بعض " الاعلام " على سبيل المثال تعطي القاريء فكرة كم ان المشهد اللحجي الصغير من حيث المكان، كان بالغ السخاء والعطاء إلى ابلغ الحدود ولايزال، وهذه بعض النماذج فقط مع حفظ الالقاب : محمد علي الجفري، شيخان الحبشي، قحطان محمد الشعبي،فيصل عبداللطيف، سالم زين محمد، علي السلامي، علي عبدالعليم، ابوبكر السقاف، احمد السقاف، عمرالجاوي، خالدفضل منصور، محمدجعفرزين، عبدالله حسن العالم ،  القمندان ،عبدالله هادي سبيت، مسرور مبروك،حمودنعمان،احمدمهدي،محمدسعدالصنعاني،فضل محمداللحجي، احمد يوسف الزبيدي، حسن عطا، سعودي احمد صالح ،،محمدصالح حمدون ،مهدي درويش،عبدالكريم توفيق، فيصل علوي ، عبود خواجة ،والقائمةتطول .
 لحج الصغيرة كحيزمكاني، تحتفظ بسر لغزها، سحرها، ،بطاقاتهاالابداعية، وقدرتهاعلى العطاء،وتذهلك بارتقائها فوق آلامها، بحبها للحياة برغم راهنها البائس .
  خارجا من الحوطة المتناهيةالصغر والبؤس تبقى على يقين بان لاعلاقة للامر بصغر المكان بل بعبقريته. اكتشفت لحج شفرتها الخاصة فكتبت تاريخها ،وخلقت إبداعها،ووضعت بصمتها التي لاتشبة اية بصمة اخرى ،لكنها لاتعطي مفاتيح شفرتها لأحد،وانتزعت الإعتراف بها حين استوعبت لحظتها التاريخية، وفجرت طاقاتها الابداعية ففتحت حيزها الصغير روحا كبيرة من حساسيتها، ونفخت فيه من انفاسها العطرة ثم رشته بروائح الفل ،وعبق الكاذي، وفوح البخور، وشذىالارض، وعرق الانسان، وشحذته بانهمارات الرقص واغاني الدان ، وقالت هذا غناء لحج الفريد لكنه للجميع!