المُـستحيـل في تصريحات الأمير بن فرحان
قال وزير الخارجية السعودي، الأمير/ فيصل بن فرحان، في القمة العربية بالجزائر: (... المملكة مستمرة في دعم الجهود الرامية إلى تحقيق السلام في اليمن، كما أنها بذلت جهود لدعم المبعوث الأممي لتمديد الهُـدنة ووجود ضغط سياسي متواصل من قبل المجتمع الدولي والتعامل معهم (الحوثيين) لتحقيق السلام المستدام في اليمن والمبني على المرجعيات الثلاث المتمثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار اليمني الوطني الشامل وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بما فيها قرار مجلس الأمن 2216.)، انتهى الاقتباس.
- ما يسمى بالمرجعيات الثلاث التي ما تزال المملكة السعودية تتمسك بها-او هكذا تتظاهر-في حال تطبيقها- مع استحالة ذلك طبعا - ستعني بالضرورة إعادة الأمور سياسيا وعسكريا- في الجنوب على الأقل-الى المربع الأول إلى ما كانت عليه قبل هذه الحرب وكما كانت عليه غداة حرب 94م الكارثية. وهذا هو المستحيل بعينه، ليس لان معظم الجنوبيين يرفضون تلك المسماة بالمرجعيات التي تم الاتفاق عليها غصبا عنهم وبعيدا عن مشاركتهم الحقيقية، بل لأن الاوضاع اليوم تغيرت جذريا رأسا على عقب، وعلى كل الصُعد في الجنوب وحتى في الشمال الى درجة يستحيل معها العودة الى وضع ما كان عليه قبل هذه الحرب، فضلا عن أن تلك المرجعيات قد مر عليها عقد ونيف من الزمن وطواتها الأحداثطي السجل للكتاب واصبحت بالتالي غير صالحة للتطبيق فوق الخارطة التي انتجتها هذه الحرب اليوم، علاوة على عن انها اي تلك المرجعيات صيغت من من جانب ولمصلحة قوى سياسية وعسكرية وحزبية كانت أصلا سبب بمأساة الجنوب ونكبته، ومثلت توطئة لإنتاج الوضع الكارثي اليوم الذي يعصف بالجنوب والشمال على السواء.
الجيد لدى المزاج والوعي المتنامي لدى عامة للناس والنخب حيال مثل هذه التصريحات أنهم لم يعودوا يكترثوا بها او اخذها محمل الجد حتى وإن صدرت من أعلى سلطة بالرياض او غيرها من العواصم، بعد ان اصبحت تصريحات مملة وسمجة، ناهيك عن معرفة الجميع باستحالة تطبيقها على الواقع، بقدر ما صارت اليوم تصريحات تقال لإسقاط الواجب تجاه قوى حزبية وسياسية وقبلية تحرص المملكة على عدم إغضابها بشان مصير الجنوب ولحاجة المملكة لها في هذا الظرف وإسماعها ما تريد ان تسمعه من زخرف القول والوعود المستحيل تحقيقها.
السعودية التي تركت الرئيس العليمي-الذي اتت به هي الى سدة المجلس الرئاسي- تركته بقمة الجزائر وحيدا يغرد خارج سرب الرؤساء العرب، بل وخارج سرب دول التحالف العربي نفسه، وهو يناشد القاعة بإدراج الحوثيين بقائمة الارهاب دون ان تشد عضده بكلمة واحدة لدعم طلبه ولو من باب المجاملات السياسية، ليس فقط لأن طلبه مستحيل التنفيذ بل لأنها اي المملكة لا تقيم له وزنا ولا نأبه به وبمجلسه إلا بقدر ما يتعلق الامر بالمصلحة السعودية.. فإن كانت المملكة تستكثر على العليمي كلمة مؤازة داخل محفل كبير كهذا فكيف لها ان تتبنى مشروعه ومشروع باقي القوى داخل المجلس الرئاسي وخارج الرئاسي المنادي بإعادة الجنوب الى بيت الطاعة الوحدوي وبفرض مشروع الحل السياسي النهائي للازمة وفقا للمرجعيات الثلاث المزعومة؟.