الأغنية الشعبية اللحجية
الغناء لغة وجدانية عرفها الإنسان في كل زمان ومكان ؛ ولكل جماعة بشرية حضارية ؛ كانت أم بدائية غناؤها... ومن هنا تتعدد لهجات الغناء وتتنوع حسب نوع الجماعة والبيئة الإجتماعية والثقافية . ويهدف الغناء إلى الإبداع العاطفي ويفيض على النفس جوا من البهجة والسعادة .
وتمتد جذور الفن اللحجي إلى التراث الشعبي الفني القديم مثل الاهازيج والاغاني الشعبية ؛ ويعد الفنان المرحوم هادي سبيت النوبي واحدا من المحترفين للغناء ؛ وكان ذا شهرة واسعة في الغناء ؛ وخاصة اللون الصنعاني ثم ظهر بعده الفنان صالح عيسى الذي بدأ حياته الفنية بالعزف على الآلة النحاسية ثم السمسمية ثم على الآلة الوترية ( العود ) . في هذه الفترة ظهر الشاعر المغني فضل ماطر وهو من الشعراء الذين عاصروا القمندان ؛ وسبقوه إلى قول الشعر على ألحان شعبية مختلفة . وفي عصر ما قبل القمندان فقد كانت الاغنية الشعبية اللحجية تغنى على نمط الرقصات الشعبية ؛ مثل الشرح اللحجي ورقصة الرزحة والدمندم وغيرها من الرقصات الأخرى . ويمكن القول ان بداية تاريخ وإزدهار الاغنية الشعبية اللحجية يعود الفضل إلى الشاعر والملحن احمد فضل القمندان ؛ الذي جعلها منطلقا لحلمه في إبتكار غناء لحجي جديد . الأغنية الشعبية اللحجية تعبر تعبيرا صادقا عن التقاليد والتراث.. وقد اشتهرت لحج بالفن الغنائي الاصيل، والذي نجده في أغاني الزواج وفي موسم الحصاد الزراعي ، كما ان للحرب اغان وللاطفال أغان ولعمال البناء اغان ، وغيرها من المناسباتالعامة . فالأغنية الشعبية اللحجية تحتل مكانا بارزا، فهي لابد أن تكون رقيقة عذبة جميلة الأداء والإنشاد تعكس أنشطة الحياة .. كل ذلك في إرتباط واضح بالانسان والبيئة التي يعيش فيها ، والتي تأخذ الاغنية منها الدافع الإبداعي ويعطيها الإبداع كاملا وجميلا ورائعا ومعبرا ، ونتيجة لإرتباطها بتلك المناسبات التي يحتفل بها المجتمع ومسايرتها لتطور حياة الفرد في المجتمع الشعبي ، كان لها اثرا كبيرا في إزدهارها وإنتشارها وإحتفاظ المجتمع لها وترديده لها كلما دعت الحاجة إلى ذلك .
إذا يمكننا القول إن الاغنية الشعبية اللحجية تحقق غاية سلوكية .. أو هي تحقق متعة فنية ، إضافة إلى ذلك تقوم بدور مساعد لفن آخر .. كفن الرقص مثلا ، كما إن الاغاني والالحان اللحجية من شأنها تسرية العامل او الفلاح والتخفيف عليه من الاعباء التي تصاحب العمل ، وهذا يدعونا إلى تناسي هموم الدنيا والتخلص الذهني من مشاكل الحياة ، كما ترى مجاميع كبيرة من الناس يتجاوبون مع خيال الغزل ومخدراته الرائعة ، وتجعلهم اكثر بحبوحة وفي سرور دائم .
والكثير من الناس يصغون إلى الانغام الموسيقية وينفتح المستعصي عن مشاعرهم على هذه الاصداء الشجية والمرحة . وفي لحج ( المحروسة بالله ) نجد الاصوات العذبة والرقيقة والاناشيد البليغة والتي تعبر عن الآهات الصادرة من أعماق الاحشاء وهي تمثل شحنة نفسية يجد فيها المستمع متنفسا جديدا لمجابهة واقعه الاليم .
ومن خلال متابعتنا لفنون الغناء الشعبي اللحجي نجد ان هذا الفن عبر بصدق عن التراث والاصالة وجاء مرآة صافية يتضح فيها ملامح طباع ابناء لحج ، كما حملت حملت الاغنية اللحجية في طياتها العديد من الالفاظ التي يستخدمها الإنسان اللحجي كل يوم في مأكله ومشربه وملبسه .
البقية تتبع في حلقة قادمة