قرر المواطن  في عدن ان يصرخ , ليعلن عن حجم معاناته , بعد ان ضاقت به سبل الحياة , وفقد القدرة على الاحتمال , بعد ان كثرة مشاهداته للجنائز تجوب شوارع المدينة , منهم من مات من شدة الحر , واخر ضيق التنفس , وغيره جوعا وعطشا , ومنهم من لم يستطع شراء وتناول حبة الدواء للأمراض المزمنة ليبقى على قيد الحياة , وضحايا الوباء , والإهمال وفقدان الوقاية خيرا من العلاج , في مدينة فقدت كل وسائل استمرار الحياة .

انها صرخة مواطن , ضد كل مسؤول في عدن , وما اكثرهم في عدن تحت حماية بندقية مدعومة إقليميا او قبليا او سلطة شرعية او سلطة ثورية , كلا له نافذين وقادة , اختلط الحابل بالنابل , الحرس القديم , و  الحرس الجديد , ومن استطاع ان يخلع رداء الامس , ويتحول من بوق للحرس القديم لبوق حرس اليوم , امتهن حمل الطبل والمزمار ومبخرة لتزيل روائح الفساد والعفن , ونجح في الحصول على مسئولية , وصار سلطة محلية .

نافذي الأمس , ونافذي اليوم , يتنافسون وتفوق نافذي اليوم عن أسلافهم بالأمس , في حصد المصالح والغنائم , وتعذيب الناس , وتدمير المدينة عدن , وقتل من يعترض طريق تلك المصالح , وهم يملكون أدوات القتل بدم بارد , قادة تقودهم أطماعهم وغرائزهم , واذناب يقتاتون على فتات موائدهم , ويحتمون بحمايتهم , ما دام القرار للبندقية فالقرار قرارهم .

كارثة حلت على عدن , وضاق الناس ذرعا بهم , وقرروا الخروج لرفض هذا السلوك , في انتفاضة , للاحتجاج والتظاهر , تنبيه تلك القوى لخطورة ما تقوم به , عسى وعل ان يصحو ضمير , ويفوق عقل من غفوته , وتتفتح عيون لا تشاهد إلا في حدود كروشها , يمكن ان يتضح لها مشهد المعاناة .

ولكن اتضح ان الشعوب في أنظمة الا وعي غير مرئية لحكامها , وأصواتها غير مسموعة , ويتصرف النافذون في هذه البلدان كما لو أنهم امتلكوا حق خاص , ومصالح خاصة , من المعيب التفريط فيها , وان المصلحة العامة لا وجود لها في قاموسهم , والكارثة انهم يقوم بتغليف مصالحهم الخاصة بشعارات أحلام الناس وتطلعاتهم , ورايات وطن مهدور , وعندما يتم فتح تلك الأغلفة تبرز بوضوح تلك المصالح , وعندما تنتهي المصالح تبدأ الأحقاد , تصنع زوابع ضحيتها المواطن والوطن , وهذا ما تشهده عدن .

مسكين الشعب في عدن , اعلن موعد الاحتجاج والتظاهر , وقرر الفاسدون دعمه , وزيادة حجم معاناته , وزادوه قهرا وبؤسا ومهانة , عندما يرهم في مقدمة صفوف الاحتجاج , بل يعتلون منصة الاحتجاج , دون خجل او حيا من أعمالهم المشينة التي لازالت في ذاكرة هذا الشعب , ولازالوا يتداولون حكاياتها من قتل وانتهاك اعراض الناس وبسط وسطو الأراضي , واهمال واللامبالاة بشئون المدينة .

أيها الناس في هذه المدينة المكلومة , مشكلتكم الطيبة والعاطفة , وتصدقون المنافق وانتم تعرفون انه منافق , ويكفي خصلة من خصاله ليعرف عن نفسه , اذا تحدث كذب , وإذا وعد أخلف , وإذا خاصم فجر .

من كثر ما كذبوا وأشاعوا أخبار كاذبة ومفبركة , وكثر ما وعدوا واخلفوا بوعدهم , حتى في اتفاقاتهم فقدوا كلمة الشرف والوفاء بالعهد وما تم التوقيع عليه , ومن كثروا ما غدروا وخانوا وخونوا , حتى صارت حكاياتهم أسطوانة مشروخة مقززه , لم يعد يصدقها الناس , وما اسوا الفجور في خصوماتهم , فلا تنسوا الكم الهائل من الاستعباط  والاستهبال بعقولكم في الترويج للقتل والحروب العبثية , ونفير المعارك التي لازالت تدمي الوطن وعدن , وهي معارك الهروب من الاستحقاقات الواجب تنفيذها , معارك تعبر عن فشل ذريع في إدارة الأزمات , والحفاظ على لحمة الأمة , والاجماع , وحفظ الوطن والهوية , وحفظ عدن جوهرة الجنوب واليمن والمنطقة برمتها .

احذر أيها الشعب كثرة ركوب الانتفاضات , من الفاسدين والمفسدين والمنافقين , انتفاضة لا تستطيعون  حمايتها من الركوب ستكون وابل عليك , ولديكم من التجارب ما يكفي معرفة حجم هذا الوابل , حماية الانتفاضة من ركوب المنافقين , صمام امان نجاحها , والله يوفقكم لما فيه خير لكم وللامة والوطن وعدن .